الجزائر

#الشيخ_سيدي_محمد_بن_لكبير (1911 ـ 2000م)



#الشيخ_سيدي_محمد_بن_لكبير (1911 ـ 2000م)
هو الشيخ سيدي محمد بن لكبير بن عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، يعود في نسبه إلى الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، أما والدته فهي السيدة أمباركة رحموني، ولد بقصر الغمارة ببودة الواقعة على بعد 25 كلم غرب مدينة أدرار سنة 1911م الموافق 1330هـ. توفيت والدته قبل بلوغه الثالثة من عمره، درس في مسقط رأسه فحفظ القرآن الكريم ومتون الفقه والنحو والتوحيد، انتقل بعدها إلى تمنطيط حاضرة توات أين تتلمذ على يد الشيخ سيدي أحمد ديدي، انتقل بعدها إلى تلمسان أين درس على يد الشيخ عبد الرحمن بن بوفلجة، والذي طلب منه الذهاب مع وفد من العريشة لتعليم أبنائهم القرآن، فبقى معهم الشيخ خمس سنوات متنقلا ما بين تلمسان والعريشة والمشرية، وتخرج على يديه هناك الكثير من الائمة والفقهاء والمدرسين.
عاد بعدها الشيخ إلى مسقط رأسه لغمارة ببودة سنة 1943م استجابة لدعوة والده الذي أصبح في حاجة ماسة إليه، وما إن استقر به المقام حتى علم به بعض أعيان تيميمون فوقفوا على أبيه ملتمسين منه السماح له بالذهاب معهم ليكون معلما عندهم للقرآن والعلوم الشرعية، فأجابهم إلى مطلبهم مؤثرا حاجتهم لعلمه على حاجته لخدمته. وهكذا انتقل الشيخ إلى تيميمون التي افتتح بها مدرسة قرآنية وزاوية أصبحت منارة للعلم في منطقة قورارة، وتوافد عليها الطلبة من كل مكان، ومن أشهر تلامذته هناك: الشيخ الحاج سالم بن براهيم، وعمار أقاسم، والحاج عبد القادر أخ الشيخ بلكبير…وغيرهم. لكن ازدهار المدرسة والتفاف الناس حول الشيخ لم يرق للإدارة الاستعمارية فراحت تحيك المؤامرات والدسائس ضد الشيخ ومدرسته، حيث أنه في أواخر سنة 1948م استغلت الإدارة الفرنسية حادثة تأديبية من أحد المعلمين المساعدين للشيخ ويدعى الطالب الصديق لبعض المنتسبين للمدرسة لتتخذ منها قضية، وقدم مساعد الشيخ لمحاكمة صورية، وبعد هذه الحادثة غادر الشيخ مدينة تيميمون وعاد إلى مسقط رأسه مع أخوه عبد الله وبعض طلبته.
في عام 1950م اجتمع بعض من أعيان مدينة ادرار وقرروا إنشاء مدرسة قرآنية ومسجد، ولم يجدوا أحسن من الشيخ للإشراف عليهما، وحتى لا يرد الشيخ طلبهم قصدوا شيخه سيدي أحمد ديدي بتمنطيط، ملتمسين منه التوسط لهم عند تلميذه محمد بن لكبير لقبول تولي ذلك، فقبل الشيخ بالكبير ما طلب منه شيخه وافتتح مدرسته وزاويته في تلك السنة، وبعد مدة قصير أصبحت الزاوية منارة للعلم في منطقة توات بل وفي الجزائر والعالم الاسلامي قاطبة وتوافد عليها الطلبة من كل مكان، وإلى جانب دورها العلمي كان للمدرسة دور ريادي كبير خلال الثورة التحريرية المباركة, تجلى في تلك الدروس والمواعظ التي كان الشيخ يلقيها, يحث فيها الناس على الصبر والثبات والجهاد في سبيل الله, خاصة مع المكانة التي كان يحتلها وسط السكان, كما استقبلت الزاوية المجاهدين من الولاية الخامسة والسادسة, وكانوا يتنكرون في زيّ الطلبة والضيوف القادمين من الشمال, ومن المجاهدين الذين قدموا عليها: المجاهد شريف بن سعدية, وأحمد دراية, وبن لهوشات, بل أكثر من ذلك أن أحد الفرنسيين ويدعى (نهكرلو) اعتنق الإسلام وأصبح يشتغل سر مع المجاهدين, وكان للشيخ الدور الأبرز في إسلامه. كما كان للشيخ الفضل في تجنيد الكثير من المتعاونين مع الاستعمار في صفوف جيش التحرير الوطني بفضل مكانته وصيته.
وبعد الاستقلال واصل الشيخ رسالته العلمية والتربوية وبلغ عدد الطلبة بالمدرسة أزيد من 1200 طالب دفعة واحدة، كما ساهمت المدرسة في تخريج آلاف من الأئمة والمدرسين حيث لا تكاد تخلو منطقة من مناطق الوطن من أئمة أو مدرسين تخرجوا من مدرسة الشيخ، أو تتلمذوا على يد طلبته، وهذا ما أكسب الشيخ محبة واحتراما من الجميع، وجعله مثلا للوسطية والاعتدال، توفي الشيخ رحمة الله عليه صبيحة يوم الجمعة 16 جمادى الثانية سنة 1421هـ الموافق15سبتمبر2000م عن عمر ناهز89 سنة، وصلى عليه يوم السبت بالمسجد الكبير لزاويته ابنه الحاج عبد الله في جموع لم تشهد لها مدينة أدرار مثيلاً بحضور السلطات المدنية والعسكرية يتقدمهم رئيس الجمهورية الأسبق السيد عبد العزيز بوتفليقة, وألقى تلميذه ورفيق دربه الوفي الشيخ الحاج سالم بن إبراهيم كلمة تأبينية، ووري جثمانه الثرى بجانب زاويته ومسجده، عليه رحمة الله ومغفرته ورضوانه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)