الجزائر

السيد أحمد جاوت مفتش سابق للتربية والتعليم الابتدائي لـ''المساء'': ‏أفنيت حياتي في خدمة المنظومة التربوية... ومعلّم الأمس يختلف عن معلّم اليوم



اجتازت مدينة الناصرة، أكبر المدن العربية الفلسطينية، المرحلة الأولى من مسابقة أجمل سبع مدن في العالم، وانتقلت إلى المرحلة الثانية، حيث تتنافس 300 مدينة عالمية، ويأمل أهلها أن تنتقل إلى المرحلة الثالثة والحاسمة.
وقال الناطق باسم بلدية الناصرة سهيل دياب؛ إنّ ''مدينة الناصرة دخلت ضمن مسابقة ''نيو سيفن وندرز سيتيز'' بفضل محبي المدينة في الناصرة والعالم، وقد بلغت المرحلة الثانية من بين 1200 مدينة من كافة أنحاء العالم''، وأضاف أنّ ''المرحلة الثانية من المسابقة، انطلقت لاختيار 300 مدينة، أمّا المرحلة الثالثة المتوقّعة خلال الشهرين المقبلين، فسوف تكون حاسمة وسيعلن خلالها عن مجموعة أجمل سبع مدن في العالم''، مؤكّدا؛ ''نحن نقوم كبلدية بدور ترويجي، إعلامي، معنوي وتشجيعي، بهدف دفع الناس إلى التصويت لمدينتنا الرائعة''، وسيتم التصويت عبر الموقع الإلكتروني ''نيو سيفن ووندرز سيتيز''.
وتقوم بلدية الناصرة بحثّ الجمهور على التصويت، من خلال حملة انطلقت منذ أشهر عدّة عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي ''فيسبوك'' تحت عنوان ''نازاريت، ذي مادجيكال سيتي''، وتضمّنت الصفحة الخاصة على موقع ''فيسبوك'' صورا وأشرطة لمدينة الناصرة، وأخرى لفرقة ''الثلاثي جبران''، وللشاعر الفلسطيني محمود درويش وهو يلقي قصيدة ''الناصرة''، بالإضافة إلى شريط يظهر الطبيب حسام الحايك، ''وهو ابن المدينة'' الذي اخترع ''الأنف الاصطناعي''، والذي يمكن من خلاله تشخيص مرض السرطان.
ومدينة الناصرة هي مدينة البشارة بميلاد السيد المسيح بحسب المعتقدات الدينية، وهي مقصد للحجاج المسيحيين من كافة أنحاء العالم.. إذ تحتل مكانة خاصة لديهم، وكانت المدينة قد تلقت زيارة ثلاثة باباوات هم؛ البابا بولس السادس في 5 يناير 1964 والبابا يوحنا بولس الثاني في 25 مارس 2000 الموافق فيه عيد البشارة، وآخرهم البابا بنديكتوس السادس عشر في 14 ماي ,2009 وفي الناصرة، نجد كنيسة البشارة وجبل القفزة وأماكن مقدّسة أخرى، ففيها يقوم الجامع الأبيض وهو أحد ابرز معالم المدينة، وأوّل مسجد للمسلمين فيها، وقد انتهى تشييده في العام ,1804 إلى ذلك، تعتبر الناصرة مركزا تجاريا وثقافيا لقرى الجليل، وهي تطل على بحيرة طبريا، ويبلغ عدد سكانها العرب نحو 72 ألف نسمة.
 
يتناول الأديب اللبناني العالمي أمين معلوف في كتابه ''عالم الفوضى.. وضع مسار جديد للقرن الواحد والعشرين'' الصادر مؤخرا، ما يجري في العالم عموما والعالم العربي والشرق الأوسط خصوصا، وما يخصّ أوضاع المهاجرين العرب والمسلمين المقيمين حاليا في المهجر، وأزمة الهوية لديهم.
