الجزائر

الطرز التقليدي اليدوي بتقرت .. مصدر فخر ومهنة راسخة في ديكور يوميات المرأة الورقلية



الطرز التقليدي اليدوي بتقرت .. مصدر فخر ومهنة راسخة في ديكور يوميات المرأة الورقلية
يعد الطرز اليدوي من الحرف التقليدية المتوارثة التي تشتهر بها منطقة تقرت بولاية ورقلة والتي تظل صامدة أمام كل التحولات التي تجتاح هذه الحرفة في هذا العصر سيما بعد دخول المكننة حيث تصر شرائح واسعة من النساء بهذه المنطقة الصحراوية على ممارستها والمحافظة عليها قصد استدامتها بين الأجيال.وتحول هذا النوع من المهن التقليدية إلى لغة تخاطب بين الحرفيات اللائي يعبرن من خلالها عن إبداعهن ومهاراتهن الحرفية ويعملن بكل جهد على التوفيق بين الأصالة والمعاصرة.تعتبر حرفة الطرز التقليدي اليدوي مصدر فخر ومهنة راسخة في ديكور يوميات المرأة بمنطقة تقرت التي توارثتها عبر الأجيال المتعاقبة وتعمل على نقلها إلى بناتها.وتعبر المرأة التاقرتية عن مواهبها وإبداعاتها الفنية من خلال نقوشها على أقمشة (خمار وحايك أو ما يعرف محليا بالبخنوق وغيرها) على شكل رسوم عديدة مستوحاة من عاداتهن ومن محيطهن المعيشي. وقد أصبحت هذه الحرفة مع مرور الوقت مصدر استرزاق للعديد من العائلات.وحسب الحرفية مريم محبوب التي تمارس هذا النشاط لأكثر من 28 سنة فإن تاريخ ظهور هذه الحرفة بمنطقة تقرت إلى زمن بعيد وجرى تطويره إبان العهد الاستعماري على يد "الأخوات البيض" حيث استغلن الشغف الكبير للمرأة بهذه المنطقة بصناعة الصوف منذ القدم واهتمامها بفن الطرز.وقامت الأخوات البيض - وفق ذات المتحدثة - بإنشاء مركز الطرز التقليدي في 1923 بمدينة تقرت والذي لا يزال ينشط إلى حد الآن حيث يقمن بتنظيم الحرفة وتقنين نقوشها وتطويرها.وقد ورثت السيدة محبوب هذه الحرفة من والديها وأحبت فن الطرز منذ الصغر واجتهدت لتعلمه وهو ما تحقق - كما قالت- في فترة وجيزة حيث تقوم بتلقينه حاليا لأزيد من 250 فتاة على مستوى ورشتين.وتتطلب هذه الحرفة - كما أضافت ذات الحرفية - "الكثير من التركيز والصبر حيث تستخدم النسوة أثناء حياكة مختلف منتوجات الطرز التقليدي خيط الصوف المغزول يدويا من طرف نساء طاعنات في السن اللائي يقمن بنسج الصوف الذي نستخدمه لحياكة منسوجاتنا التقليدية كما نستخدم أقمشة صناعية تلبية لأذواق الزبونات''.و''هناك أنواع مختلفة من الطرز، ويتعلق الأمر بالطرز الذي يعتمد على خيط الصوف أو خيط الحرير والطرز بالخيط العادي وطرز الترقال ولكل نوع تقنية معينة تختلف باختلاف القماش المخصص لذلك والرسومات والأشكال التطريزية التي ترغب بها الزبونة'' كما شرحت السيدة مريم.ومن جهتها اعتبرت كول يمينة التي تمارس هذه الحرفة منذ 32 سنة وهي أستاذة سابقة بمركز التكوين المهني والتمهين ببلدية النزلة وساهمت في تكوين أزيد من 1.000 فتاة أن الطرز يتطلب توفر عدة أدوات والخيوط منها الحرير وخيط الصوف والقماش وكذا الإبر الخاصة والمقص حيث يساعد توفر هذه الوسائل على إنجاز العمل بدقة متناهية.وتحمل الألبسة المطروزة يدويا أشكالا ورسوما توحي عادة بمناطقها وتميز بين هوية منطقة وأخرى. وقد تحمل على سبيل المثال أسماء لأماكن أو مدن على غرار الطيبات ومسعد وتيماسين والجلفة.