الجزائر

الطباخ الجزائري فارس يروي ل “المحور اون لاين” قصته مع الطبخ



يعتبر فارس المنحدر من ولاية تيزي وزو و البالغ من العمر اثنين و ثلاثين سنة واحد من أشهر الطباخين بولاية تيبازة، كما تمكن من حصد العديد من إعجاب الأسر حتى خارج الولاية لما يقدمه من أطباق تنوعت بين العصرية و التقليدية بالإضافة إلى تحضيره لحلويات الأعراس .
كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا ، عندما قصدنا منزل فارس الواقع بأحد أحياء مدينة القليعة، ولاية تيبازة ، أين استقبلنا ابنيه ملاك و نعيم و زوجته بترحاب كبير و على المائدة طبق من خبز التونسي و الشاي التي حضرته زوجته لنا و بعد تذوقناه إياه عرفنا أن المنزل مليء بالمفاجأت و أسرار الطبخ و صناعة الحلويات.
حاورته فادية ل
يروي فارس حكايته مع الطبخ التي نشأت منذ طفولته قائلا : أحببت فن الطبخ منذ صغري فقد كنت أشارك أمي آنذاك في المطبخ و من حين إلى أخر كنت أحاول أن طبخ طبق معين، عندئذ قررت الدخول إلى هذا العالم الكبير عن طريق تربص أجريته بفندق مزفران بزرالدة أين درست فيه لمدة سنتين حيث كانت كافية لتعلم فنون الطبخ بكل أنواعه و أشكاله ثم توجه بعد ذلك إلى تعلم فنون الحلويات بنفس الفندق .
مشوار فارس لم ينتهي هنا و إنما اختار أن يطوره مهنته من خلال العمل في المطاعم بالجزائر العاصمة كما كان من حين إلى آخر يحضر حلويات في المنزل حتى طور نفسه و ذلك من خلال ابتكار أشكال جديدة يضيفها إلى بعض الأنواع التقليدية إلى آن فتح محلا رفقة زوجته التي كانت متخصصة في صناعة الكروشي فكانت بمثابة الوجه المربوح عليه و تمكن من التعرف على العديد من الأسر التي كانت تقصد محل زوجته و من هنا انطلق مشواره العملي مع عالم الطبخ و صناعة الحلويات. كما فتح مؤخرا مدرسة لتعلم فنون الطبخ و الحلويات بالقليعة و لأسباب عملية قرر غلقها ليستمر عمله في منزله .
* مركز التكوين المهني مجال للمعرفة و الإبداع و الشعبية
و في نفس الوقت كان و لا زال فارس يشرف على المطبخ بمركز التكوين المهني بالقليعة من خلال تحضير وجبات للمتربصين التلاميذ بالاضافة إلى تلقين فنون الطبخ و صناعة الحلويات لبعض النسوة حيث تمكن من إبراز موهبته بشكل كبير بعدما قررت مدير التكوين المهني منحه مرتبة أستاذ يشرف على تعليم أسس الطبخ و بدورهن النسوة تقبلن الفكرة بعدما ذاع صيت فارس في المنطقة حيث تشهد الكثير من المتربصات أنهن تمكن من تعلم العديد من الوصفات في فترة وجيزة كون أن فارس يعطي كل ما لديه من اجل تعلمهن طريقة الطبخ و صناعة الحلويات خاصة و هو ما لمسناه في احد المناسبات التي أقيمت بالمركز بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر أين حضر فيها مدير التكوين المهني لولاية تيبازة م ارزقي الذي أعجب بالمعرض التي قدمته المتربصات في مجال صناعة الحلويات تحت إشراف الأستاذ فارس كما عبر عن إعجابه الكبير له و بقدراته الكبيرة
* الجزائرية ماهرة.. لكن يبقى الرجل أشهر الطباخين
أردنا أن نعرف رأيه في السمعة الجيدة التي اكتسبها الرجال الطباخون، فذكر لنا بأن أغلب الطباخين في الفنادق المشهورة رجال لأن الطبخ في مثل هذه الأماكن يتطلب تكوينا خاصا وخبرة مميزة في ميدان الطبخ، وأغلب النساء يمتنعن عن اختيار ودراسة هذا التخصص الذي استقطب – ومايزال – عددا كبيرا من الشباب لأنه عمل مريح ومدخوله جيد، كما أن الرجل يتمتع بقدرة كبيرة على الإبداع وتزيين الأطباق أفضل من المرأة التي ترى في الطبخ عملا عاديا وروتينا مملا لا ينتهي أبدا، لذلك تغيب لمستها الفنية عن كثير من الأطباق لكن ذلك لا يمنعني من الاعتراف بأن المرأة الجزائرية طباخة ماهرة وتحسن تقديم الكثير من الأطباق خاصة الحلويات التي تفوقت فيها على غيرها من النساء العربيات، أما في مجال الطبخ الفندقي فلا تتواجد المرأة بنفس القوة التي يتواجد بها الرجل ولا تتمتع بنفس الخبرة والحضور الذي يحظى بهم الرجل .