يستهل معلوف كتابه الذي صدر بلغات عدّة، وصدرت نسخته الإنجليزية عن دار ''بلومبزبري'' في نيويورك ولندن، بقوله ''عندما قرّرت أن أستكشف عالم الفوضى، توصّلت إلى استنتاج بأنّ في جذور مشكلة العالم العربي، كون قادة هذه المنطقة من العالم يفتقرون إلى الشرعية، في نظر أبناء شعوبهم التي حرمت الحرية، الكرامة والحصص المشروعة من مواردها المادية الضخمة؛ من النفط والخيرات الطبيعية، مما أدّى إلى تشاؤم هؤلاء المواطنين وميلهم إلى تحطيم أنفسهم في سبيل تبديل الأوضاع''.
وأضاف أنّ الربيع العربي بدأ بانتحار مواطنين فقدوا الأمل، وهو يشبه إلى حدّ كبير انتحار الكهنة البوذيين الذين أحرقوا أنفسهم اعتراضا على الحرب الأميركية في فيتنام في ستينيات القرن الماضي، ويرى معلوف أنّ الربيع العربي الذي انطلق في عام ,2011 يشكّل أقوى وأفعل ردّ على اعتداءات سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، وعلى النظرة الجهادية العنيفة التي دفعت إليها، إذ أنّ الانتفاضات السلمية في 2011 في شوارع المدن العربية، أسقطت أيديولوجية تنظيم القاعدة قبل سقوط قادتها.
ويطرح الكاتب، الحائز على جائزة ''غونكور'' الفرنسية المرموقة (1993) عن روايته ''صخرة طانيوس''، من خلال كتابه ''عالم الفوضى''، سؤالا مفاده؛ ''هل ستستعيد مصر، الدولة الأكثر سكانا عربيا، والتي قادت العالم العربي في الماضي، خاصة إبان فترة قيادة الرئيس جمال عبد الناصر قيادتها لهذا العالم؟''، ويؤكّد صاحب ''ليون الأفريقي'' أنّ من الصعب جدّا الإجابة على هذا السؤال، في ضوء المتغيّرات السريعة التي تحدث في العالم العربي والعناصر العديدة المتداخلة في هذه الأحداث، ولكن ما يعتبره معلوف أمرا مهما في التطوّرات الأخيرة، هو أنّ العرب وضعوا حدّا للأسطورة القائلة، بأنّهم لا يتوقون إلى الحرية، شأنهم شأن شعوب العالم الأخرى، وينوّه بشجاعة الملايين من أبناء الوطن العربي الذين واجهوا القنابل والرصاص بصدورهم العارية وأيديهم في شتى المدن العربية الثائرة.

تُوجت تلمسان، سهرة أول أمس، ملكة على عرش قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة، وجلست ترخي ''ستائرها'' الإبداعية الأصيلة في أسبوعها الثقافي بالجزائر العاصمة، بحضور ملفت لسفراء مختلف الدول، لتثبت بحق أنها حاضرة المغرب العربي وعاصمة للثقافة الإسلامية لسنة ,2011 وجاءت لتتميز كعادتها بمشاركة فسيفسائية للعديد من الفنون، انتشرت في مختلف أركان القصر.  
أشرفت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي على الافتتاح الرسمي لفعاليات الأسبوع الثقافي في بهو قصر الثقافة، في أجواء فلكلورية نشطتها فرق وجمعيات محلية لولاية تلمسان، وجابت المعارض المقامة جناحا جناحا، وقالت أن استقبال ولاية تلمسان في الجزائر العاصمة يندرج في إطار تبادل الأسابيع الثقافية بين الولايات التي تشرف عليها المهرجانات المحلية للثقافة والفنون الشعبية، وذكرت أن كل ولاية تحتضن خمس ولايات وتزور خمسا. وأضافت الوزيرة أن تلمسان وهي عاصمة للثقافة الإسلامية قد استقبلت في غضون سنة، خمسة وعشرين بلدا وسبعا وأربعين ولاية، ويحق لها أن تحظى باستقبال كبير ومهم من طرف الوزارة وبحضور بعض من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، في أسبوعها الثقافي بالعاصمة، وقالت ''أنه أضعف الإيمان". وتابعت السيدة تومي تقول أن الوصاية فخورة بالإنجازات التي تمت بفضل الإطارات الجزائرية، وكل ما تم تحقيقه هو شرف للثقافة الإسلامية، إذ أبرزت معاني ثقافة الانفتاح على الآخر والتواصل والمحبة.
