الجزائر

الطائفية تجعل دولة البحرين أضعف دول الخليج صراع الشيعة ولعبة الطائفية بين السلطة والمعارضة



 حتى فترة قصيرة كان يسود الاعتقاد أن دول الخليج بعيدة عن الانفجار الاجتماعي. وساد الاعتقاد أن الطابع المحافظ لمجتمعات الخليج العربي والتركيبة القبلية لهذه المجتمعات، وانعكاسات ذلك على تركيبة الدولة، يجعل من الناحية النظرية إمكانية الانفجار أو الثورة على الأنظمة الحاكمة أمرا شبه مستبعد إن لم يكن مستحيل الحدوث، ولو في الظرف التاريخي الحالي. فلماذا شذت مملكة البحرين عن هذه القاعدة الخليجية..؟
يحذر الخبراء والمراقبون السياسيون من الانقسام الطائفي لمجتمع البحرين، ويعتقدون أنه يشكل عامل انفجار في هذه الإمارة، على عكس بقية الإمارات الخليجية التي تتميز بتجانس طائفي يبعد عنها شبح الانفجار، في ظل الأوضاع القبلية الحالية. وفي انتظار التطور الذي يحول الولاء من القبيلة إلى الدولة، وبالتالي تشبع السكان بثقافة المواطنة، تبقى الأوضاع على ما هي عليه، دون أن انتفاء الانفجارات ذات البعد الاجتماعي التي تبقى واردة الحدوث كل يوم وفي كل وقت.
المتأمل في أحداث البحرين يجد أن جزءا من المواطنين ينتفض براياته السوداء ضد السلطة، بينما يخرج بالمقابل جزء آخر من المواطنين في مظاهرات مساندة للسلطة الحاكمة، دون أن يعني ذلك أن السلطة فاسدة بالضرورة كما يذهب إلى ذلك المعارضون لها، ودون أن يعني ذلك أن السلطة صالحة كما يرى المساندون لها. ومن هذه الخلفية ينفي العديد من المتتبعين وجود تشابه لما جرى في كل من تونس ومصر وبين ما يجري في البحرين. ويرى هؤلاء المراقبون أن الدافع التحريضي لانتفاضة كل من تونس ومصر وانعكاس ذلك على البحرين أمر وارد.
لكن توقيت انفجار الوضع في مملكة البحرين جاء في الذكرى السنوية العاشرة للاستفتاء الشعبي على ما يعرف بميثاق العمل الوطني عام ,2001 والذي هو عبارة عن إجراءات إصلاحية سياسية واقتصادية أقرت، العام المذكور، في استفتاء شعبي. وهذه الإجراءات، كما يرى المتتبعون للوضع الداخلي في المملكة، أزاحت الكثير من الغبن الاقتصادي والاجتماعي على وجه الخصوص الذي كان يشتكي منه شيعة البلد. لكن الطموح السياسي لهذه الطائفة، خاصة عند رموزها، لا يمكن أن تطفئه إصلاحات ذات بعد اقتصادي واجتماعي، خاصة مع تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، وأفول دور العراق الذي كان يمثل رمزا لقوة السنة في المشرق العربي عموما وفي الخليج خصوصا، وكبحا لنزوح شيعة المنطقة نحو النزعة الاستقلالية والولاء لإيران المذهب على حساب ولائهم لأوطانهم.
السلطات البحرينية تدرك دون شك خطورة الخلل الطائفي، لذلك لجأت إلى إصلاحات في .2001 وهي الإصلاحات التي أسعدت الشيعة حيث مكنتهم من الفوز وتشكيل أهم وأكبر كتلة معارضة في البرلمان، وبالتالي مكنتهم من التخلص من الكثير من مجالات التهميش التي ظلوا يعانون منها. لكن مع ذلك تبين لدى هؤلاء أنهم يستحقون أكثـر، وفي حاجة إلى جرعات إضافية تمكنهم من مكاسب سياسية أخرى، وهذا أمر عادي وطبيعي في السياسة، وربما جاءت اضطرابات هذه الأيام لنيل هذه الجرعات الإضافية.
على ضوء ما سبق، تبقى الإشارة إلى أن الحساسية الطائفية تتجاوز الحدود السياسية والجغرافية لدول الخليج. وهذا الجانب له تأثيرات سلبية وإيجابية على جميع الأطراف المشكلة للمجتمعات المعنية بالظاهرة، بمعنى أن وجود الدور الإيراني هو عامل مشجع لشيعة البحرين على سبيل المثال، لكنه في نفس الوقت عامل دعم لسلطات البحرين الذين يجدون دعما غير مشروط من سنّة بلدهم وسنّة المحيط العربي المجاور.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)