* دخول المطبخ مهمة مستحيلة
شيّ اللحوم من مهمات الرجل، إذا كان خارج منزله بنزهة ما أو رحلة أما إذا كان داخل منزله فإنه يتأفف والبعض الآخر يسخر من كل من يساعد زوجته بأعمال المنزل، كثير من الرجال يبتعدون عن الطبخ إلى درجة أن بعض الراشدين غير المتزوجين عندما لايجدون ما يأكلون يذهبون للمطعم لتناول شيء بسيط أو يقومون بتسخين بعض الأكل الجاهز، لكن هذا كله يذهب مع الريح في حال رحلات برية أو بحرية فلا ينقص ذلك من قيمة الذكور. والغريب بالأمر أننا نجد الرجل بالرحلة وحده يندفع بسرعة البرق نحو النار فيشعلها ويبدأ بوضع أسياخ اللحمة مستمتعاً بذلك. وقد ينبري أيضاً لتحضير السلطات وكذلك غسل الفواكه وتحضير الشاي بعد الغداء إلا أن الكثيرين منهم يرفضون الدخول للمطبخ إلا لشرب الماء أو تحضير سندويشات الجبن إذا كان جائعاً.. هذا كان رأي الكثير من النساء الذين اكتشفوا استحالة دخول أزواجهم إلى المطبخ وكل واحد يقدم حجة وذريعة تختلف عن الأخرى لأنهم لم يتعودوا على الطبخ والكثير منهم يعتبرونه انتقاصا لرجولتهم التي لا ندري ربما قد يعيق اكتمالها رائحة البصل أو غيره من لوازم الطبخ الأخرى.. ويبقى ما اعتدنا عليه هو المتحكم في الكثير من تصرفاتنا وأعمالنا اليومية
* الطبخ في الاعراس …عندما يتفوق الرجال على النساء
كما تعتبر مهنة الطبخ في الأعراس من المهن الموسمية والتي تجد سوقا لها في فصل الصيف حيث تكثر الأفراح والأعراس، ورغم منافسة المطاعم والفنادق في إعداد وليمة العرس إلا أن لمهنة الطباخ أهميتها الباقية، اللافت في الأمر أن هذه المهنة يقوم بها الرجال، عكس الصورة النمطية التي تربط الطبخ والمطبخ بالمرأة. بالرجوع سنوات للوراء نجد أن عمل وليمة العرس كانت تقوم به النساء دون اللجوء للطباخ أو المطاعم، إلا أن فارس يرى أن الرجال أصلح في هذا الأمر، مستدلا بالفنادق التي يكون الطباخون فيها من الرجال وكذلك المطاعم.
فارس الذي بدأ مشواره المهني عاملا في المطاعم ثم تطور به الأمر إلى تعلم فنون الطبخ بعد قيامه بتربص بفندق مزفران بزرالدة، وإعداد المأكولات الشرقية والغربية،بالإضافة إلى صناعة الحلويات التقليدية و العصرية قال أن على الطباخ مراعاة أذواق الناس، فكل منطقة لها ذوقها الخاص في الطعام، وحتى في نوع الأكلة المقدمة، مما يتطلب من الطباخ تنوع المهارات وتنميتها، والقدرة على التصرف الصحيح.
ونوه إلى أن الكثير من العادات والمستحدثات التي أدخلت على الأعراس أصبحت تثقل كاهل العريس وأهله، مثل ارتفاع المهور، وصالة الأفراح، وإحضار الفرق الفنية، وعمل الغداء والعشاء، مما يتطلب إعادة النظر في هذه الأمور,كما ان للطباخ طريقة في عمل وتقديم وعرض الأطباق بصورة جميلة تضيف منظرًا شهيًا للأصناف.. والعمل بأقل الأشياء عكس النساء في الطباخة.. مضيفا أن الرجال يبدعون في الأعمال الخاصة بالنساء أكثر منهن ولهذا نجد بان هناك كثيرا من المهن التي ترتبط بالنساء خاصة ما يشتهر بها الرجال بشكل واضح فنجد أن أمهر الطهاة المشهورين هم من الرجال .
