الجزائر

الشاعر والمترجم أحمد سليم آيت وعلي لـ''الخبر'' ''أدونيس يرهقني وآيت منفلات أفهمه بامتياز''



أشتغل على تقديم ما يليق بمقام محمود درويش يعتبر الشاعر والمترجم أحمد سليم آيت وعلي، المدعو الباز ، نفسه من القلائل الذين بوسعهم تفكيك شفرات ما يكتبه الفنان الشاعر لونيس آيت منفلات بامتياز. وقال في حوار مع الخبر ، إنه يجد صعوبة بالغة في تحويل قصائد أدونيس إلى اللغة الأمازيغية، كونها تحمل أبعادًا فلسفية أكثـر منها شعرية.
بدأت كتابة الشعر في سن مبكرة، بعدها انتقلت إلى الترجمة، حدثـنا قليلاً عن هذه النقلة النوعية؟
- علاقتي مع الشعر عمومًا تعود إلى مرحلة الطفولة، فقد شرعت في كتابة بعض المحاولات باللغتين الأمازيغية والعربية وأنا في سن الخامسة عشر، وهي محاولات تندرج ضمن كلاسيكيات الشعر الأمازيغي أو ما يعرف بالشعر العمودي، بمعنى الشعر الذي وزنه 7/5/7 وقافيته أ/أ/ب، علمًا أن العديد من فطاحلة الشعر الأمازيغي اشتهروا بهذا الجنس، وفي مقدّمتهم الراحل سي امحند أومحند. وموازاة مع ولعي بهذا العالم الساحر، أخذت أنبش في أمهات الكتب المنوطة به، ما جعلني أتغلغل في نصوص كل من طاغور، الفيتوري، جون سيناك وبودلير، إضافة إلى جبران خليل جبران، عمر الخيام، محمود درويش، أدونيس، لونيس آيت منفلات وآخرين. ومن هنا، بدأت تراودني فكرة ترجمة بعض ما جادت به قريحة هؤلاء، فانسقت وراءها بكل قناعة وطواعية.
ولكن رغم شغفك بكل هؤلاء، تبقى لآيت منفلات مكانة خاصة بالنسبة إليك، ما سر ذلك؟
- لقد تمكّن الفنان الشاعر لونيس آيت منفلات من حجز مقعد له في زحمة الموجود، بفضل قدرته الرهيبة في قول الشعر، فهو يُطالع كثـيرا، ويغوص في أعماق الكتب التي تُعنى بأدب الرحلة والفلسفة الإغريقورومانية. أضف إلى ذلك، أن أكثـر ما يُغريني في هذا الرجل هو تمتّعه بملكة إبداعية خارقة للعادة. ففي ألبومه الأخير الموسوم تورقت تشبحانت (الورقة البيضاء)، على سبيل المثال، نجد أغنية أمنوغ (الصراع) التي أعتبرها الأغنية التاج في الألبوم ككل، لأنها تروي في ظرف سبع دقائق فقط قصة البشرية منذ الأزل حتى نهاية العالم، بمنظور الفلسفة الإغريقورومانية طبعًا.
نفهم أنك تفضّل لو عُنون الألبوم بـ أمنوغ بدل تورقت تشبحانت ؟
- أجل، فلو استشارني آيت منفلات قبل عنونته لنصحته بذلك، وهذا طبعًا ليس إنقاصًا من قيمة بقية الأغاني التي يضمّها الألبوم، ولا حتى تلك التي عُنون بها، وإنما نظرا لما تحمله هذه الأغنية تحديدًا من لوحات فنية في منتهى الجمال.
في رصيدك زهاء 60 قصيدة مترجمة، 15 منها لآيت منفلات، ألم تراودك فكرة جمعها في كتاب؟
- بلى، إنه مشروع أشتغل عليه حاليًا، ولكنني أعتقد أن كتابا واحدا لا يكفي لحملها جميعًا، خاصة بعد العرض الذي تلقيته مؤخرًا من طرف سفارة دولة فلسطين بالجزائر، التي تعكف منذ مدة على جمع كافة الأعمال المنجزة حول فقيد المدوّنة الشعرية الفلسطينية محمود درويش، على اختلاف أجناسها ولغاتها، وهو ما قادني لتنقيح ما ترجمته له، قصد تقديمه في كتاب يليق بمقامه.
 تلقيت عروضا من ثلاث دور نشر جزائرية بخصوص ما ترجمته لآيت منفلات، أليس كذلك؟
- صحيح، إلاّ أنني مازلت مترددا بعض الشيء حيالها. ففي الوقت الحاضر، أفكّر في تقديم القصائد التي ترجمتها له في شكل تراكيب شعرية ممسرحة، بمعنى تجسيدها ركحيًا باللغة العربية الفصحى، حتى يتسنى لنا استقطاب الجمهور العريض. وبالمناسبة، أؤكد أنني من القلائل الذين بوسعهم تفكيك شفرات ما يكتبه هذا الشاعر الحكيم بامتياز.
ولِمَ تستخدم الحرف العربي في ترجماتك دون غيره؟
- بكل بساطة لأنني لا أجد راحتي ولا أعثـر على ضالتي سوى في الحرف العربي. صحيح أن حظوظي ستكون أوفر لو أنني اتخذت من الحرف اللاتيني لغة لترجماتي، فعدده أكبر من نظيره العربي. غير أنني، بالمقابل، لجأت إلى وضع نقاط على بعض الحروف من أجل التمييز فيما بينها أثناء النطق.
 قلت في تصريح سابق إنك تجد صعوبة بالغة في تحويل قصائد أدونيس إلى اللغة الأمازيغية، كيف ذلك؟
- لأن قصائد أدونيس ذات أبعاد فلسفية أكثـر منها شعرية، ولأن طرحه الفلسفي عميق للغاية. لذا، تجدينني أستنجد ببعض الرفاق المتخصصين في المجال كعمر أزراج، مولود علاق، إسماعيل مهنانة وغيرهم، ممّن أتعاطى معهم مختلف المسائل والقضايا الفلسفية، بغرض توسيع دائرة معارفي وإدراكاتي. وبما أنني أبحث في الشكل والمضمون معًا، أقضي غالبًا نحو 20 يوما لترجمة 15 بيتا لأدونيس.
في الختام، ما رأيك في مقولة المترجم خائن ؟
- أراها صفة غير مناسبة بتاتًا، باعتبار أن المترجم لا يملك نيّة مبيّتة للخيانة. أعتقد أنه عكس ذلك تمامًا، فهو يحاول قدر المستطاع أن يتقيّد بالنص الأصلي وألاّ يخرج عن إطاره العام. 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)