من جهته، أكد مدير الثقافة لولاية تلمسان السيد حكيم ميلود، أن هذه المشاركة القوية هي تعبير عن عرفان تلمسان للدولة الجزائرية نظير ما قدمته من مشاريع حضارية كانت بمثابة انعطاف مهم في تاريخ الفعل الثقافي للجزائر وتأسيسا لثقافة بناء الأجيال والمستقبل.
وأضاف المتحدث أن تلمسان اليوم بإنجازاتها أضحت تضاهي الصروح الموجودة في العالم، وأن كل ما أقيم من معارض ومهرجانات واستقبال للوفود الأجنبية التي انبهرت بالتظاهرة، يعكس تعافي الجزائر، ويؤكد على أنها تنظر في الوقت الراهن إلى مستقبلها وتعمل لأجله، من خلال رؤيتها المبنية على الاستثمار في الرأسمال الرمزي وهو الإنسان، داعيا في هذا السياق إلى تكريس هذا المسعى في كل الولايات.
وكانت الوزيرة قد جابت أروقة المعارض المتمثلة في معرض الصناعات التقليدية الحرفية لحرفيين من غرفة الصناعات الحرفية والتقليدية وجمعيات محلية، ومعرض لصور مدينة تلمسان القديمة وزخرفة لأبوابها والفانتازيا، ومعرض للأكلات والحلويات الشعبية التقليدية، بالإضافة إلى معرض للباس والزي التقليدي، بالإضافة إلى معرض للكتاب يضم مؤلفات لكُتاب من الولاية، ومعرض للفنون التشكيلية يضم كذلك أعمال رسامين تشكيلين من الولاية، وأخيرا معرض سياحي ينظمه الديوان السياحي لولاية تلمسان.
ونشطت سهرة الافتتاح كوكبة من الفرق الفلكلورية هي الفرقة الفلكلورية ألوان بلادي للعلاوي الكدية، والفرقة الفلكلورية لجمعية عشاق سيدي يوسف السعدانية لعين تالوت، والفرقة الفلكلورية لجمعية الأمير عبد القادر عين يوسف وفرقة لجمعية الشيخ بوعمامة للرمشي، وفرقة الجوهرة وأخيرا فرقة الزرنة والطبالين.
وشهدت السهرة الأولى قراءات شعرية مع الشاعر سايح بغداد، وحفلا فنيا في الطبع الحوزي مع المطربة ريم حقيقي والفنان بن ميلود سيدي محمد، كما تم تقديم عرض لفرقة العرس التقليدي التلمساني تحت قيادة طبال راضية.

برمجت الجمعية الوطنية للإدماج المدرسي والمهني للمصابين بالتريزوميا ''انيت'' عدة نشاطات، احتفالا باليوم العالمي للتريزوميين المصادف لـ21 مارس من كل عام.
واعتبرت الجمعية أن الهدف من إحياء هذا اليوم هو أولا وقبل كل شيء، توفير جو تضامني مع هذه الفئة والحديث عنها وعن مشاكلها وإنجازاتها، إلى جانب الوقوف لتقييم ماتم، وتوضيح أن الاختلاف ميزة، وأن لهذه الفئة دورا تلعبه في المجتمع، ومن ثم مشاركة الآخرين أعمالها.
