يعيش الشارع الحضني، هذه الأيام، على وقع حراك غير مسبوق، بسبب عملية ضبط القوائم النهائية للمترشحين للانتخابات التشريعية القادمة. هذا الحراك وصفه البعض من المتتبعين للشأن السياسي المحلي بأنه الأقوى والأشد تنافسا والأكثـر غموضا منذ الاستقلال.
سحبت أكثـر من 55 قائمة حرة وما يقارب 50 حزبا ما بين قديم وجديد، وحتى تلك التي مازالت تنتظر الفرج من وزارة الداخلية للحصول على قرار الاعتماد. مقاه تحولت في لمح البصر إلى مجاميع انتخاب واستمالة الناخبين، بات يتكرر فيها كل يوم عبارة ''القهاوي خالصين يا جماعة''، لافتات أحزاب صعب على المواطنين حفظ تسمياتها أو أسماء مؤسسيها على حد سواء إلى الآن، عودة حمى كراء المحلات في كل مكان، وإعلانات في السر وفي العلن للبحث عن نساء يوظفن في أحزاب لممارسة مهنة عقود ما قبل التشغيل، ولكن هذه المرة لحشو مؤقت في قوائم حرة، وأحزاب تخطف هذه المرة، في سابقة المتهم فيها معروف والضحية لا يقدر بأي حال على تحريك الدعوى، لا لشيء لأن القضاء لا يجرم في هذه الحالة تهمة الخطف، ويعتبرها أمرا عاديا بامتياز، ورؤساء أحزاب في العاصمة يطبقون مبدأ من وصل أخيرا هو من ظفر بعنوان الحزب أخيرا.
هذه المشاهد وغيرها باتت، هذه الأيام، العنوان الأوحد في ولاية كشفت استطلاعات الرأي فيها، ونشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي، أنها لم تعد حكرا على أحد، وتكاد تكون الرقعة اليتيمة على المستوى الوطني التي لا تسمع فيها اهتماما أو حتى حديثا بين شخصين عن الانتخابات. وأرجع البعض ذلك إلى الطلاق البائن وبالثلاث الذي تكون رسمته العهدة الانتخابية السابقة التي لم تحرك شيئا من إعمار التنمية بالولاية، اللهم إلا ما وجدت فيه تصريحات وزير الداخلية الأخيرة من حتمية تحجيم رواتب البرلمان من صدى في الشارع، الذي علق على ذلك بترديده للمصطلح المحلي ''الشّه فيهم''، وهو كناية على التشفي في هؤلاء.
وبغض النظر عما تعيشه الأحزاب الكبرى التي عانت ما عانت في الأيام التي سبقت جمع الملفات وإرسالها إلى أجهزتها المركزية، من عودة ما سمي برجال ونساء ''الباراشوت''، نواب طامعون في التكرار، أرباب الشكارة ووزراء يعودون إلى الولاية في الوقت الضائع لتوزيع فتات مشاريعهم هنا وهناك. وحسب الملاحظين، يبقى الصراع هذه المرة في ظل عزوف الشارع المحلي الذي يبقى خبزه اليومي معاناة البحث عن منصب عمل ومسكن لائق، وكيفية تسييره لعملية احتجاج للمطالبة بالملموس من النزر القليل من الحياة، مستنصحا بعنوان رواية الكاتب الكبير يحيى حقي ''الذباب والانتخاب''، وإذا كانت أسماء لا عنوان لها تحت سماء السياسة تحاول هذه المرة أن تتخيم المشهد السياسي المحلي بقوائم وصلت ما بين ثلاثة إلى أربعة في القرية الواحدة، وحتى في العائلة الواحدة، في وقت انحسرت البرامج والأحزاب وباتت مساحة ابن العرش هي السائدة، فإن العاصفة هذه الأيام، حسب آخر نشرة للحالة الجوية السياسية بالولاية، تقول إن الحرب بدأت تضع أوزارها في مرحلة جلب الأحزاب، بلغت الصراعات فيها حد خطف التفويضات بالقوة من هذا إلى ذاك، بالإضافة إلى معضلة البحث عن تاء التأنيث التي وجد لها حل بالاستنجاد بربات البيوت، في انتظار الحملة الانتخابية التي بدون شك سوف تميط اللثام عن كثير من المضحكات المبكيات.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : المسيلة: بن حليمة البشير
المصدر : www.elkhabar.com