الجزائر

الضريبة على الثروة مرهونة بالقضاء على السوق السوداء


على الرغم من دخول القانون الملزم بدفع الضريبة على الممتلكات حيز التنفيذ منذ صدور قانون المالية للسنة الجارية في الجريدة الرسمية، إلاّ أن الحكومة والمديرية العامة للضرائب ستواجه العديد من العراقيل الميدانية في تفعيل هذا النوع من الإجراءات وتجسيدها في الواقع؛ بالنظر إلى جملة من المعطيات والمؤشرات التي تحيط بالمنظومة الاقتصادية الوطنية.على هذا الأساس، يقف استفحال ظاهرة السوق الموازية والاقتصاد غير الرسمي أمام فرضية تفعيل الضريبة على الممتلكات المنصوص عليها في قانون المالية لسنة 2020، من منطلق أنّ نسبة كبيرة من الأنشطة الاقتصادية والمعاملات التجارية تتم في الظلام بعيدا عن أعين الرقابة وبيانات الإحصاء الضرورية لفرض الضرائب.
وفي هذا الشأن، شدّد الخبير المالي والاقتصادي، حميد علوان، على أنّ إنجاح هذه الخطوة مرهون بإنشاء بنك معلومات ذي مصداقية، يمسح كل الولايات الوطن من دون أدنى استثناء، وهو الأمر الذي قال إنه لا يمكن تصوره في ظل الوضع الراهن للاقتصاد الوطني، بينما تتسع باستمرار دائرة الاقتصاد غير الرسمي والنشاطات غير المصرح بها، كما هو الشأن بالنسبة للسوق السوداء للعملة الصعبة التي تمثل كتلة نقدية كبيرة غير خاضعة للقانون، وتعد بمثابة ثروة حقيقية "خارج السيطرة".
وأوضح المتحدث في تصريحه ل"الخبر"، بأنّ الأمر يتعلق برقمنة الإدارة التي من شأنها جعل المعلومات متاحة للإدارة والمهنيين والخبراء، من منطلق أنّها الأسس التي يقوم عليها فرض هذا النوع من الضرائب. وأضاف أنّ العمل بهذا الإجراء، بناء على هذا، "ذر الرماد في أعين الجزائريين"، وبالتالي كان من باب أولى العمل على القضاء أو التخفيف على الأقل من وطأة السوق الموازية، قبل المضي إلى فرض ما يعرف بالضريبة على الممتلكات.
وفي السياق ذاته، أشار الخبير إلى أنّ في الجزائر الثروة غير مصرح بها وغير مصرح بمصدرها أيضا، ما يناقض التعامل معها بالشكل القانوني من خلال فرض الرسوم الجبائية عليها، متسائلا عن المعايير التي يراد التعامل معها من أجل إحصاء أصحاب الممتلكات، في حين أنّ الواقع يكشف العديد من الممارسات والعديد من الطرق للتحايل على مصالح الضرائب، عبر عدم توثيق الممتلكات أو توزيعها على مجموعة من أفراد العائلة.
ودعا حميد علوان، من الناحية المقابلة، السلطات العمومية إلى ضرورة بذل الجهود في سبيل تحصيل الضرائب العادية لضمان نسبة معينة من العدالة الاجتماعية في المجال الجبائي، القائم على الضريبة المقتطعة مباشرة من أجور العمال والموظفين. فيما تشير الأرقام إلى أنّ ما يزيد عن 50 في المائة من الضرائب غير محصلّة ولا تدخل حسابات الخزينة العمومية تبعا لذلك.
واستبعد المتحدث، بناء على كل هذه المعطيات، أنّ تقوم المصالح المختصة بإحصاء جميع الأشخاص المعنيين بهذه الضريبة خلال فترة أسابيع أو أشهر، بل حتى خلال سنوات في ظل عدم وجود معايير لاقتصاد حقيقي، قائم على أسس قانونية واقعية وتعاملات رسمية وفوترة، مستدلا أنّ الجهات الرسمية عادة ما تكتشف معاملات كبيرة خارج الفوترة، وبالتالي فإنّ تجسيد الضريبة واقعيا مؤجل إلى إشعار غير معروف لكونه مرتبطا أساسا بنتائج الإحصاء.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)