ويقول بيان الجمعية إن هذا الاحتفال هو ''لفتة نحو الـ70 ألف مصاب بالتريزوميا في الجزائر، والـ 8 ملايين مصاب بها في العالم. فتاريخ 21 مارس أي (21/3) هو تجسيد لحالة هؤلاء الذين يكمن اختلافهم في امتلاكهم
 لـ 3 كرومزومات 21 بدل اثنين''.   
وفي نفس الوقت، سيكون هذا اليوم وقفة للتحسيس وترقية الفهم لدى الناس لطبيعة هذه الفئة من المجتمع، بغية الحصول على دعم دولي لتحقيق الكرامة والمساواة في الحقوق لهؤلاء، لحياة أفضل.
وفي برنامج اليوم العالمي للتريزوميا، سيتم تنظيم حفل موسيقي بقاعة ''سيرا مايسترا'' من إحياء فرقة الجمعية، بمشاركة المطرب حميدو، إضافة إلى عرض سحري من تقديم الساحر فيلالي رئيس الجمعية الكندية ''سحرة بدون حدود''.
وستكون ''انيت'' حاضرة في الصالون الدولي للطفل المنظم إلى غاية 25 مارس الجاري، عبر جناحها الذي يتضمن عرضا عن الجمعية ونشاطاتها، ومعرضا لأهم الأعمال المنجزة من طرف منتسبيها من الأطفال المصابين بالتريزوميا.
وفي السياق، ستشارك يوم 24 مارس في نصف ماراطون المتيجة تحت شعار'' نجري باختلافاتنا''، وذلك عبر30 طفلا تريزوميا.
وكانت الجمعية قد نظمت خرجة لحوالي 80 طفلا بمساهمة بلدية الأبيار لحديقة بيروت، تم خلالها غرس أشجار وتنظيم مسابقة تدور حول حماية البيئة، وكذا مسرحية حول التريزوميا ودورة صغيرة لكرة القدم، إضافة إلى ورشات أخرى للرسم والألعاب الترفيهية التثقيفية.
 

أحمد جاوت عارف بخبايا المنظومة التربوية، ومحبّ لكلّ ما له علاقة بالمدرسة، الكتاب، المناهج، المعلم والتلميذ.... هو موسوعة في عالم التربية. بدأ معلما، فمستشارا، ثم مفتشا، تقلد العديد من المناصب التي يعتز بها؛ منها العضوية في اللجنة الولائية للأعمال المكمّلة للمدرسة (نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات)، وعضو في لجان تأليف الوثائق التربوية، إلى جانب المشاركة في التعديلات والتحقيقات المجراة على المناهج في إطار لجان الأعمال، وعضو في اللجنة المتخصصة لبناء مناهج التربية العلمية والتكنولوجية في منظومة الإصلاح، كما مثّل الجزائر في أول مشاركة لها بعاصمة الثقافة العربية بسلطنة عمان، أحسن تمثيل... وحول هذه الموسوعة التربوية، استحق أن يكون من شخصيات الأسبوع، وحاورت لكم ''المساء'' أحمد جاوت في هذه الأسطر.
- ''المساء'': هل لك أن تحدّثنا عن بدايتك في عالم التربية والتعليم؟
* أحمد جاوت: دخلت عالم التعليم مبكرا، حيث كان عمري لا يتجاوز21 سنة، وكانت الجزائر وقتها تعيش وضعا مقلقا في جميع القطاعات الوظيفية، بحكم هجرة الأجانب، ما ترتب عنه شغور المناصب، إذ من بين 17 ألف موظف هاجر 15 ألف منهم، وفي المقابل، كان لابد على الجزائر أن تواجه هذا الفراغ الرهيب الذي مسّ قطاع التربية، فلجأت إلى التوظيف عن طريق الشهادات، غير أن ذلك لم يسد الفراغ، ما دفعها إلى التوظيف عن طريق المسابقات، لتنتهي أخيرا إلى الأجانب، وقتها كنت متمدرسا بالثانوية، ثم تابعت الدراسة بالجامعة وشرعت في مهنة التدريس التي كنت أحبها كثيرا، مما جعل مديرة المدرسة التي كنت أدرس بها تخاطبني قائلة: ''أراك تتمتّع باستعداد للعمل، إذن أنصحك إن أردت البقاء، أن تستعد للامتحانات لتثبّت في منصب العمل، وبالفعل، اجتزت الامتحانات، وبعد ثلاث سنوات تحوّلت إلى معلم مطبق أمارس المهنة بالميدان.
