الجزائر

"الشروق" ترافق الشرطة وتوزع وجبات ساخنة وأغطية على المتشردين



هم أناس دون مأوى، رمت بهم الظروف الاجتماعية الصعبة، إلى اتخاذ الشوارع وأسفل المرافق العمومية والمحلات، بيتا لهم على مدار الفصول الأربعة، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، قست عليهم القلوب التي كانت ربما أشد قسوة من الطبيعة ودفعتهم العديد من الأسباب إلى هذا الواقع المر والأليم الذي تعجز الكلمات عن وصفه."الشروق"، رافقت مصالح الأمن على مدار ما يفوق ساعتين من الزمن عبر الشوارع والأماكن العمومية وغاصت في معاناة هؤلاء الأشخاص، واختارت نقل جانب منها إلى القراء.
في حدود الساعة الثامنة ليلا، كان موعد الانطلاق من مقر الأمن الولائي القديم بوسط المدينة، بقيادة رئيس أمن الولاية عميد أول للشرطة بلقاسم نور الدين ومجموعة من الضباط والأعوان وفق برنامج مسطر.
بمجرد الوصول إلى أروقة العرض والبيع خلف مقري الولاية والمجلس الشعبي الولائي، وجدنا كهلا في نواحي الخمسينيات من العمر يتهيأ للنوم على أفرشة رثة تظهر على وجهه ملامح التعب والألم يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية، بحسب ما أكده أحد المواطنين الذي التقيناه في عين المكان، حيث اعتاد توفير الأكل للشاب الذي رفض مغادرة المكان نحو أحد المراكز للتكفل به، ما اضطر رجال الشرطة إلى منحه وجبة ساخنة وأغطية قد تقيه برودة الطقس، وما إن هم الوفد بالمغادرة تمنى لنا السلامة فقط دون الانتباه إلى نفسه ووضعيته التي تبكي الحجر رغم قساوته قبل قلوب بني البشر، بعد أن قضى ما يفوق 3 عقود من الزمن بعيدا عن حضن العائلة دون سكن، بحسب محدثنا، بعدما توفيت والدته وتركته وحيدا.
وغير بعيد عنه، كان هناك شاب آخر لا يتجاوز العشرينيات من العمر، توسل عناصر الأمن مساعدته في الحصول على سكن لائق، كما بدا وكأنه على دراية بكل ما يدور في الساحة المحلية، ملتمسا من رئيس البلدية أن يمنحه مسكنا فقط .
من جهتها، الفتاة المسماة سيد علي، التي تتخذ من سلالم شبه جسر بالقرب من ساحة الشهداء مسكنا لها، ملامحها تقترب من الذكورية، بعد أن افتقدت أنوثتها نتيجة الجوع والأمراض ونقص النظافة، لم تجد سوى فراش بال ملفوف بالبلاستيك لتفادي وصول الأمطار وبرودة الطقس إلى جسدها النحيف، رفضت هي الأخرى مغادرة المكان رغم توسلات الحاضرين.
وبحديقة التسلية القديمة المهجورة، بطريق بوسعادة، لجأت امرأتان من النيجر إلى المبيت في مرفق تعرض للتخريب برفقة فتاة صغيرة في سن الزهور، رغم الظلام الدامس والأخطار التي قد تنجر من هذا الموقع خاصة من قبل خفافيش الظلام والمخمورين، ما اضطر رئيس أمن الولاية إلى إعطاء أوامر بتحويلهن إلى مكان آخر أكثر أمنا وتزويدهن بأطعمة وأفرشة.
من جهته، رئيس أمن الولاية، أكد أن هذه الجولة التفقدية التي مست عدة أحياء ومناطق بمدينة المسيلة، لتفقد الفئات الهشة والأشخاص دون مأوى والمصابين بالأمراض، تأتي في إطار تعليمات قيادة المديرية العامة للأمن الوطني من أجل مرافقتهم ومساعدتهم والتكفل بهم، معتبرا وجود أقل من 10 أشخاص في هذه الجولة التفقدية الليلية لا يمنع من تفقدهم دوريا وتقديم بعض الإعانات، خاصة في ظل الظروف الجوية وانخفاض درجات الحرارة، داعيا في السياق ذاته كل الجهات والمصالح الأخرى إلى التكفل الأمثل بهذه الفئة من المجتمع، متعهدا بمواصلة مثل هذه الخرجات الليلية خلال الأشهر المقبلة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)