الغرب مصاب بعمى إزاء الشرق..... البرقع تعصّب ومنعه تطرّف
أوضحت الكاتبة الروائية باهييي نخجفاني، التي نزلت أمس ضيفة على ندوة الخبر ، في أول زيارة لها إلى الجزائر بدعوة من الوكالة الجزائرية للإشعاع الثـقافي، أنها حاولت في روايتها الجديدة المرأة التي تقرأ كثـيرا ، نقل الواقع الإيراني بعيون امرأة معاصرة متمسكة بتقاليدها وثـقافتها، كاشفة عن رواجها في المجتمعات التي وصلها المد الإسلامي، في وقت لم تصدر فيه ببريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية رغم كتابتها باللغة الإنجليزية، لرفض الغرب للطريقة السردية الجديدة التي كتبت بها. وأبرزت المتحدثـة أنها لا تؤمن بالتغيير الذي تأتي به النخب المثـقفة، أو الإصلاح الذي يأتي من الخارج، بقدر اقتناعها بقدرة الشعوب على تحقيق التغيير.
قالت إنها تقدم الواقع الإيراني بعيون امرأة
المجتمعات الشرقية تحتاج إلى القانون أكثـر من الدين
أوضحت باهييي نخجفاني، خلال نزولها أمس ضيفة على ندوة الخبر ، بأن رواية المرأة التي تقرأ كثـيرا ، تقدّم إجابات على كثـير من الأسئلة المطروحة حاليا في المجتمعات الشرقية، من خلال حكاية امرأة إيرانية عاشت في القرن التاسع عشر، مبرّرة اختيارها هذه الفترة التاريخية في عدد من رواياتها بكونها كانت زاخرة بالأفكار المتقدّمة والمعاصرة .
وأضافت نخجفاني بأن الرواية حقّقت رواجا كبيرا في المجتمعات التي وصلها المد الإسلامي ، لاسيما فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لأنها تقترب من الأسئلة المتعلّقة بالمجتمعات الإسلامية، وأردفت: الغرب يجد الرواية مثـيرة للاهتمام، خاصة في ظل جهله لتاريخ الشرق.. هم مصابون بعمى تجاهنا، ويروننا بمنطق استعماري، ولا يملكون فكرة حقيقية عنا .
واعتبرت المتحدّثـة أن نقطة القوة في روايتها تكمن في كونها تعبّر عن أفكار أصيلة لكاتبة إيرانية مستمدّة من بلدها وتراثـه، وليست لكاتبة تأثّـرت بالأفكار التي وجدتها في الغرب، معلّقة: قدّمت التاريخ بعيون المرأة، بعد أن جرت العادة على القول إن التاريخ في الشرق يكتبه الرجال .
وكشفت المتحدّثـة بأن رواياتها لم تترجم إلى لغتها الأم، ولم توزّع داخل إيران، التي قالت إنها لم تزرها منذ مغادرتها عام 1951 لأسباب رفضت الكشف عنها.
وعن حضور الجانب الصوفي في كتاباتها الأدبيّة، أجابت بأن الصوفية تقاسمتها كل الأديان في العالم.. هناك روابط عالمية والصوفية تجمعنا، فكلما اتجهنا إلى الله، التقينا بالآخرين . وأضافت: الدين يحمل شقّان، الأوّل هو الجانب الذي يمثّـل القانون، والثـاني يمثّـل العلاقة بين الإنسان وربّه. وأعتقد أننا في الشرق أكثـر حاجة إلى الجانب الأول . وفي سياق حديثـها عن الدين، قالت إن بعض الإيرانيين اعتنقوا المسيحية والبوذية وغيرهما من الديانات، فقط ليعبروا عن انزعاجهم من نظام بلدهم، وعلّقت: ثـمّة طغيان رهيب للمادية وغياب للمرجعيات، في الشرق والغرب على حد سواء .
السينما الإيرانية استلهمت التراث الفارسي
أرجعت نخجفاني رواج السينما الإيرانية عالميا، عكس الأدب الإيراني الذي ظلّ محصورا وأقلّ انتشارا، إلى نجاح الفن السابع في إيران في تصوير الحياة الاجتماعية والسياسية، بلمسة واقعية تبتعد عن الرومانسية من جهة، واستلهامها للموروث الثـقافي الفارسي الذي يطغى عليه الشعر من جهة أخرى وهو ما لا يتوفّر في الرواية التي تستمدّ قواعدها من التقاليد الغربية، وهو ما حاولت تفاديه في كتاباتي الروائية .