* للرجال لمسة خاصة
وبالرغم من منافسة الرجال لعملها في ميدان الطبخ كونها إلا أن الكثير من النساء الطباخات تعترفن بان للرجال لمسة خاصة تميزهم عن النساء إلى جانب أن الرجال خاصة في مجال الطبخ يتميزون بذوق يروق بشكل كبير إلى ذوق النساء. مشير بان مهنته بالرغم من كونها حساسة إلا أن هناك إقبالا كبيرا عليه مشيرا إلى إن زبائنه من فئات عمرية مختلفة وان معظمهن يثقن بذوقه. وفي نفس الوقت لا ينكرفارس أن هناك الكثير من النساء اللاتي يعملن في نفس المهنة يتميزن بالحرفية والذوق العالي إلا أن المسألة في النهاية تترك للذوق العام وللطريقة التي يفضلها الزبائن .
* الاستاذ فارس: هذا هو سر نجاح الرجال في الطهو
و رغم أن المطبخ كان العالم الخاص للمرأة لسنوات طويلة، لكنه لم يعد كذلك، فمهنة الطبخ اقتحمها الرجال، واشتهروا فيها، ويرجع فارس سر نجاح الرجال في الطهو حسهم الفني، فالطهو، على حد قوله، أقرب إلى الكيمياء، إذا اختلت مقادير الأكلة فشلت، بالإضافة إلى أن الرجل عضلاته قوية، ويتحمل الوقوف في المطبخ لفترة طويلة، فضلاً عن قدرته على الابتكار
ويحكي الاستاذ فارس قصة دخوله المهنة قائلاً: قررت تغيير مسار حياتي وتخصصت في قسم المطبخ، والحمد لله كنت من الذين غيروا فكرة الناس عن مهنة الطبخ في منطقتي
وبصفة عامة فإن الطبخ من ضمن شؤون المرأة الخاصة والتي لا يمكن تجاوزها، مع اعتقاد راسخ لدى المرأة بأن للطبخ أسراراً لا يمكن أن يعرفها سواها، فمن خلال الطبخ تخدم زوجها وأسرتها بما تقدمه من مهارات، إلا أن مطابخ الولائم وما تشهده المجالس الأسرية يقلب الأعراف الاجتماعية، فقد شارك الرجل المرأة في مهنتها واعتبر أن المشاركة ليست تنافسية بقدر أنها مساعدة للمرأة في تحمل عبء شاق يستلزم بنية جسدية تتحمل رفع أواني الطبخ الكبيرة والذبائح بأوزانها الثقيلة، في إشارة إلى شراكة تعاونية تتشكل وفق ظروف معينة، وفي أوقات محددة قد تتجاوز إلى تعاون بناء وسط المطبخ المنزلي، بحيث تستطيع المرأة توزيع مهامها بشكل أفضل.
كما نفى أن يكون هناك خجل من مهنتهم بل إنها مصدر فخر بتفننهم في مهارة لا يملكها الكثيرون مطالبين المؤسسات التعليمية والمعاهد تدريب كوادر الشباب كي ينخرطوا في مهنة أصبحت تدر الكثير من الأرباح والعوائد المغرية لأصحابها.
* طلبات على مدار العام و دعوات لإقامة معارض و حلم بإنشاء قاعة حفلات
حضي فارس بإعجاب الكثير من الناس و أصبح محطة اهتمام العديد من الجمعيات الفنية و الثقافية فقد شارك في العديد من المعارض التي أقيمت بالجزائر العاصمة و تيبازة و مناطق أخرى بالإضافة إلى مشاركته في حصص إذاعية و تلفزية يكشف فيها فنه الكبير مما ساعده على التعرف اكثر بالأسر و بيوت الأعراس التي أصبحت بدورها تقصد منزله من اجل تحضير أنواعا معينة من الحلويات حتى انتقلت العدوى الى ابنه الصغير نعيم صاحب الأربع سنوات و الذي فاجأنا و هو يملي علينا طريقة تحضير العرايش مشيرا والده انه يتمنى أن يصبح مثله شرط مواصلة دراسته .
اعن اخر كلام قاله لنا فارس هو امنيته بفتح قاعة حفلات تضم فضاء لصناعة الحلويات و الطرز و الحلاقة و الطبخ حتى يسهل من مهمات العروس في البحث عن ما تحتاجه .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)