الجزائر

‭ ‬السياسي‮ ‬ترصد حكاية أربعة أشهر من السلمية والصمود



الجزائريون‮ ‬يحصدون ثمار نضالهم من أجل التغيير الجذريحقق الحراك الشعبي،‮ ‬إلى حد الآن وعلى مدار أربعة أشهر،‮ ‬نتائج ايجابية،‮ ‬حيث‮ ‬يواصل الجزائريون نضالهم‮ ‬من أجل التغيير الجذري،‮ ‬ومما لا شك فيه أن سلسلة المحاكمات التي‮ ‬أطاحت بالعديد من المسؤولين ورجال الأعمال البارزين في‮ ‬غياهب السجن المؤقت،‮ ‬جعلتهم‮ ‬يصرون على مواصلة كفاحهم والمضي‮ ‬قدما نحو انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة ترسوا بهم إلى بر الأمان‮.‬ و ما لا‮ ‬يختلف فيه عاقلان،‮ ‬أن جموع المتظاهرين التي‮ ‬خرجت في‮ ‬ال22‮ ‬فيفري‮ ‬لم‮ ‬يكونوا مدركين أنها بوادر ثورة ضد مجموعة عصابة أكلت كل أخضر ويابس،‮ ‬فمصطلح‮ ‬عصابة‮ ‬هو أكثر المصطلحات المناسبة لتوصيف جماعة أحكمت قبضتها على خيرات البلاد،‮ ‬وامتدت قبضتها إلى سدة الحكم،‮ ‬لتتولى تعيين من تشاء وتعزل من تشاء ليس لأجل شيء إلا لمصلحتها،‮ ‬ولأن الملاعب كانت دائما صوتا للشباب للتعبير عما‮ ‬يعانونه من نقص وحرمان ومعاناة وتعبر عن الوضع البائس الذي‮ ‬يعيشه هذا المجتمع المفعم بالطاقات والزاخر بالخيرات،‮ ‬كانت الشعارات التي‮ ‬انطلقت منها،‮ ‬لتدوي‮ ‬في‮ ‬الشوارع عاملا من بين العوامل التي‮ ‬أنهت نظام حكم‮ ‬العصابة‮ ‬والتي‮ ‬انتهت باقتيادهم فردا فردا إلى أروقة المحاكم‮.‬
من رفض الخامسة إلى سجن رموز النظام السابق
فبعد اجتماع القاعة البيضاوية التي‮ ‬نظمته أقطاب التحالف الرئاسي‮ ‬أين زكت فيه الرئيس بوتفليقة ودعته إلى الترشح للعهدة الخامسة،‮ ‬كانت بمثابة الفتيل الذي‮ ‬أشعل نار الجزائريين التي‮ ‬أحرقوا بها رؤوس العصابة،‮ ‬يتناثر دخانها على كل مسؤول أرتبط اسمه بفساد هؤلاء،‮ ‬الذين وبعدما سقطت العهدة الخامسة واستقال الرئيس بوتفليقة بفعل الحراك الشعبي،‮ ‬ما طال أمد هؤلاء حتى وجدوا أنفسهم‮ ‬يساقون إلى المحاكم في‮ ‬مشاهد دراماتيكية لم‮ ‬يكن أكبر المتفائلين بالتغيير‮ ‬يحلم بها حتى،‮ ‬لكن الواقع الذي‮ ‬سيجسده التاريخ الحديث للجزائر هو أنها انتفاضة شعب قطفت رؤوس مسؤولين عاثوا في‮ ‬الأرض فسادا‮. ‬ومع تاريخ‮ ‬4‮ ‬ماي‮ ‬2019،‮ ‬استدعت المحكمة العسكرية الثلاثي‮ ‬سعيد بوتفليقة،‮ ‬الجنرال توفيق وعثمان طرطاڤ،‮ ‬لتلتحق بهم الأمينة العامة لحزب العمال،‮ ‬لويزة حنون،‮ ‬بعد ذلك،‮ ‬هذا التاريخ الذي‮ ‬لن‮ ‬ينساه الجزائريون على مر الأزمنة‮.‬
سجن الحراش‮ ‬يجمع رؤوس الفساد‮ ‬
