الرياضة التنافسة وإشكالية الهوية عند الأشخاص المعاقين مقاربة أنثروبولجية للجسد

لقد حاولنا من خلال هذه الدراسة التفكير في الدور الذي قد تلعبه الرياضة التنافسية في إعادة بناء الهوية لدى الأشخاص المصابين حديثا بإعاقة حركية (حالات بتر الأعضاء)، فإشكالية الهوية تظهر جليا في قلب مسار التكيف الاجتماعي أو عدمه، إن سياق تطور الهوية على نحو تدريجي وفقا لمنطقها الخاص والذي يتجسد في العماليات النفسية والاجتماعية، يتم من خلالها إعادة تنظيم وتغيير بدون توقف وذلك حتى تكون فيه الهوية قادرة على تحديد خصوصية الشخص وذاته أمام عالمه الداخلي والخارجي المتغير. تتموقع إشكالية الهوية أولا على المستوى الجسمي، فعلاقة الشخص بذاته هي علاقة جسدية وعلاقته بغيره من الذوات هي أيضا علاقة جسدية، من خلال هذا المنظور الدينامي للهوية، فالتكيف بالنسبة للشخص المعاق يتطلب إعادة بناء وتنظيم للهوية، يمر فيها الشخص من تقهقر جسدي يولد تقهقرا النفسي مع فقدان الهوية الجسدية، النفسية والاجتماعية. هذا يتركنا نتساءل عن أحداث ووقائع التطور السيكولوجي والاجتماعي للشخص المعاق والذي له تأثير في سير عملية تكوين الهوية وإعادة بنائها ضمن منطق تجاوز الإعاقة، باعتبار الرياضة التنافسية حلقة من الحلاقات الطويلة في الجانب العلاجي وهي خطوة تساعد في تدعيم الإحساس بالهوية والوصول إلى مشروع الاندماج والتكيف من خلال إعادة تسجيل الشخص المعاق رمزيا في تمثيلات الجسم النشط والفعال وبالتالي تكوين صورة إيجابية للجسم، وكذلك باعتبار الرياضة اختبار للواقع والذي من خلال الحركة (التحكم في الجسم والذات)، الاستقلالية ونتائج الممارسة تساهم في إحساس جديد بالهوية.