الطرز التقليدي يستجيب لمتطلبات التجديد رغم عديد الصعوبات تعرف حرفة الطرز التقليدي بتقرت في السنوات الأخيرة رواجا ''واسعا" حيث تعدت شهرة منتجات هذه الحرفة حدود الجزائر لتكتسب شهرة عالمية من خلال المعارض الدولية التي ساهمت بشكل كبير في رواج هذه المتنجات التي أصبح الطلب عليها عالميا.وترجع السيدة يمينة هذا التهافت على هذه المنتجات إلى التحديث الذي أدخل بشكل كبير على الطرز سواء من حيث نوعية الأقمشة المستخدمة والتي كانت مقتصرة قديما على الصوف أومن ناحية الألوان التي أعطت لمسة جمالية لهذه المنتجات وتركيب رسومات التطريز والقصات الحديثة (أشكال ورسومات جديدة) التي أدخلت على الألبسة التقليدية المزينة مما أعطى لتلك المنتجات قابلية أكثر للتنافسية.وأضافت ذات الحرفية بقولها "لقد تفاجأت خلال مشاركتي في عديد المعارض الوطنية والدولية على غرار تونس والمغرب وميلانو بتهافت الزوار سيما من الفئات النسوية على منتجاتنا من الطرز التقليدي لما تتميز به من جودة وإتقان التي تعكس مهارات أنامل المرأة التاقرتية وهن يقبلن لإقتنائها إما للاستعمال الخاص أو تقديمها هدايا للأصدقاء مما ساهم في الترويج لهذه المنتجات الحرفية''.ولا زالت ممارسة هذه الحرفة -حسب المتحدثة- تواجه عديد الصعوبات من أهمها "نقص الإعانات وعدم توفر محلات لممارسة نشاطهن والنقص في الصوف ذي النوعية الجيدة بالإضافة إلى ارتفاع الجباية المفروضة على المشاركة في مختلف المعارض وهو ما يشكل عبئا وعائقا أمام التسويق والترويج السياحي للمنطقة ككل''.منظومة للإنتاج المحلي للنهوض بحرفة الطرز التقليديسيتم في القريب إنشاء منظومة للإنتاج المحلي للنهوض بحرفة الطرز التقليدي بولاية ورقلة حسبما أفاد مسؤولو غرفة الصناعة والحرف التقليدية. ويتوخى من هذه المنظومة التي ستضم مجموعة من الحرفيين المهتمين بنفس النشاط الحرفي والقطاع الإنتاجي المحافظة على هذه الحرفة ومساعدة الحرفيين على اقتحام الأسواق المحلية والدولية ومرافقتهم والتنسيق مع الهيئات والأجهزة لدعم هذا النشاط الحرفي مثلما أوضح مدير الغرفة أقرين مبروك.وتعتمد هذه المنظومة على جودة السلع المنتجة وتنوعها وعديد المميزات التنافسية الأخرى التي من شأنها ترقية منتوج الطرز التقليدي محليا ودوليا ذلك أن فكرة إنشاء هذه المنظومة ترمي في جوهرها إلى ترقية هذه الحرفة التي تتوفر منتجاتها على الكثير من المعايير التي تتطلبها شروط التصدير كما أضاف ذات المسؤول.ويتحصل كل حرفي على دخل مالي سنوي معتبر من مبيعات منتجات الطرز التقليدي وهو يعكس مدى رواج هذه المنتجات خاصة لدى السياح بمختلف المعارض المحلية والدولية حيث توجه تلك المنتجات (من فساتين ومفروشات ومنسوجات غيرها) إلى العديد من الدول الأوروبية استنادا إلى نفس المسؤول.وعرفت منتجات الطرز التقليدي في السنوات الخيرة رواجا "كبيرا" في عديد الدول العربية أيضا وهو ما يعني أن صادرات منتجي حرفة الطرز التقليدي بمنطقة تقرت تشكل عامل تحفيز من أجل العمل أكثر لترقيتها وتطويرها وتنويع الصادرات في البلاد كما ذكر مدير الغرفة. للإشارة، فقد سجل ضمن هذه المنظومة أزيد من 100 حرفي وحرفية مختصين في هذا النشاط والراغبين في الانخراط في المنظومة من بين عدد إجمالي يضم 219 حرفيا وحرفية مسجلين لدى الغرفة وهذا بالإضافة إلى 3.000 امرأة ماكثة بالبيت تمارسن هذا النشاط التقليدي غير مسجلة لدى هذه الهيئة كما قال أقرين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)