هو ا محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن أبي زيان بن عبد الرحمان بن أحمد بن عثمان بن مسعود بن عبد الله الغزواني بن سعيد من
موسى بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أحمد بن عبد السلام بن مشيش بن أبي بكر بن علي بن حرمه بن سلام بن عيسى بن مزوار بن
على حيدرة بن محمد بن إدريسر بن إدريسر بن الحسن الثنى بن حسن السطي بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وفاطمة الزهرا ء بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم
" هاجر سيدي مسعود من بلده مراكش حيث كان يقيم بها في زنقة دريبة هنتاتة فخرج من بلده رفقة عبده أسعادة الصالح إلى أن وصلا بلاد
بشار فنزلا بقصر زقور فاستوطن مسعود القصر بعد أن رحب به أهله لما علموا من صلاحه و شرف نسبه فتزوج منهم امرأة صالحة
ولدت له ولدا سماه عثمان. زهد هذا الأخير في الدنيا فاختلى بجبل بشار فحفر عينا و غرس بستانا به نخيل و أشجار و عاش هناك و
تزوج فأنجب ولدا سماه أحمد وأنجب بنين و بنات آخرين . فكان لأحمد هذا فيما بعد و لد اسمه عبد الرحمان الذي زوجه والده فكان معه
بقصر زقور إلى أن توفي الوالد أحمد المذكور . فبقي عبد الرحمان بن أحمد المذكور مع إخوانه و أهل البلاد إلى أن قامت فتنة بين قبيلة
أولاد عزي و أولاد موري الساكنين بقصر زقور فنهاهم سيدي عبد الرحمان بن أحمد عن الاقتتال فلم ينتهوا بل قتلوا ابن أخيه سيدي محمد
بن اعمر بن أحمد المدفون هنالك قرب قصر زقور (قبره معروف اليوم وله قبة و بالقرب منه قبر عليه حجارة من أحجار الوادي يقول الناس أنه قبر سيدي مسعود القادم من مراكش المذكور سابقا ) الأمر الذي جعل سيدي الحاج عبد الرحمان بن أحمد يهجر البلاد بلاد بشار إلى جرف التربة موضع على ضفة وادي جير فنزل بدشيرة يقال لها دشيرة الناموس (البعوض) فأقام بها سنينا ثم انتقل منها إلى القنادسة اليوم لكونها أي (دشيرة الناموس) كانت بطريق المسافرين و لكثرة البعوض بها فقال : " ما أخرجني منها إلا بو مسمار و بو منقار" و هو يقصد ببو مسمار كثرة الضيوف و ببو منقار كثرة البعوض .فاستوطن بلاد القنادسة بعد أن سمع هاتفا يقول له : يا عمار . أي عمر هذه البلدة و استوطنها .
كانت قرية العوينة فقيرة أرضها لا تنبت الا قليلا وكان أهلها يحملون الملح من مكان الى آخر يبيعونه ليستقاتوا قيمته ، ذلك لأن النشاط
الزراعي كان جد محدود لعدم توفر المياه الكافية للسقي وكان لا يكاد ليفي بالحاجيات الضرورية للسكان.
ولد ا محمد بن أيي زيان في هذه البيئة حوالي1062ه 1650م بتاغيت أحد القصور الخمسة التي يسكنها بنوكومي وهو شعب لا يغتلف عن سكان المنطقة ضل عبر تقلبات الزمان محتفظا ببعض البقع الأرضية التي كانت تقع على الضفة اليمنى من نهر زوزفانة وبعض النخيل الذي امتلكته قبيلة دوي منيع .
انتقلت عانلة ابن أبي زيان إلى هذ» المنطقة لترعى نخيلا كانت قد ملكته مع هذه القبيلة
عاش ا محمد بن أبي. زيان منذ طفولته لا يشغلا شيء عن الله ، ارتفع بإيمانه وسلامة فطرته . فلما شاهد أبوه فيه ذلك أرسله إلى زاوية الشيخ العارف بالله سيدي مبارك بن عزى الغرفي بسجلماسة بقصد الانتفاع وقراة العلم
وكان سيدي مبارك بن عزى من أكابر العلماء وأعظ الأولياء» جمع بين العلوم الظاهرة والباطنة عالما عاملا،صاحب ورع وزهد. نصب نفسه للتدريس في زاويته التي كان يلقن فيها
لطلبته مختلف العلوم
كان شيخنا ناصري الطريقة حافظ على أصلها الزورقي الذي يتوجه إلى النخبة، معتمدا
على لعلم كأساس آلمعرفة وكسلوك في لتصوف وقد كان يقول عن الحضرة التي تجعلها
الأشياخ غيره.
إن حضرتها صباح مساء» لا تنقطع ، إنها التدريس حضرتنا جمع أهل العلم لا تنقطع
لتقرير الشرع والسنة المحمدية ،فلا حاديث النبوية ذكر، وتقرير الأحكام ذكر، وحضرتها لا
يجلس لها إلا العارفين وهي بالسكينة والوقار، وغيرها بالرقص والشطح وحضرتنا منتفع
حاضرها وذلك على الأمرين يحتمل ويحتمل .
هكذا كان الشيخ سيدي مبارك بن عزى يمضي أيامه وساعاته مسبحة مهللة صافية نقية .
~ وقد لازمه محمد بن أبي زيان قرابة عشرين منة خلالها كان ينتهل من العلوم القرآنية
_- ه وما يتصل بها، صدق مع الله فوق زينة الحياة وزخرفها فكان لا يأنس إلا بالله ولا يصغي إلا
لنداء العقيدة ويتربى على الطريقة الناصرية الزروقية .
