الشعب لن يتسامح

لا أعتقد أن هناك من الجزائريين من سيتسامحون مع أصحاب الدعوة إلى تأسيس برلمان مكرر أو مستنسخ أو مواز؛ فاللعبة في نظرنا وسخة وقذرة وتنم عن عقلية الفوضى التي يتمتع بها هؤلاء الناس الذين أرادوا إجهاض التجربة الديمقراطية الجديدة بعد أن أزعجتهم الأصفار أو الأرقام الصغيرة التي أعطاهم إياها الصندوق.
إن غياب الوعي الفكري والسياسي عند دعاة مقاطعة البرلمان، قد لا يجعل هؤلاء يتراجعون عن أهدافهم الغامضة والمشبوهة، فهم لا يؤمنون بقاعدة الغالب والمغلوب ويريدون أن يكونوا هم الفائزون وإلا شككوا في كل بناء، ويريدون أن يطرحوا أنفسهم كبديل لخيار الشعب وإلا طعنوا في نتائج الصندوق وها هم يطعنون فيها فعلا. وكأنهم يريدون أن يقولوا للذين أعطوا الأغلبية لغيرهم من الأحزاب، لقد اخطأتم الأرض التي كان يجب أن تقفوا عليها، ليختار هؤلاء الدعاة لأنفسهم دورا سلبيا في الحياة السياسية وكأنهم مليشيات ترفض التواصل مع المجتمع إلا من خلال الفوضى واللعب على العقول وكأني بهؤلاء القادة هم أدرى بما يليق بهذا الشعب وكيف يجب أن يحكم أو يعيش أو يأكل أو ينام.
إن الفشل الذي مني به دعاة المقاطعة أو أحزاب الوقت الضائع، كان يجب أن يستثمر من قبل هؤلاء من أجل التفكير في مستقبلهم ككيانات سياسية لم تتمكن من اختراق القواعد الشعبية، كما كان يجب على هؤلاء الدعاة أن يتخلوا عن عنادهم الذي وضعهم حتى الآن خارج اللعبة السياسية، لأن الواقع يقول إن الذي يريد النوم بعيدا عن أحضان الشعب، سيبقى دون شك بعيدا عن دائرة صنع القرار والأضواء ويبقى تهريجهم شاهدا عليهم ...