كثر بالآونة الأخيرة عدد باعة الشاي الصحراويين بالعاصمة ، و فيما يجوب البعض منهم الأحياء الشعبية حاملين بأيديهم إبريق الشاي و كؤوسه و بعض أنواع المكسرات ، يفضل آخرون نصب طاولاتهم في الساحات العامة .
محمد بن حاحة
يبدي السكان العاصميون استحسانا بالغا لشرب الشاي المحضر بالطريقة الصحراوية، حتى أن أصحاب المقاهي حين تنبهوا لمدى تعلق العاصميين بالتاي ، خصصوا في محلهم زاوية لبيع الشاي الصحراوي، لعلمهم بالفائدة التي يجلبها لتجارتهم و جذبه لمزيد من الزبائن الأوفياء .
من أجل مناقشة هذا الموضوع استفسرت "الجزائر الجديدة" بعض بائعي الشاي الصحراويين في العاصمة ، و الذين حكوا تجربتهم مع هذه التجارة وسبب توجههم إليها ؟، وعن مستقبلها في الجزائر من وجهة نظرهم الخاصة ؟
"محمد.ح"، المدعو "الزاوي"، والذي يبلغ من العمر 26سنة، منحدر من منطقة تيميمون، وهو خريج المدرسة الوطنية العليا للإحصاء و الاقتصاد التطبيقي، يمارس هذه المهنة منذ سنة 2005 بعدة مناطق ،على غرار بجاية و تيبازة، قبل أن يستقر و يقرر البقاء بالجزائر العاصمة، وذلك يوم 8 جوان 2005 .
و عن علاقة الصحراويين بالشاي، يقول محمد أن " طهو الصحراوي للشاي ، رجلا كان أو إمرأة ، بالنسبة إليهم عادة يتعلمونها تلقائيا وكأنها فطرية ، فالشاي ضروري عندهم ، إذ يقدم مع كل الوجبات ، كما أنه مظهر من مظاهر الثقافة الصحراوية، حتى أن البدو الرحل لما يحضرون زاد سفرهم، أو ما يسمى "لعوين" بالعامية، فإن أول ما يتم أخذه الشاي و السكر ، وهذا ما جعله ضروريا في حياتهم، و يضيف محدثنا قائلا " لست أعتقد أن بإمكان شخص من الصحراء أن يمضي يوما دون شرب الشاي".
أما عن تكاليف بيع الشاي فيقول "الزاوي" أنها " ليست جد مكلفة، حيث يتم شراء المواد اللازمة للتحضير، كورق الشاي و السكر من بائعي الجملة، إلا أنه في بعض الأحيان يعمل هؤلاء على رفع أسعار المواد الأولية، فيزيد ثمن كوب الشاي وهذا الأمر طبيعي ، فمثلا قبل سنوات كان ثمن كأس الشاي ب 10 دنانير فقط ، ثم ارتفع ثمن السكر فارتفع سعره و تضاعف ، وهناك بعض الزبائن الذين عارضوا الفكرة وقرروا مقاطعة الشراء ، إلا أنهم عادوا بعد ذلك، فهم تعوّدوا على شرب الشاي ولم يعد بإمكانهم التخلّي عنه، لدرجة أن هناك بعض الزبائن ممّن يشربون 10 أكواب من الشاي يوميا ".
وفي سؤال ل "محمد" عن مستقبل هذه المهنة، قال " إنها بالنسبة لي أكثر من مجرّد مهنة، هي هوايتي المفضلة و ستبقى لأبعد الحدود وتتطور، و خير دليل على ذلك أن الإقبال عليها في تزايد مستمر، و أن الجميع صار على علم بمنافع الشاي التي لا تعد ولا تحصى ، و بخلوّه من الأضرار .
و أما "أبو بكر عبودة"، 27 سنة صديق "محمد" وشريكه في تجارته ، و المنحدر من "تقرت"، فهو يمارس هذه التجارة منذ أربع سنوات ، يقص تجربته هو الآخر مع بيع الشاي قائلا " بدأت هذه المهنة في سنة 2009 ، حيث تنقلت بين عدة مناطق كعنابة، سكيكدة إلى أن استقررت بالعاصمة ، وكان قرار عملي بهذه المهنة عندما ذهبت في رحلة إلى مدينة عنابة، أين انبهرت بمظهر بائعي الشاي في الخيمة، فقررت أن أفعل نفس الشيء ".
و يضيف " أبو بكر" قائلا " تلقيت عدّة صعوبات في البداية من حيث الإجراءات الإدارية و غيرها ، من العراقيل التي يتلقاها أي تاجر في بدايته إلى أن فتح الله علي، و أنا أتمنى أن تكون هذه المهنة هي مصدر عيشي الوحيد، فأنا أعشقها ولا يمكنني التخلي عنها ، خاصة و أنها تعلم من يمارسها الصبر و التعامل مع الناس بأدب، و أستبشر محدثنا خيرا في المستقبل، حيث أكد أن هذه المهنة في تطوّر مستمر" .
من جهة أخرى، استفسرت "الجزائر الجديدة" أحد باعة الشاي في الشارع، بشأن الوضع الذي يعيشه باعة الشاي في الشارع، و الذي يختلف حتما عن حالة الباعة المستقرين بمحلات ثابتة .
"عبد القادر"،32 سنة، بائع الشاي في طاولة أمام جامعة "بوزريعة"، يقول "غادرت مدينتي، أدرار منذ سبع سنوات، و طفت بين عدة مدن أبيع الشاي و المكسرات ، و لم أجد زبائن أفضل من العاصميين ، إذ أنهم مهذبون و خفيفو الروح ، فهم يبتسمون لي و يسألونني عن أحوالي دائما"، غير أن "عبد القادر" ليس كثير التفاؤل بهذه المهنة إذ يقول " أن البيع في طاولة لا يجلب ربحا كثيرا ، بقدر ما ينتج عنه من قلق بخصوص المناخ و الوضعية القانونية المتمثلة في أحقيته للبيع في الشارع " .
يبقى الشاي الصحراوي مميزا عن غيره من المشروبات، بل عن غيره من الأنواع المختلفة ، بسبب كيفية تحضيره عبر مختلف مناطق العالم، ولكن هل سينتشر هذا التاي المميز خارج الجزائر كما انتشر داخلها، ليصبح وسيلة من وسائل جلب السياح و إنعاش الإقتصاد الجزائري ؟ .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الجزائر الجديدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz