الطريقة العيساوية بالمدية جذور ضاربة في عمق التاريخ وأمل في البعث من جديد

كغيرها من مناطق الوطن، تزخر ولاية المدية بتراث شعبي متنوع وتقاليد راسخة لا تزال إلى وقتنا الحاضر في ذاكرة سكانها، والتي يأتي في مقدمتها الموروث الشعبي المعروف في الوسط المدايني بالعيساوة، أو الطريقة العيساوية. ولايزال أتباع هذه الطريقة إلى يومنا هذا يتوارثونها أبا عن جد من الشيخ أمحمد بن عيسى إلى الشيخ محمد بن سيدي عيسى، وصولا إلى سيدي بن علال الابن الأصغر للشيخ بن عيسى. ترجع جذور الطريقة العيساوية، حسب بعض العارفين بخباياها، إلى المغرب الأقصى، والتي تأسست في فترة حكم الس الشعبي إلى الشيخ أمحمد بن عيسى المغربي الأصل والمكنى بالشيخ الكامل المغربي، والذي اختار إحدى المناطق الريفية الجبلية ببلدية وزرة التي تبعد عن مدينة المدية بحوالي 7 كم موطنا له. وتبقى زاويته التي شيدها آنذاك شاهدة عليه إلى يومنا هذا.. هذه الزاوية كانت فيما سبق تستقطب أتباع الطريقة العيساوية من مختلف مناطق الولاية مرتين في السنة، وتمارس فيها العديد من الطقوس والشعائر الخاصة بالطريقة العيساوية، كاللعب بالسكاكين والسيوف وغرز الإبر وأكل الجمر، وإقامة ما يسمى عندهم بالحضرة.. هذه الأخيرة تتطلب استيفاء مجموعة من الشروط، على غرار طهارة المكان واستبعاد الألبسة ذات اللون الأحمر، ليبدأ بعدها الأتباع في تلاوة الأذكار والمدائح على وقع البندير و”الغايطة” والزرنة في أجواء أقرب إلى السحر والشعوذة منها إلى الحقيقة. وفي هذا السياق، يرى البعض أن الشخص العيساوي أثناء قيامه بطقوسه الخاصة، إنما يكون تحت تأثير الجو السحري والذي يسعى بعض الأتباع إلى التخلي عنه على أساس أنه لا تمت بصلة إلى طقوس الطريقة العيساوية الأصيلة. وقد عرفت الزاوية ازدهارا في القرن الثاني للهجرة على يد الشيخ موسى بن علال، إلى أن توفي، ليبقى أفراد عائلته يتداولون على القيام بالزاوية. لكن وللأسف الشديد توقف الأتباع عن إحياء طقوسها خلال العشرية السوداء بعد أن هجرها أهلها وتعرضت للتخريب آنذاك.  غير أن تحسن الأوضاع الأمنية بالمنطقة بعث الأمل من جديد في عائلة بن علال للتفكير في إعادة الاعتبار إلى الزاوية من خلال ترميمها قصد المحافظة على تقاليد شيوخها الأوائل، وكذا الحفاظ على هذا الموروث الشعبي الذي لا تزال فرقة عيساوة المعروفة بالمنطقة تحاول بعثه من جديد من خلال إحيائها ومشاركتها في عديد التظاهرات والمناسبات الثقافية المحلية منها والوطنية.م.ب