- كيف تقيّم المحطة الأولى من حياتك؟
* أستطيع القول أنّه على الرغم من أنّني دخلت عالم التعليم في ظروف صعبة، حيث كانت الجزائر تعيد بناء نفسها، غير أنّني كنت في كلّ مرة أقول إنّ المعلم، رغم كلّ ما يقال عنه، لا يمكن مقارنته بغيره من الموظفين، لأنّه يتمتّع بخصوصية تميّزه عن غيره، فهو ذلك الإنسان المعتدل المتزن الذي تعهد إليه وظيفة التربية والتعليم لبناء القدرات الفكرية، ويكفيني شرفا أنّني أسهمت في سدّ الفراغ الذي كانت تعانيه الجزائر وقتها، وعلى الرغم من قلة التكوين ونقص وضعف المعرفة الأكاديمية، ناهيك عن الظروف الاجتماعية التي كنا نعاني منها، غير أنّني كنت أتمتّع برغبة واستعداد للعمل، وكنت محبا لمهنة التعليم، ناهيك عن أنّ وطنيّتي كانت متّقدة، ما جعلني أبذل قصارى جهدي لتكوين ذاتي من خلال احتكاكي المباشر مع أناس ذوي خبرة وكفاءة معرفية مهنية، ولعلّ الجهد الذي بذلته في سبيل أداء الأمانة التي أوكلت إليّ بكل تفان وإخلاص، جعلتني أرتقي من مهنة التعليم إلى التفتيش.
- إذن التفتيش هي المحطة الثانية في حياة أحمد جاوت؟
* بعد أن أمضيت ست سنوات في مرحلة التعليم، انتقلت إلى مرحلة التفتيش التي تعدّ بمثابة ترقية بحكم تفانيّ في العمل وحبي للمهنة، وهي المرحلة التي عملت فيها على دعم المعلم من خلال العمل على رفع مستوياته، ببرمجة دورات تكوينية وندوات فكرية تربوية، وكنت في كلّ مرة أؤكّد فيها على ضرورة التركيز على تكوين المعلم، وقد كنت محظوظا، لأنني خلال هذه المرحلة، عملت على تنمية وتحسين قدراتي، وعملت في نفس الوقت على نقل خبرتي للمعلمين، الذين كانوا يعانون من نقائص عديدة في الجانب اللغوي، وكلّ ما يتعلق بمهنة المعلم بصفة عامة.
- كيف تقيم حال المعلم اليوم، بحكم أنك مارست التعليم والتفتيش؟
* ببساطة، أستطيع القول أنّ ذهنية معلم اليوم وذهنية معلم الأمس تختلف، لأنّ معلّم اليوم يعتبر نفسه موظّفا عاديا، تغيب لديه الرغبة في ممارسة المهنة التي كان يتميّز بها معلم الأمس، وما كان يتحلى به من قوّة تحمّل وحبّ للمهنة، على الرغم من النقائص التي كان يعانيها... ما أريد التركيز عليه من خلال المقارنة، أنّ الحلقة المفقودة اليوم في المعلم، وهو ما لا يعرفه الكثيرون، هو أنّهم عند تقييمهم للمعلم ينطلقون من المحتويات والبرامج والكتب، غير أنّ الأمر ليس ها هنا، بل هو رهين بمدى قوّة المحور المنفّذ لعملية التدريس الذي يصابح ويماسي التلاميذ، وبالتالي النتائج مرهونة بتكوين المعلم وحسن اختياره عند عملية التوظيف، وهو ما وقفت عليه في مرحلة التفتيش، لذا أعتقد أنّه لابدّ من إعادة النظر في طريقة اختيار المقبلين على التعليم، فليس كلّ متعّلم يصلح لمهنة التعليم، لأن المعلم الذي لا تتوفّر فيه جملة من المقاييس على غرار الاستعداد للعمل والليونة والاستقامة وحبّ الوطن، لا يصلح للتعليم، والمعلم في اعتقادي هو الماضي بخبراته والحاضر بمشاكله والمستقبل بتنبؤاته.
