الجزائر

الصلف الإيراني الذي أيقظ العرب



الصلف الإيراني الذي أيقظ العرب
ربما تكون "عاصفة الحزم" العربي قد نفذت في المكان الخاطئ، وحتما في توقيت متأخر، لكنها هي أول قرار عربي صرف، من كيان جريح مستنزف مستهدف من محور شر ثلاثي الرؤوس، عبث بالفضاء العربي طولا وعرضا منذ عقود، استباح سيادة دوله، وأهان كرامة شعوبه.الشعوب العربية كانت تنتظر تحريك "عاصفة الحزم العربي" عشية انطلاق عاصفة الصحراء الصليبية، التي هيأت العراق للسقوط الحرّ في أحضان الحلم الإمبراطوري الإيراني، بإعادة كتابة تاريخ ما بعد الفتح الإسلامي، وكان للعربي المسلم حزمٌ مماثل ضد الصلف الصهيوني في لبنان والضفة وغزة، وكنا نريده حاضرا إلى جانب السودان قبل أن يُقسّم، وإلى جانب ليبيا قبل أن يفتك بها النيتو.ومع كل التحفظات المشروعة حيال الموقف العربي الرسمي، فإنه لا يمكن لأي عربي أن يدين التدخل العسكري العربي، قبل أن يزن بدم بارد تداعيات بسط الهيمنة الإيرانية على موطن النشأة الأول للعرب في اليمن، والتي حاولت استنساخ نجاحها في العراق ولبنان وسورية، وتريد "القبض" على رابع عاصمة عربية.الخيار العسكري لوقف الانهيار الحاصل في اليمن، وتبعاته على أمن جزيرة العرب، كان عربيا صرفا حتى مع حصول عِلم أمريكي مسبّق به، وقد فاجأ الجميع، بدءا بإيران التي اعتادت على خذلان النظام العربي الرسمي لقضايا دوله وشعوبه، وانتهاء بالقوى الغربية التي لم تكن لتقف في وجه قرار اشتركت فيه تسع دول عربية، وحظي بدعم تركي وباكستاني لا غبار عليه، كما قوبل بشبه إجماع داخل الجامعة العربية، باستثناء احترازات لبنان والعراق. وقد يفسر امتناع الجزائر عن تحرير احتراز، كما دأبت عليه في الأزمتين الليبية والسورية، كحالة من الدعم الضمني أو التفهّم الواقعي لدوافعه.وفي كل الأحوال ليس لأحد، من داخل الإقليم العربي أو من خارجه، أن يحرّم على العرب ما استحله الجميع منذ الغزو الأمريكي للعراق، واستباحة النيتو للشقيقة ليبيا، والعبث الغربي الصهيوني بوحدة السودان، أو يستنكر على العرب الحق في مواجهة عدوان ثلاثي "صليبي صهيوني إيراني" يتناوب عليهم منذ قرابة القرن، ونراه يخرج للعلن في تعاون مفضوح، تقاطعت فيه المصالح، وقُسمت فيه الأدوار، وجُربت فيه تقنياتٌ مبتكرة في تفكيك الدول عبر ربيع مركوب.وقد يكون من واجب القمة العربية التي تبدأ اليوم السبت أن تبني على هذا القرار، حتى لا يكون محض ردة فعل محدودة في الزمن والمكان، وأن تبحث بجدية وواقعية، ليس فقط في سبل بناء قوة عربية مشتركة لا تستثني أي تهديد خارجي على العرب، بدءاً بالتهديد الصهيوني الدائم، بل تؤسس لاستراتيجية دفاع عربية شاملة: عسكرية، صناعية، مالية، اقتصادية، هي في متناولنا، سوف تغني العرب عن تسوّل الحماية الأجنبية، أو المداهنة المهينة في حقوق الدول والشعوب العربية، وقتها يمكن أن نقول لإيران شكرا، لأن صلفها يكون قد أيقظ العرب من سبات قاتل ومهين.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)