الجزائر

الشعب يريد توفير الشموع



الشعب يريد توفير الشموع
أسامة وحيد
الحكومة التي تتلاعب بأرقام الشمس وبدرجات لفيحها في مخادعة "المحترقين" بها وفيها من مواطنين أصبحوا عرضة لسكتات دماغية وقلبية ومعوية مباغتة لأن سلطة النار قررت مرواغة الشمس فقتلتنا، تلك الحكومة تعيش هذه الأيام على وقع نيران من نوع آخر.. نيران ذات ضغط عال، ومن احتجاجات الزيت و"الكفر" برب السكر التي كادت أن تجر غد البلاد إلى مستنقع ثورات يقولون إنها "شعبية"، إلى انتفاضات السكن وما خلفت من دعم "قانوني" لحق الثائرين في أن يكونوا زبائن معززين في سجون بلعيز، وصولا إلى الكهرباء وأزمة انقطاع "الضوّ" التي أخرجت مجتمع الظلمة ومجتمع المضلومين إلى الشارع لتتحول ولايات بسكرة والوادي وخنشلة إلى حلبات للصراع وللشغب والاحتجاج بين المكتوين بنيران حرارة شمس أخفت الحكومة درجاتها ليكشفها العجز الكهربائي الذي لم تستطع "كوابله" أن تساير الكذب على "الشمس وضحاها"..
من يقولون و"يقاولون" بسجل أن الجزائر تختلف عن تونس وعن مصر وسوريا وليبيا وعن بقية بؤر التوتر العربي العابر للقارات ولقرارات الإصلاح الموسمي، يتلاعبون بحقيقة ما يجري على أرض الواقع ويقفزون على غد ملغم أصبح مرادفا للفوضى الشاملة التي عمت و"عوّمت" البلد ورغم ذلك ما زالوا، وأعني من يعلمون بأنهم مصدر "الهمّ"، يراهنون على عامل الوقت لتجاوز ما تحول عندنا إلى "عادة" وعبادة يومية لفوضى الأشياء وفوضى الابتذال. فكما غرقت مصر في جمعات "التغيير" والتحرير والتحوير لمستقبل أرض الكنانة وكما أضحت مصر عبارة عن مسرحية "بايخة" عنوانها بين المسيرة والمسيرة تجمع في ميدان وفي جمعة "تغرير"، فإن حالنا لا يختلف بفوضاه في قطاع السكن وفي قطاع الجوية الجزائرية وفي قطاع الكهرباء وفي قطاع واقتطاع الراواتب وفي قطاع وضياع الصحة والتربية عما يجري من تهاوي بمصر، فكلنا في "الهم" غم ، وكلنا في الفوضى أعراب وكلهم في السلطة نفس "السذج" ونفس الحكام والحاكمين الذين لا يعتبرون مما جرى ومما يجري من تحولات في مرواغة لأنفسهم حين يتعمدون على تسيير النار بدلا من إطفائها..
قبل أن تطفو على "السطع" والسطح انتفاضة الكهرباء التي رفعت معدل "الغاز" في رؤوس الكافرين بالسونلغاز وبالسونطراك وحتى "السونرياح" المنقرضة، كانت مختلف جهات البلاد قد عاشت خلال شهرين متتاليين على وقع احتجاجات لم تستثن منطقة ولا ولاية أو بقعة إلا أحرقتها فتنة "السكن". ورغم أن الأمر كان يماثل ويشبه العصيان السكني، ورغم أن الأمم المتحدة في حد ذاتها وبشحمها و"هرمها" حركتها مشاعر "السكن" فدست أنفها الأممي بإيفاد لجنة تقصي دولية على جناح السرعة لمعرفة ماذا يجري في بلد مشروع المليون سكن والمليون محل تجاري والمليون منصب عمل، إلا أن تلك الفوضى وذلك الجنون وهذا الابتذال لم يحرك في قراءة السلطة ولا في رجالها، لأزمة وطن على حافة الاجترار والانفجار قيد أنملة، فهم مثلما عهدناهم، مسؤولون واقفون ووزير الداخلية ذاته رفعها شعارا وسيفا وحجاجا في وجه المحتجين والمتذمرين "الدولة لن تتسامح ولن ترحم ...".
والمهم في حكاية التدخل الأممي السافر في شؤوننا "السكنية"، أن لجنة التقصي السكني بالأمم المتحدة انصرفت وبغض النظر عما فهمته وعما لم تفهمه في دولة تمتلك كل مؤهلات وامكانيات السكن ورغم ذلك فهي تعالج أزمة السكن بدعم سجونها بالمحتجين على قوائم السكن في انتظار أن تجد لنفسها "سكنا" يقيها شر المحن.. المهم، أن نفس الأمم المتحدة لن تتوانى مع تجدد الاحتجاجات والاضطرابات وقطع الطرق للعودة للتقصي، لكن هذه المرة عبر لجنة الشؤون "الكهربائية" بالأمم المتحدة، والتي سيتم إنشاؤها تماشيا مع وضع الجزائر الخاص الذي يحمل كافة متناقضات وأزمات الدنيا وسط إصرار رسمي على أننا الدولة الأكثر استقرارا والأعظم تكهربا و"تهربا" من المسؤولية ومن الواقع ومن حقائق الطوفان الذي تعيشه البلد..
على طول أيام هذه السنة التي توشك على الأفول، لم يخلو يوما من أيامنا المكهربة، من تكهرب يومي لمواطنين تعرضوا للاغتيال الكهربائي المميت بسبب الأسلاك الكهربائية المترامية الأطراف بين الأحراش، والعدد أكبر من أن يحصى والنتيجة التي فهمتها حينها بأنه رغم سقوط العشرات من العزل في حوادث الصعق الكهربائي والذي لم يقص أي منطقة من حقها في "الموت" الكهربائي المفاجئ، إلا أنني تيقنت أن "الكهرباء" عندنا قوية وأن سونلغاز استفادت من إشهار مجاني عن فعالية كهربائيها وقدرتها على إضاءة الأجساد في حالات اللمس والبلل، لكن بين ما استنتجته يوم سقط مثنى وثلاث ورباع في حوادث صعق سجلت ضد مجهول مهمل، وبين العجز الذي ظهرت به سونلغاز في تزويد أمم من المحترقين بحرارة شمس تم تلاعب بدرجة حرارتها لكي تخدم الحكومة في تضارب و"ضرب" عرايا الرؤوس، عرفت أن تلك "السونلغاز" وتلك المسماة وزارة الطاقة والمناجم ينطبق عليها شعار "الشعب يريد إطفاء الضو".. فالكهرباء التي تحصد أرواحا في الشتاء فيما تفشل في تبريد كوب ماء في الصيف مطلوب إطفائها...وكنهاية لما سبق ولما سرق منا بسبب توالي الضجيج، فإن الشعب يريد توفير الشموع حفاظا على ما بقى من "دموع"


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)