- تبدو حياتك عامرة بالأحداث، فما هي أكثر المحطات التي تعتزّ بها؟
* حقيقة، حياتي المهنية عامرة بالنجاحات، فبعد الاستشارة انتقلت إلى التفتيش، وكان لي شرف التواجد باللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية المساهمة في صياغة التقرير النهائي الذي سلّم لفخامة رئيس الجمهورية، حيث تابعت عملية الشروع في تطبيق الإصلاحات، كما شاركت في العديد من الملتقيات الجهوية لشرح عملية الإصلاح، ولعلّ من بين المحطات التي أعتّز بها، تلك التي اخترت فيها لأمثّل الجزائر في مؤتمر حكومي بالتعاون مع منظمة ''اليونيسف''، والذي اندرج تحت لواء عاصمة الثقافة العربية بمسقط ''سلطنة عمان''، حيث شاركت الجزائر لأوّل مرة وتحديدا سنة ,2007 وأذكر أنّني طلبت من الهيئة التي اختارتني أن أطّلع على ملفات الدورات السابقة، فقيل لي أنني اختِرت لأمثّل الجزائر في الدورة الأولى، فما كان مني إلاّ أن بذلت الجهد المطلوب لتمثيل الجزائر أحسن تمثيل.
- كيف مثّلت الجزائر؟
* أذكر أنّ المؤتمر كان يخصّ الطفولة والتربية، حيث شاركت رفقة الوفد المرافق لي في بعض المداخلات والنقاشات، كما قمنا باستعراض الانجازات المحقّقة في مجال الطفولة، وكان لنا شرف المشاركة بحفل الافتتاح والاختتام، ما جعل للجزائر تأثيرا إيجابيا في مشاركتها، غير أنّ ما ظلّ عالقا بذاكرتي، لحظة اختيرت الجزائر ممثلة في شخصي، لتمثّل الدول العربية ما أثار حفيظة بعض الدول العربية على غرار مصر وليبيا، من منطلق أنّ الجزائر تشارك لأوّل مرة، فكيف لها أن تمثّل الدول العربية.
- ألم تندم يوما على ربط حياتك المهنية بالمنظومة التربوية؟
* لم أغادر المنظومة التربوية طيلة 35 سنة، رغم كلّ مشاكل ومتاعب القطاع، ببساطة لأنني أقبلت عليها راغبا وليس مرغما، وهذا ما جعلني أوظّف كلّ ما لديّ من قدرات، وبعد أن أحلت على التقاعد سنة ,2009 قرّرت ألا أتوقّف عن العطاء، ما جعلني أشغل اليوم منصب عضو باللجنة الوطنية المشتركة بين وزارة التربية والثقافة المكلّفة بترقية الكتاب ونشر ثقافة المطالعة في الوسط المدرسي، فحبي للمنظومة التربوية وللتعليم لا حدود له، إلى جانب شغلي لمنصب مستشار وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي.
لقد كنت محظوظا، لأنّني عملت مع أناس ذوي خبرة وكفاءات معرفية ومهنية عالية، فتتلمذت على يدهم، وتعلّمت عنهم الكثير، خاصة في مرحلة الاستشارة التربوية، وأخصّ بالذكر المعلّم الكبير والأستاذ الفاضل الشيخ محمد الحسن فضلاء، رحمه اللّه برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه.
