الجزائر

الشائعة، لعِب على النفسية بنكهة سياسية



أقوى سلاح تشهره السيّاسة في وجه خصومها بل في وجه أقرب مقربيها إذا اشتمّت فيهم رائحة تراجع عن الولاء أو منافسة يكمن في الشائعة، فتتحرّك الحرب النفسية وهي أقوى الحروب لأنّها تلعب على التفكير وتوجيه الموقف، والتي تبنى عليها باقي الحروب في وضع سياسي أو حربي ما، في كل الدول ولدى كل الأنظمة كيف ما كانت .ويزيد في انتشار الشائعة وتصديقها المشكلُ الأكبر وهو هاجس وعقدة نقص كل الأنظمة تقريبا وخاصة العربية، ويتمثل في انعدام أو عدم جدوى وفاعلية قنوات الاتصال مع الشعب بكل فئاته، فغالبا ما لا تكلّم السلطة شعبها وإن هي فعلت فتفعل تحث ضغط ما، ؟أو ربما تتحجّج بالقول أنّه من غير المعقول أنّه كلما طلعت إشاعة تأتي السلطة و تكذبها وتعطي الشعب الجواب الوافي، أو أيضا يكون في التكذيب الرسمي تثبيت لما تتداوله الساحة الشعبية .
وتجد الإشاعة حقلا لنموه وازدهارها في الظروف المضطربة وعدم الاستقرار في الوسط السياسي لأنّ هذا الوسط السياسي هو الذي يلقي بتبعاته علة كل الأوساط الأخرى التي يكون ما يصل إليها من تبعات سلبية مجرد تحصيل حاصل.
وغالبا أيضا ما يصنع وسط سياسي إشاعة عندما يريد الوصول إلى تحقيق هدف ما فيلقي بها ليتلقفها الإعلام خاصة أنّنا صرنا نلاحظ بعض الإعلام غير النزيه والذي لا يتحرى الحقيقة من مصادرها ويعمل على تكوين رأي عام في هذا الاتجاه ويقضي الوسط السياسي الذي أطلق الشائعة مآربه.
الأمثلة كثيرة..
يدرّس فرع العلوم السياسية وعلم الاجتماع السياسي الإشاعة السياسية ويؤكد أنّها تتوفّر على كل عناصر نجاحها عندما تتوّفر على بعض الأدوات ومنها احتفاظها بالغموض وعدم نسبها إلى مصدر معيّن أو تعدد المصائر بشأنها لتشتيت اتجاه الشعب حولها لأنّ المهم أن تسري في وسطه وتصنع رد فعل مبني على الشك وفي علم النفس.
الشائعة تنفيس للمشاعر المكبوتة عندما تكون صادرة بشكل عفوي اجتماعي أي بدون أن يراد لها أن تنتشر بشكل متعمد. وتهدف هذه الاشاعات إلى تحقيق الارتباك لدى الطرف الآخر ويبقى موقفه مجرد رد فعل ولا يتوجه إلى تطبيق أفكاره المعدّة، وتوظيف الشائعات الكاذبة يأتي دوما لخلق جو معين يؤثر به أصحابها في الرأي العام لحصد الامتيازات.
ورغم أنّ الوضع السياسي عندما يتأزّم يصبح خطيرا ومنذرا بالانفجار، فإن دماره يشتد إذا أضيفت إليه الشائعة. فتلعب دوراً مسانداً لما قد يقع من شغب إذا لم يتم التحكم في زمام الأمر واطلاق الاتصال و الحوار .
وممّا لا يدع مجالا للشك أنّ التطوّر التكنولوجي أعطى وجدّد نفَس الشائعة التي صارت تنتشر بمجرد تفكير أصحابها في فبركتها. وقد أعطى الحَراك الجزائري أمثلة كثيرة من خلال الوسائط الاجتماعية على هذا النوع من الشائعات التي كان الجزء الأكبر منها مغلوطا لأنّه عند استخدام المنطق والاحتكام إلى العقل قد يميز المتلقي الصواب من الخطأ.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)