عند بداية العروض السينمائية الأولى وابتداء من 1895 في العالم وفي ذات الفترة كانت الجزائر حينها قد مر على احتلالها 65 سنة أي ما يفوق نصف القرن على يد شارل الخامس، والذي جعل من الجزائر امتدادا إقليميا لفرنسا، وفي الوقت الذي عرفت السينما انتشارا عبر كامل المعمورة بقي الشعب الجزائري بعيدا عن مفاهيم الصورة حيث في سنوات الثلاثينات أصبحت السينما ممارسة عائلية على المستوى العالمي، في هذا الوقت كان ما يهم الجزائري هو قضية جوهرية وهي البقاء والمقاومة.، لكن جذور السينما الجزائرية تعود لفترة الاستعمار أو ما يعرف بالسينما الاستعمارية فقد كانت حاضرة في الجزائر المحتلة في نفس سنة انطلاق العروض عبر العالم "هذه السينما الاستعمارية تعود إلى 1895 عندما قام فليكس مسغيش المولود في الجزائر بمساعدة الإخوة لوميير بتصوير أول الأفلام الوثائقية كطريق باب عزون والتفريغ في الميناء."هذه البدايات تحسب على المستعمر الذي سخرها لخدمة مصالحه ووجوده باعتبار أنه كان في موقع سلطة وقوة كما تقول الباحثة الجزائرية نادية الكنز "السينما وسيلة اتصال أخرى هي سلطة في خدمة السلطة المسيطرة." ،وفي الواقع لقد عرفت السينما الجزائري عدة مراحل سواء قبل استقلالها أو بعده فتراوحت بين النهضة والتطور ثم السقوط ولنطرح مدى تأثير الاستعمار في تكوين صورة الجزائري وهذا بالنظر عن قرب عن محتوى المضامين التي كان يطرحها عبر السينما عن الجزائريين وهذا كما ذكرنا باعتبارها سخرت السينما أيضا لتجذير تواجدها في الجزائر وتسنى لها ذلك بواسطة السينما إذ "ساهمت السينما الاستعمارية في تفكيك الحقيقي وإعادة بناء صور حسب توجهاتها الإيديولوجي كما وظفت دعايتها لإضفاء الشرعية على النظام الاستعماري." ، والدليل على ذلك هو إنتاجها السينمائي في الجزائر إلى حدود سنة اندلاع الثورة التحريرية 1954 "بين سنة 1911 إلى سنة 1954 أنتج حوالي ثمانين 80 فيلما روائيا طويل في الجزائر دون احتساب الأفلام الوثائقية منه ذات الطابع القبلي والفلكلوري." ، والأمر المميز لهذا الأفلام هو أنها تجعل صورة الجزائري في مرتبة تحقيرية وتهميشية وتظهره بكل الصفات السيئة التي قد يحملها الإنسان وهذا طبعا خدمة لسياسة الاستعمار والتي تصب في النظرة الدونية نحو الجزائري "هذه الأفلام تحمل عنصرية ( ...) وتجعل الاستعمار فائدة وامتياز حضاري يحضى ويستفيد منه الأهالي هذه المخلوقات الأولية والهامشية." ، إن هذه النظرة وهذا التوجه عمدت إليه السياسة الاستعمارية لإدراكها الأبعاد الخطيرة لسلطة الصورة وهو ما ايقنته الإدارة الفرنسية والتي جعلت السينما أداة أخرى لضمان البقاء وهاهو العقيد الفرنسي مارشان يوجه رسالة لمدير مجلة يوضح فيها وجهة نظره حول استعمال السينما كوسيلة عسكرية في إفريقيا "هناك طريقة نافعة لنزع السلاح من الأولي– يقصد المستعمَر– هي إضحاكه (...) السينما الكوميدية ( عفوا) هي بالتأكيد سلاح غزو إفريقيا. "، ونجد في الأفلام التي أنجزتها السينما الاستعمارية والتي كما قال هذا العقيد الفرنسي وجهت لإضحاك المستعمر وبوجه خاص المستعمر المسلم "ففي سنة 1897 أنتج فيلم بعنوان المسلم المضحك وفي سنة 1907 أنتج فيلم علي الملتحي من إخراج ملياس– الذي يظهر أنه استوعب خطاب هذا العسكري–"، هذا المخرج وأمثاله حاولوا بواسطة هذه الأفلام أن يصور الجزائري المسلم على أنه شنيع ، قبيح وحقير وهو ما يؤكد على شناعة السياسة الاستعمارية ومدى تأثير السينما كآلة دعاية وحرب في فرض صورة نمطية على جماعة أو أفراد أو حتى شعب كامل وهو ما سخرت له السينما في الجزائر من طرف الاحتلال الفرنسي والذي لم يغفل أي وسيلة لتحقيق ذلك.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/10/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : بوخاري مليكة العاصمة
المصدر : www.eldjoumhouria.dz