وكانت المطالب الشعبية التي‮ ‬رفعها الحراك على مدار عدة أسابيع،‮ ‬هي‮ ‬سجن بعض الشخصيات السياسية والمسؤولين،‮ ‬الذين كان الجزائريون‮ ‬يرونها النقطة السوداء التي‮ ‬جعلت البلد تتخبط في‮ ‬دوامة انعدام التنمية‮. ‬وتحوّل مقر المحكمة العليا بأعالي‮ ‬العاصمة،‮ ‬إلى محج لوسائل الإعلام لتوثيق لحظات وصول رؤساء حكومات ووزراء سابقين في‮ ‬عهد بوتفليقة،‮ ‬ومغادرتهم المكان إلى سجن الحراش،‮ ‬الذي‮ ‬تحول إلى أشهر مكان في‮ ‬البلاد،‮ ‬ففي‮ ‬غضون‮ ‬24‮ ‬ساعة فقط تم إيداع رئيسي‮ ‬الحكومة السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال،‮ ‬رهن السجن المؤقت على ذمة التحقيق في‮ ‬قضايا فساد‮. ‬وتُعد هذه سابقة في‮ ‬تاريخ الجزائر،‮ ‬إذ لم‮ ‬يسبق ملاحقة وسجن رئيس حكومة منذ الاستقلال‮.‬ كما كان‮ ‬يوم ال13‮ ‬جوان حافلاً‮ ‬بالاعتقالات التي‮ ‬طالت إلى جانب الأسماء المذكورة،‮ ‬وزير التجارة السابق عمارة بن‮ ‬يونس،‮ ‬الذي‮ ‬أودع هو الآخر رهن الحبس المؤقت بالحراش شرق العاصمة،‮ ‬في‮ ‬تهم فساد،‮ ‬خلال توليه مناصب حكومية سابقاً،‮ ‬وذلك بعد التحقيق معه لساعات،‮ ‬إلى جانب مجموعة أخرى من الوزراء الذين تم إبقائهم رهن الرقابة القضائية وسحبت جوازات سفرهم‮.‬ وسبق رجال أعمال هؤلاء إلى سجن الحراش،‮ ‬ومن بينهم مراد عولمي‮ ‬مدير مجمع‮ ‬سوفاك‮ ‬،‮ ‬محي‮ ‬الدين طحكوت وأشقائه مسيري‮ ‬مجمع‮ ‬هيونداي‮ ‬،‮ ‬حسان العرباوي‮ ‬رئيس مجمع‮ ‬كيا‮ ‬،‮ ‬ليلتحق هؤلاء بكل من الإخوة كونيناف،‮ ‬علي‮ ‬حداد ويسعد ربراب‮.‬ يحدث هذا في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬فتحت فيه المحكمة العليا قضايا فساد أخرى،‮ ‬لم‮ ‬يسقطها القانون بعد،‮ ‬منها حتى من تمت معالجتها قضائيا لكنها ظلت محل تشكيك،‮ ‬على‮ ‬غرار قضية الطريق السيار و سوناطراك‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬يشتبه في‮ ‬تورط وزراء سابقين فيها،‮ ‬في‮ ‬حين تُرفع الحصانة البرلمانية تدريجيا على وزراء سابقين احتموا تحت قبة البرلمان للإفلات من العقاب ومن بين هؤلاء‮: ‬جمال ولد عباس،‮ ‬سعيد بركات وبوجمعة طلعي‮.‬
الإصرار متواصل للإطاحة بباقي‮ ‬رموز النظام‮ ‬
وخرج الجزائريون،‮ ‬أمس الأول،‮ ‬لتجديد العهد مع التطهير الكلي‮ ‬للبلاد من بقايا العصابة من أجل ضمان انتخابات رئاسية نزيهة تؤسس لعهد جديد،‮ ‬يتم فيه الشروع بتجسيد مشاريع التنمية في‮ ‬جو من الطمأنينة بعيدا عن تأثير كل من ارتبط اسمه بعهد بوتفليقة‮.‬ وقد علت هتافات‮ ‬الجزائريون إخوة‮ ‬في‮ ‬سماء العاصمة،‮ ‬ليذكر المحتجون مجددا بأن قوة الجزائر تكمن في‮ ‬تنوعها بكل أبعاده‮. ‬وككل مرة،‮ ‬لم تغب عن المسيرات الشعارات الثابتة المطالبة برحيل كل الوجوه المحسوبة على النظام على‮ ‬غرار الباءات الثلاث‮ (‬بن صالح وبدوي‮ ‬وبوشارب‮)‬،‮ ‬وفتح المجال أمام أشخاص أكفاء لتسيير شؤون البلاد،‮ ‬مؤكدين في‮ ‬نفس الوقت وبصوت واحد على وحدة الشعب الجزائري‮ ‬بكل عناصره‮.‬ بدورهم،‮ ‬لم‮ ‬يفوت المتظاهرون فرصة الجمعة ال18‮ ‬للتعبير عن امتنانهم‮ ‬لقيادة الجيش الوطني‮ ‬الشعبي‮ ‬الذي‮ ‬كان لا‮ ‬يزال‮ ‬يرافق الحراك الشعبي‮ ‬ويسهر على تحقيقها ومساهمته في‮ ‬محاربة المفسدين والحفاظ على أمن الجزائر واستقرارها‮.‬


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)