الجزائر

الشجرة التي تغطي الغابة



الشجرة التي تغطي الغابة
يفترض أن تبدأ اليوم المفاوضات بين إدارة الجوية الجزائرية من جهة ومضيفاتها ومضيفيها من جهة أخرى، وهي ليست المرة الأولى كما لن تكون الأخيرة التي تجد فيها الإدارة نفسها مجبرة على مفاوضات لا ترغب فيها. ولأن تسارع الأحداث في مثل هذه الحالات يفرض دائما وأبدا على الإدارة الجلوس إلى طاولة المفاوضات،
ولأن حديث الشراكة والحوار يبقى مجرد حبر على ورق، فقد كشفت عشرات المسيرات والاحتجاجات التي عاشتها البلاد، أن أرضية الحوار العادل بين الإدارة ومستخدميها لم تكن عادلة، وأن حقوقا كثيرة كانت ولازالت مهضومة، وأن التوزيع العادل للثروة مجرد عنوان في نشرات الأخبار، أو هو جملة اعتراضية في سياق الحديث الطويل الذي نسمعه هنا وهناك عن تحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
يحدث كل هذا وكأن الاحتجاجات هي القاعدة التي تحكم العلاقة بين الإدارة ومطالب مستخدميها وموظفيها، لذلك من المهم ونحن نستخلص دروس الحراك العربي الدائر من حولنا، ومسار الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر عموما والعاصمة ووسط البلاد خصوصا،
من المهم أن نراجع الرؤية التي تحكم العلاقة التي أشرنا إليها سابقا، وهي تأسيس نظام أجور ومستحقات عادل يتماشى مع التطورات التي يعرفها الاقتصاد في العالم وبلادنا على وجه الخصوص،
فالحاجة إلى نفقات أكثر لدى الفرد الجزائري باتت مؤكدة، مثلما بات من المؤكد أن لا طرف سيلتزم الصمت إزاء التفاوت الحاصل في المجتمع، جراء التوزيع غير العادل للثروة، على الأقل من خلال نظام الأجور عندنا الذي تبين أنه يعاني من اختلالات كبرى من قطاع إلى آخر، لدرجة أن أجور عمال وموظفي بعض القطاعات ونخص بالذكر التربية مثلا، أقل من المنح والتعويضات لموظفي قطاعات أخرى، ومن غير المعقول أن يصبح الاحتجاج ملزما للموظفين من أجل افتكاك حقوقهم، وكأننا نقول لهم احتجوا كي تنالوا حقّكم، فقد كانت دوافع الاحتجاجات الأخيرة التي عرفها النصف الأول من السنة الجارية بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة،
بعدما تبين أن إجحافا كبيرا ظل ممارسا بحق الفرد الجزائري العامل، الذي ألزمته الظروف السياسية والأوضاع الخاصة التي مرت بها البلاد، بأن يصبّ جهده على طلب الأمن والسكينة، وهو ما أدى إلى تأجيل سلة مطالبه الاجتماعية التي تجاهلتها الإدارة عندنا إلى أن حدث الإنفجار.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)