الجزائر

الطبيب يضرب الطبيب؟



 يتساءل الجزائريون عن دواعي ''العطلة'' التي منحتها لجنة المشاورات السياسية لنفسها. هل تعب ''الثلاثي'' بن صالح وتواتي وبوغازي؟ هل أنهم أصيبوا بـ''الخجل'' لأن عددا من الذين وجهوا لهم الدعوة لم يستجيبوا؟ خاصة بعد أن عبر رافضو الاستجابة لدعوتهم عن أسباب عدم تنقلهم إلى حي المرادية؟ لكن لم يخرج أحدهم عن الآداب العامة، وتعاملوا كلهم مع الدعوة في إطارها السياسي البحت. ويجب الاعتراف بأنه من حقهم أن يقولوا ما شاءوا، ما دامت السلطة تطبق ما شاءت هي وحدها منذ 1962، وإن كانت تريد منذ جانفي 2011 أن تتظاهر بالاستماع إلى الناس ومنهم من يخالفها الرأي.. لا علينا.
الكل يعلم بأن ما قيل لعبد القادر بن صالح وجماعته ليس سرا، فقد قاله قبلهم كثير من الناس. كما أنه لا أحد ممن تحدثوا في قصر المرادية أو من مكاتبهم، أو من الخارج أو عبر الفاكس وغيرها من وسائل التعبير لم يخترعوا أو يبدعوا أو يفاجئوا الجزائريين والجزائريات بآراء سياسية ''فريدة''. ولم نسمع أو نقرأ اقتراحا يمكن إدراجه في خانة ''الثورة'' في مجال التفكير السياسي. ولا شك في أنه بسبب ذلك تعب عبد القادر بن صالح وجماعته من سماع نفس ''الأغنية''. لأنه حتى الأذن تتعب ولو كانت تستمع إلى أحلى الأنغام التي تمتعها.
لكن ماذا يمكن أن يقول المرء لأعضاء اللجنة، التي يحدث في عهدها ما لم يحدث بأي بلد آخر في العالم وربما في تاريخ البشرية. ففي عهدها تعرض الأطباء الجزائريون الشباب للضرب في شوارع وهران والعاصمة. والأدهى أنهم يتعرضون للضرب العلني في الوقت الذي يتولى الوزارة طبيب مثلهم، درس نفس العلم الذي يدرسونه، لكن في رومانيا.
تولى قبل الدكتور جمال أطباء كثيرون المنصب الذي يتولاه اليوم في عهد لجنة المشاورات. لكن لم يفعل أحد من سابقيه ما يفعله لزملائه، سوى سابقه الطبيب الآخر الذي ينتمي إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه الوزير الحالي. ففي عهد الدكتور الآخر تعرض الأطباء أيضا للضرب في الشوارع.
من المفروض أن هذه الحالة وحدها تكفي لأن يقول أحد -أيا كان- لعبد القادر بن صالح إنه من غير المجدي للهيئة التي يرأسها وللذي عينها، وللجزائر خاصة، أن تستمع لـ''نفس الأغاني'' من أفواه نفس ''المغنين'' فيما يسمى بالمشاورات السياسية. وربما كان الأجدر توجيه الدعوة لطبيب نفسي ''كبير ومستقل وشجاع'' ليشخص دواعي وأهداف ضرب الطبيب لزميله الطبيب. ثم دعوته للتفضل بتقديم تشخيص نفسي دقيق لـ''الحالة الجزائرية'' التي سلمت من ''الربيع العربي'' وفي نفس الوقت لم يتوقف فيها الناس عن الانتفاض وما زال الذين يتكونون ليداووهم من أسقامهم يتعرضون للضرب في الشوارع. 
كان بإمكان لجنة المشاورات التي يقودها السيد عبد القادر بن صالح، أن تختصر الوقت والجهد، لو اختارت طبيبا نفسيا، ولا شك في أن أعضاءها ذاتهم يحتاجون إلى زيارة طبيب نفسي لأنهم هم أيضا سمعوا ما سمعوا منذ أن أقاموا مؤقتا في المرادية. ومع ذلك ''يحسن عونهم'' هم أيضا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)