العرض الشرفي للوثائقي ''مزاهر تلمسان'' زهد وعلم وجهاد المرأة الجزائرية

تابع عشاق الفن السابع، سهرة أول أمس، العرض الشرفي للفيلم السينمائي مزاهر تلمسان للمخرج نور الدين بن عمر، فكرة ليلى، تأليف وسيناريو الياس بوخموشة، بالمركز الدولي للصحافة بتلمسان. وحاول مخرج العمل، وعلى مدار 52 دقيقة، تسليط الضوء على حياة نساء كتبن تاريخ المنطقة بزهدهن، وعلمهن وجهادهن، ولازالت أماكن مشهورة ومعلومة تحمل أسمائهن، بداية بمقام الولية الصالحة لالة ستي، التي اعتبرها الفيلم تاج عروس على رأس تلمسان تطل من الأعالي على المدينة، وهي التي جاءت رفقة زوجها نهاية القرن الثاني عشر الميلادي إلى  تلمسان الموحدية بدعوة من أحد أمرائها. وتنسب المرأة، حسب بعض المصادر، إلى كونها ابنة قطب الصوفية، ومؤسس الطريقة القادرية عبد القادر الكيلاني، دفين بغداد، وقد عرفت بصلاحها وزهدها وعلمها، فكان الأمراء والقضاة يلجأون إليها لطلب الفتوى والرأي، حسب شهادة بعض المؤرخين من الذين استنطقهم العمل. وقد تحولت لالة ستي من مجرد ضريح إلى فضاء سياحي فسيح، يؤمه مئات الآلاف من الزوار سنويا.  ومن أعالي تلمسان تنقلت كاميرا المخرج إلى أقصى الحدود، للوقوف على امرأة أخرى شهد لها بالصلاح والزهد والجهاد، وهي الحاجة لالة مغنية  المنحدرة من منطقة غريس بمعسكر،  وارتكز العمل على نقل شهادات المستشرقة ايزابيل ابرهارت، التي تقفت أثار لالة مغنية، وكتبت عن سيرتها وسيرة أحفادها في مناهضة الاستعمار الفرنسي حين دخوله الجزائر. المخرج استعمل الكثير من صور الأرشيف والتمثيل الخيالي، عندما تنقل للحديث عن سيدة منطقة الغزوات لالة غزوانة، التي حاربت الغزو الصليبي، ليعود الفيلم إلى مرحلة ثورة التحرير لتصوير ملحمة صمود وجهاد الشابة والطالبة الثانوية رشيدة جنات، ابنة الشيخ حميدو المعروفة بمليحة حميدو، والتي كانت تنتسب لمدرسة دار الحديث لجمعية العلماء المسلمين بتلمسان، زيادة على تمدرسها بثانوية المدينة التي تحمل اسمها اليوم. وفي سن السابعة عشر، كانت تشارك في العمليات الفدائية حاملة مسدسا في محفظتها، إلى أن تم توقيفها ببيتها في أفريل من سنة 1959 من طرف قوات جيش الاستعمار.  وتعرضت الشابة للتعذيب حتى ظفرت بالشهادة دون أن تنطق بكلمة واحدة عن شبكة الفدائيين، وهو ما صوّره الفيلم بطريقة خيالية أثّرت في الحضور، وهو التأثير نفسه الذي تركته الصور التي حكت قصة المجاهدة الشهيدة الحية فاطمة خليف التي قطع جند فرنسا كفيها عقابا لها على إعداد الطعام لجيش التحرير الوطني.