الجزائر

السينمائي أحمد بجاوي في حوار لـ”الفجر” لازال تناول الأعمال الثورية سينمائيا يشكّل نقطة حسّاسة لدى وزارة المجاهدين


السينمائي أحمد بجاوي في حوار لـ”الفجر”               لازال تناول الأعمال الثورية سينمائيا يشكّل نقطة حسّاسة لدى وزارة المجاهدين
يتطرّق المختص في السينما، أحمد بجاوي، في هذا الحوار الذي جمعه مع ”الفجر”، مؤخراً بالعاصمة، بكل شفافية عن عدد من قضايا التي تتعلّق بواقع الفن السابع في الجزائر، والصعوبات التي تعيق تطورها وبعض المواضيع ذات صلة بها مثل أحداث الربيع العربي الأخيرة التي عرفتها بعض مناطق الوطن العربي على غرار مصر وتونس.. ما هو واقع صناعة السينما في الجزائر؟ إذا تحدّثنا عن صناعة الأفلام، هناك جوانب مهمّة تساعد على تطور هذا الفن في الجزائر يتقدّمها الجانب الإبداعي الذي يحتوي على مؤهلات وكفاءات بشرية قادرة على صنع الفارق في صنع أو إخراج أي فيلم في شكل لائق على جميع الأصعدة، إلى جانب القدرات الإبداعية التي يتمتع بها شباب اليوم، وحسب ما أعتقد أنها أحسن من تلك التي كانت لدى شباب السبعينيات والثمانينيات، رغم كل الأقوال التي أثيرت حولها من طرف البعض، ولكن بين هذا وذاك تنقصنا صناعة حقيقية للسينما بالإضافة إلى السيناريو، والإمكانيات المادية التي تلعب هي الأخرى دورا كبيرا في صناعتها مثل الهياكل، التجهيزات الاستوديوهات، القاعات السينمائية للجمهور.  وفي مقارنة صغيرة بيننا ولبنان، الذي يضم 5 ملايين نسمة، لديه 100 قاعة بينما نملك نحن عشرين قاعة فقط، لذا أعتبر أن الشرط الأساسي هو وفرة القاعات ووجود الجمهور الذي يعتبر المؤهل الوحيد لكتّاب السيناريو لإنتاج مواضيع مميزة وقابلة لأن تكون فيلما. إذن الضعف الأساسي للسينما الجزائرية هو ”كتابة السيناريو” التي تتميز بالسطحية، حيث يعاني المختصون على مستوى لجنة القراءة من هذا الإشكال الذي يبقى قضية عالقة تؤرق الإنتاج السينمائي الجزائري، رغم عديد المحاولات التي تدعو إلى تشجيع الناس والمهتمين بهذا الشأن على كتابة سيناريوهات بمقاييس معينة، لكن للأسف إذا وجّهت كاتبا معينا لإعادة السيناريو أو على الأقل النظر فيه لا يحبّذ ذلك لاعتبارات لا تمتّ للمهنة بصلة. وهذا راجع إلى غياب التقاليد في هذا المجال، ناهيك عن ضعف التكوين والدراسة والبحث. في رأيك لِمَ لَم يتم تجديد جائزة ”الفنك الذهبي”، هل لسيطرة بعض الدول العربية على أغلب الجوائز؟ الجائزة المذكورة تابعة للمؤسسة المسماة ”الفنك” والتلفزيون الجزائري وبالتالي ليس لدي تصور حقيقي عن هذا، إلا أنه مبدئيا حينما تنظم مثل هذه الجوائز ومثل هذه المبادرات يجب أن تحوّل الأموال إلى أصحابها فور حصولهم على الجوائز وذلك بالتعامل مع البنك، فالكثير من هؤلاء اشتكى من عدم وصولها، وهو السبب الأقرب الذي أدى إلى توقيفها نهائيا، حيث بقيت مجرد وعود فحسب. لذا أستبعد في نظري فكرة سيطرة الدول العربية على أغلبية الجوائز، لا سيما السينما المصرية والسورية، لأن الإنتاج التلفزيوني الجزائري كان له حظه الوافر في نيل هذه الجوائز عن أعمال متنوعة. هل استطاع الربيع العربي تحريك الإنتاج السينمائي في الوطن العربي، مثلما فعلت ثورتنا التحريرية المباركة وأحداث التسعينيات؟ أولا مصطلح الربيع يجب أن يحقّق ويكرّس خلال سنين طويلة لمدى الغموض الذي يكتنفه، والثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي بدايتها وانطلاقتها أدخلت الشك في نفوس الشعب، ولكن بعد سبع سنين أصبحت الثورة معروفة عالميا، وكان للسينما بمجمل ما تناولته من أحداث في أفلامها دورا كبيرا في التعريف بها، لا سيما السينما الثورية في الجبال التي ساهمت في إبراز كفاح الشعب الجزائري واستماتته ضد العدو. فمن المستحيل أن تقارن بين ثورة من هذا النوع وهذا الحجم بمظاهرات لا زلنا لم نعرف من هو المستفيد منها ومن هو المتضرر منها. وفي ظل غياب مصادر الحوادث ونتائجها، ليس باستطاعة أي أحد منا إطلاق الحكم عليها بالسلب أو الإيجاب، فالواجب من كافة العرب سياسيين أو شعوب الانتظار قليلا ليتسنى لنا معرفة كل شيء بالتفصيل. الثورة الجزائرية وبدرجة أقل أحداث العشرية السوداء حرّكت الإنتاج السينمائي العربي وبالخصوص الجزائري لأنها ثورة تحرر الشعوب من قيود الاستعمار. اليوم وبما أنها شاركت في الحرب التحريرية تستحق عناية أكثر من مظاهرات وأحداث فتراتها متقطّعة وظرفية في آن واحد. في أية زاوية نصنّف أفلام الربيع العربي؟ لقد رأيت أفلام قصيرة منتجة حول الأحداث التي ألمّت بربوع الوطن العربي من مختلف الدول العربية تدّعي في مضامينها الاتجاه الديمقراطي والتحرري وقس على ذلك، باستثناء ما لن تبرزه في نهاية القصة بتوضيح الرؤية حول مستقبل الأنظمة العربية الذي لا يزال مجهولا وغامضا في بعض البلدان على غرار مصر وسير الانتخابات فيها، خاصة بعد فوز الإخوان المسلمين بأغلبية الأصوات، وكذا تونس وفوز التيار الإسلامي وظهور نداءات معارضة لهم. فما أريد هنا الإشارة إليه هو وجود حالة اصطدام مصالح، تطرح جملة من الأسئلة والاستفسارات حول مدى نجاح أو فشل هذه الثورات. وبالتالي فأغلبية الأفلام تعبّر عن جانب ديمقراطي يتعلّق بأحداث ووقائع راهنة وظرفية، والسؤال الأهم من هذا كله، هل تعكس هذه الأعمال موقف الناس والتيارات المناهضة من الطرف الآخر؟ وكمثال على ذلك الذين حصلوا على الحكم في مصر وأقصد الإخوان فيظل رأيهم علامة استفهام تبحث عن إجابة. نعود إلى السينما الجزائرية، كيف ترى مستقبلها؟ أنا متفائل ومتشائم في نفس الوقت، متفائل لأنه يتبادر إلى ذهنك وأنت ترى الشباب مفعم بالحماس والإبداع وغيرها من الرغبات التي تدل على تطوير العمل بالبحث والاستلهام من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال بغرض تطبيقها على السينما الجزائرية، ومتشائم حينما ترى الكم الكبير من الصعوبات التي تعيق تطور الصناعة السينمائية في بلادنا، وفي مقدمتها قاعات العرض المغلقة التي لم نتمكّن من فتحها للجمهور، بالإضافة إلى ضعف الجانب الصناعي والتجاري للسينما المتعلق بالترميم والبناء وغيرها. ^ هل هناك أعمال سينمائية جزائرية تناولت أو ستتناول السيرة الذاتية لشخصيات سياسية تاريخية أدبية؟ هناك مشاريع كثيرة منها ما قدم ومنها ما لم يتم إطلاقه بعد، على رأسها فيلم العربي بن مهيدي، كريم بلقاسم اللذين وافقت عليهما وزارة الثقافة وتم تقديمهما إلى وزارة المجاهدين التي لم ترد إلى غاية الآن بالقبول أو الرفض. بالمقابل، أنتجت مجموعة من الأفلام القصيرة التي تناولت سير مختلفة على غرار الفيلم الوثائقي الذي أنتج حول ابن باديس، والفيلم الطويل عن حياة الشيخ محمد المقراني، إلى جانب أفلام عن شخصيات أدبية وتاريخية. وأود التنويه في هذا الجانب إلى أنه يوجد اليوم نشاط فعّال في هذا المجال. هل هناك أعمال لم تر النور مثل عمل كريم بلقاسم العربي بن مهيدي الذي لا يزال مركز المجاهدين لم يوافق عليه بعد؟ حسب علمي هناك بعض الأعمال - لا أذكرها - ويرجع السبب في بقائها حبيسة الأدراج هو السيناريو باعتبار أغلب السيناريوهات غير قابلة لإخراجها في شكل فيلم مميز ويرقى إلى ذوق المشاهد، وكذا ميزانية الأموال المخصصة لإنتاجها، لأنها تكلّف كثيرا خزينة الدولة. والحل هو إيجاد سيناريو جيد وتكون له أموال هائلة بواسطة التمويل من أطراف مختلفة، لأن صندوق الدعم الذي تخصصه الدولة غير كافي ولا يمكنه تغطية جميع المصاريف. وبالتالي، من الضروري وجود أطراف أخرى ممولة كالتلفزيون ورجال الأعمال، أو المراكز السينمائية الخاصة. إلى أين وصل مشروع فيلم الأمير عبد القادر؟ لا زال متأخرا والتأخر الذي يطال هذا المشروع عن هذه الشخصية التاريخية الجزائرية مردّها التخوف من تقديم الفيلم وفق رؤية لا تخدم تاريخنا من خلال بعض الاقتراحات حول جلب مخرج أمريكي لصناعة الإخراج، لكن لذات السبب تم التراجع عن الفكرة، وهو الأمر الذي جعل وزارة المجاهدين تشكّل ضغطا على الأعمال الخاصة بالثورة الجزائرية والتاريخية بصفة عامة، باعتبار أن هذه المواضيع تشكّل لديها نقطة حسّاسة، بالإضافة إلى غياب الوسائل والإمكانات الضخمة للبدء فيه، ونحن للأسف نفتقر إلى مؤسسة سينمائية قوية حتى ننجز هذا العمل. حاوره: حسان مرابط
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)