~ هذه المدة شاهد بن أبي. زيان مدينة سجلماسة وهي تعرف تطورا بإزدياد سكانها
واتساع عمرانها رغم الظروف التي عرفها المغرب نتيجة كثرة الفتن وما انجر عنها من
متاعب اقتصادية ، ومشاكل اجتماعية لكن الحياة الثقافية بها لم تتأثر بل بالعكس فإن عددا
كبيرا من العلماء» هاجروا اليها لبعدها من محاور الصراعات والفتن. .
بقى بن أبي زيان ملازما شيخه إلى حدود سنة 1089هـ . وهي السنة التي وصل فيها الطاعون بسجلماسة وكان من بين ضحاياه الأوانل
الشيخ سيدي مبارك بن عزي وقد سنل وهو في النزع الأخير عمن يتولى غسل جسده الطاهر فقال محمد بن أبي زيان ليعلم بذلك من حضر
من الأخوان إنه هو الوارث لسره». فلما توفي رحمه الله غسله وخرج بعد ذلك قاصدا مدينة العلم فاس . وكان السبب في خروجه من
سجلماسة إلى فاس هو الزيادة في العلم وطلب ما لم يبقى موجود فيها وزد عن ذلك الوباء الذي تفشى فيها.
استقر شيخنا بمدرسة سيدي مصباح إلى أن فتح الله عليه بالعلم الشريف الظاهر منه والباطن . قد عرف عند أقرانه و أسادته بالخير
والصلاح والزهد في المتاع ، حتى أنهم شاهدوه» إذا أتاهم خراج السلطان وعطاؤه» للطلبة لا يلتفت له بوجه ولا حال ، ولسد رمقه كان
يضطر في بعض الأحيان الأخذ من فضلات الناس التي يرمونها وفي غالبها كان يتغدى بالأعشاب ، حتى أنه التقط ذات مرة حشيشا وأكله
وكان ربيع الحرائق فما شعر إلا وقد انتفخت بأكله شدقيه ، اعرض عن الدنيا وصدف عن زينة الحياة واعتنق التقشف والحرمان كان يرى
الصبر طريقة الزهد
.وصبر على الجوع بالسرور لا بالفتور و الصبر على العرى بالفرج لا بالحزن والصبر على البؤس بالرضا لا بالسخط والصبر على الصيام
بالإقبال لا بالملاله كان هذا من أجل إذلال النفس
للتحكم فيها وكبح جما حها و المجاهدة فيها لترقى المقامات الصوفية العالية . هكذا عاش السنوات الثمانية في فاس
1089/1097هـ . حتى اتهمه سلطانها بالشعوذة والسحر وأرغم على الخروج منها فارا بنفسه لما فتح الله عليه بالعلم الشريف الطاهر
والباطن وصار الناس يتحدثون به لما رأو له من الخير والصلاح وخاصة بعدما أسال الزيت بقلمه
في جدار القرويين على مرآى و مسمع من الطلية الدين طالبوه بأداء نصيبه منها وهذه حالة لا
يمكن أن يعيها إلا العارفين أمثال أساتذته أحمد الحبيب اللمضى والشيخ علي بن تيرس الذي
كانا يلازمانه وينصحا» بالتكتم حتى لا يعرف امر» أما شيوخه الذي اخدمنهم بفاس فنذ´كر
منهم :
الشيخ عبد القادر الفاسي
الشيخ عبد السلام أحمد جسوس
الشيخ أهمد بن العربي المعروف بابن الحاج
الشيخ أحمد اليمنى
الشيخ أحمد الحبيب اللمضى
الشيخ علي بن تيرس
إن محمد بن أبي زيان ما أحرجه من فاس هو الحال الذي أصبح يميزه كواحد من المتصوفين الذين بلغوا شأنا عاليا في هذا المجال لذلك
خرج قاصدا القنادسة .
وقد استوطن بها لطلب من قبائل ذوي منيع التي رغبته في البقاء بين طهرانها تبركا به واحتياجا منها لخدمته ,و إما أن يكون استقراره
بالقنادسة رغبة منه في تعميق صلته بربه عن طريق التقشف و الإختلاء ، لأن المنطقة كانت مهيأة لذلك وتساعده على تطبيق اختياره
، وهو نهجة في التصوف بحكم قساوة طبيعتها وبعدها عن حركة المرور.
اختار إبن أبي زيان إذن منطقة العوينة التي كانت تناسب طبعه التقشفي في مواصلة مسيرته التعديبية بعيدا عن الأنظار ومراقبة العيون .
كان يقضي أغلب أوقاته في الخلوات العديدة التي كانت له خارج القرية خصوصا في جبل بشار وحمادة كير بقصد التعبد راضيا بالعيش
البسيط، يخصف نعله فلا تفارقه الإبرة في قرابه الذي يحمله على عاتقه ، يجعل فيه ما تيسر من التمر وقطعة خبز واللوح والتسيح وكان
ملبسه الصوف الغليظة ويعمل على رأسه شاشية بهذه الأحوال عرف
بهذه لاأحوال عرف وشاع خبر داخل البلاد وخارجها وزادت شهرته عندما حج راجلا ثلاث مرات كان خلالها وعلى طول الطريق يتأثر ويأثر
يأخذ ويعطى يتلقى ويلقن يزور ويزار
. تكون له بذلك أتباء ومريدين أخذوا يفدون عليه تبعا بقصد الزيارة
تاريخ الإضافة : 24/11/2011
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : kenadsa.kinssha.org