- ما هي أسوا ذكريات أحمد جاوت في مساره المهني؟
* أكثر ما أندم عليه لحظة تمّ الشروع في تطبيق عملية إصلاح المنظومة التربوية، طلب مني وبإلحاح الانضمام إلى المركز الوطني للتوثيق التربوي بصفة أمين عام في ,2004 فرفضت، ولكن إلحاح الأخ المحترم والصديق العزيز السيد مدير المركز يومئذ صيّر الرفض قبولا، باعتبار أنّ ثمة هدفا آخر، وهو تكوين طاقم بيداغوجي أو فريق تربوي لإعداد وثائق تربوية ذات طابع ديداكتيكي، وهكذا نهيئ المعلمين للشروع في تطبيق الإصلاح ونضمن فعالية تنفيذ المناهج، وبالتالي دخولا مدرسيا مستقرا يبعث على الإرتياح.. لكنّه مع الأسف حدث ما حدث؟!.
- تبدو شخصا صارما؟
* ملاحظتك في محلّها.. كنت صارما طيلة مشواري المهني حتى لقّبت بالصارم، ففي وقت العمل لا مجال للمزاح، وحتى أكون صريحا، الصرامة هي جزء من شخصيتي وأتعامل بها حتى مع أفراد أسرتي.
- بالحديث عن الأسرة، ألم يؤثّر انشغالك بعالم التربية على واجباتك العائلية؟
* بصراحة.. قصّرت قليلا في حقّ أسرتي وأولادي، لأنّ العطاء المهني تغلّب على العطاء العائلي، وهو ما أدعو أفراد عائلتي إلى أن يسامحوني عليه، لأنني كنت حتى بالعطل غائبا عن المنزل، للمشاركة في الملتقيات التي كانت تبرمج بالجامعات الصيفية، ما جعلني أقصّر في تلبية بعض الرغبات العائلية، وكنت في كلّ مرة أطلب من أفراد أسرتي عند حلول مناسبة معيّنة، أن يبلغوني بها أسبوعا قبل موعدها، لأبرمجها في جدول أعمالي، لأنّني كنت أرفض الخضوع للالتزامات الفجائية في وجود التزام مهني.
- بعيدا عن المنظومة التربوية، هل تمارس هواية معينة؟
* هوايتي المفضلة هي الاستماع إلى الموسيقى وتحديدا الشعبي؛ مثل الحاج 'روابي -رحمه الله- والحاج أمحمد العنقا، كما أميل إلى الاستماع للحوزي والعاصمي، لأنّ الموسيقى كانت تخفّف عليّ ما كنت أعانيه من ضغوط في العمل، ولا يخفى عليكم أنني أنتمي إلى منطقة أزفون التي يعرف سكّانها بالميل إلى قعدات الشعبي، وأنا واحد منهم.
- كلمة أخيرة؟
* أنصح أيّ شخص تسوّل له نفسه، اقتحام عالم التربية والتعليم أن تكون لديه الرغبة الكافية والاستعداد اللازم، وأن يكون متشبّعا بروح الوطنية، لأنّ المعلم مكلّف بإعداد أجيال، ما يجعل مهمته معقّدة وذات خصوصية لا يعرف قيمتها إلاّ القليل، كما لا أفوّت الفرصة من خلال جريدة ''المساء'' لأحيي كل العاملين والعاملات والمديرين والمديرات الذين كان لي شرف العمل معهم في المقاطعات التفتيشية التي أشرفت على تسييرها، والذين لا أزال أحتفظ لهم بذكريات طيبة قوامها الاحترام المتبادل وخدمة المدرسة الجزائرية، ومن بين هذه المقاطعات، أذكر الأبيار، باب الواد، واد قريش، بولوغين، بلدية الجزائر الوسطى، المدنية، والمرادية التي حظيت فيها بتكريم خاص، فشكرا للجميع.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)