الجزائر

"الشخصية الجزائرية عصيَّة على العولمة والثقافات الوافدة"الداعية اللبناني أحمد اللّدن ل"الشروق":




يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد سعيد اللّدن، وهو قاضٍ ومفتٍ بالمحاكم الشرعية السنية في لبنان، في حوار أجرته معه "الشروق" على هامش الدروس المحمّدية التي نظّمتها الزاوية البلقايدية في وهران، أن الدّعاة في عصرنا، يعانون شتى صنوف الضغوط، في دفاعهم عن تعاليم الإسلام، ويُواجهون أذى كبيرا في حرصهم على إحلال القيم الأخلاقية بين مكوّنات المجتمع الذي قلبت وسائل الاتصال الحديثة منظومته المفاهيمية رأسا على عقب، مبديا في الوقت ذاته إعجابه بالشخصية الجزائرية التي يراها عصية على الثقافات الوافدة، ولم تكن للعولمة سُلطة على هويتها العربية والإسلامية.
يواجه الدعاة كثيرا من الضغوط في عصرنا، وتُتهم خطاباتهم الدينية بالضّعف وعدم الإقناع، ويصل الأمر إلى حدّ التشكيك في جدوى ما يقومون به من وعظ وإرشاد، في ظل ما وصلت إليه المجتمعات العربية والإسلامية من تفسخ أخلاقي، فكيف يستطيع الدعاة مواجهة مثل هذه الضغوط؟
فعلا.. الدعاة في عصرنا يواجهون صعوبات جمّة ويُرمون بتهم شتى، لكن أنا أقول بأن الداعية في زماننا هذا يجب أن يكون في وعيه، يتحمّل ويصبر؛ لأنه سيتعرض لكثير من المشاق.. فسيّد الدعاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تحدث القرآنُ الكريم عما لاقاه من أذى من طرف المشركين، عندما دعاهم إلى دين الحق، فأذاقوه الويل.. فما بالك عندما يكون الداعية في عصرنا هذا الذي انقلبت منظومته المفاهيمية والأخلاقية رأسا على عقب بسبب وسائل الاتصال الحديثة التي ساهمت في ابتذال المجتمعات، وجعلتها تلهث وراء قشور الحضارة المادية، فأولادنا للأسف انجرفوا وراء هذا التيار، وهي مواضع لا نريد لهم أن يكونوا فيها، لكن على الرغم من ذلك هناك مظاهر إيجابية، تتمثل في مشاهد التعاطف والتراحم التي نلاحظها في كثير من المواقف.

إذا كان هنالك إقبال على العبادات وحلق الذكر في المساجد، فما محل "الدين المعاملة" من الإعراب في حياة المسلمين في عصرنا؟
لا أريد أن أكون متشائما، فهناك صورة في المجتمعات العربية والإسلامية تحمل كثيرا من الإيجابيات ومثيلاتها من السّلبيات، فنجد صحوة في غير محلّ وفي غير مكان، تحاول أن تصمد أمام الثقافة الغربية، التي تنشرها وسائلُ الإعلام والاتصال على نطاق واسع، وعلى الرغم من تأثير هذه الثقافة الوافدة على أفراد المجتمع، إلا أن هناك إصراراً وعزيمة من طرف الدعاة والمصلحين، لمواجهة هذا المد الغربي، عن طريق المجادلة بالتي هي أحسن والكلمة الطيبة، التي يجب أن نخاطب بها إخواننا في الدين؛ كي نرسخ القيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام في مجتمعاتنا، وتصبح معاملاتنا مع بعضنا البعض ومع غيرنا منبعها القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة.

شاركتم فضيلة الشيخ، في الدروس المحمّدية التي نظمتها الزاوية البلقايدية في وهران، فما مدى تفاعل الحضور معها؟ وكيف وجدتم أجواء رمضان في الجزائر؟
إنّ الإنسان عندما يزور الجزائر يشعر بسعادة غامرة؛ لأنه يرى ويقرأ ثقافة هذا الشّعب ويجدها أصيلة وعميقة ومتجذرة في شخصية الجزائريين.. هذه الثقافة هي التي صاغت هذا الشعب، وأعطته نوعا من المناعة والحصانة، وصقلت شخصيته جيدا وجعلته يقف الند إلى الند أمام الاستعمار الفرنسي، فالعولمة ليس لديها سلطة على شخصية الجزائري كي تخرجه من صورته التاريخية المشرقة، فأنا أجد معالم هذه الشخصية عصية على الثقافات الوافدة، أقدر منها على التأثير من التأثر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)