ليس لديّ أدنى فكرة عن الأدب الجزائري
اعترفت الكاتبة الإيرانية بأنها ليست مطّلعة على الأدب الجزائري، وقالت إنها لا تملك فكرة واضحة عن هذا البلد وأدبه وتاريخه، وأضافت: شعرت بعطش لمعرفة كل ما يخصّ الجزائر، بمجرّد أن وصلت إليها. وقد زرت المتحف ووقفت على بعض الجوانب التاريخية التي اكتشفتها لأوّل مرّة ، واعدة بأنها ستعمل على الاطلاع على الأدب الجزائري بمجرّد عودتها إلى فرنسا.
أرجعت مغادرة المثـقفين من إيران إلى تدهور العلاقة بين السلطة والمبدعين
الغرب يريد منا روايات الرهائن والخلاص القادم من عندهم
قالت باهييي نخجفاني إنها اعتمدت على تقنية سردية جديدة وطريقة مغايرة للكتابة، ليست هي تلك الموجودة في الغرب حاليا، والتي تقوم أساسا على الواقعية النفسية. حيث أعطت النساء فرصة البوح والحديث عن البطلة الرئيسية لروايتها المرأة التي تقرأ كثـيرا . وأوضحت أنها قدمت إضافة للرواية الغربية من زاوية السرد المغاير، ومن حيث احترام المرأة، وهي الظاهرة الغائبة في الغرب، إضافة إلى التركيز على الجماعة، ونبذ الفردانية كصفة لازمت الحضارة الغربية. وبخصوص عدم صدور روايتها في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنها كتبت باللغة الإنجليزية، قالت: الغرب يقوم على رفض المختلف. فالنفس السردي الجديد الذي كتبت به روايتي، جعلها مرفوضة هناك. ثـم إن الغرب يريد من الروائيين الإيرانيين نوعا معيّنا من الأدب، يقوم على قصص الرهائن وهم في قبضة الملالي، والخلاص الذي يأتي من عندهم .
وبخصوص علاقتها بالقارئ والناقد في الغرب، قالت: رفضي للمنطق الغربي في الثـقافة والأدب جعلني أرفض فكرة الغرب المنقذ، كظاهرة أدبية وسينمائية رائجة حاليا في الأوساط الأدبية . وعن سؤال حول كيفية تعامل المثـقف الإيراني مع محيط سياسي واجتماعي متديّن، ردت نخجفاني: لا أجيب عن هذا السؤال من موقع تجربتي الشخصية، لأنني لا أعيش في إيران، فقد غادرتها منذ كان عمري ثـلاث سنوات، بل من زاوية احتكاكي بالمثـقفين الإيرانيين الذين غادروا البلاد نحو الغرب . وأضافت المتحدثـة ففي المدة الأخيرة، طرحت نفس السؤال على فنانة تشكيلية استقرت في أوروبا رفقة أختها، حتى أعرف إن كان يوجد ربيع ثـقافي في إيران، أو نوع من الكتابة التي تخلل الوضع القائم، فعجزت الفنانة التشكيلية عن الإجابة، ففهمت درجة الانفصال الموجود بين الفن والواقع السياسي في إيران . وواصلت: إيران غادرها كبار المثـقفين منذ فترة طويلة، لتدهور العلاقة بين السلطة والمبدعين .
وصفت الشعب الإيراني بالحرباء المتلونة
التاريخ الحقيقي مغاير لما يروّجه الغرب عن إيران
دافعت الكاتبة الإيرانية باهييي نخجفاني عن صورة إيران بعيدا عن السياسة، وقالت إن الغرب يقدم صورة مغايرة عن حقيقة الشعب الإيراني، وفيها الكثـير من الظلم، مردفة فهو يقدم جانبا سلبيا ومحدودا في الزمان والمكان، منطلقا من معرفته السطحية، ولم يتعمق في ثـقافة وتقاليد وعراقة هذا الشعب .
ووصفت باهييي الشعب الإيراني بالذكي الذي يملك تاريخا وثـقافة عميقة، مضيفة أن المشكل يكمن فيه لأنه يخفي حقيقته بسبب الخوف من القمع والعنف، خاصة الخوف من حقيقة هويته، لذلك تقول تجدهم مثـل الحرباء، متغيرون ويتلونون، واصفة وضعيتهم بالصعبة والمؤلمة .
وعن دورها في تغيير هذه الصورة كمثـقفة وكاتبة، قالت: حاولت عن طريق الكتابة والرواية أن أغير هذه الصورة النمطية، وأوضح أننا قادرون على تقبل التغيير في المجتمع والتصرّف كأحرار، لكن بطريقتنا كإيرانيين .
وأكدت المتحدثـة رفضها للتغيير القادم من الخارج، عن طريق فرض طرق أو نظم، بل تؤمن بالتغيير المتأني الذي ينطلق من إعادة صياغة في الذهنيات، قائلة: التغيير الحقيقي ليس الذي يحدث ضجة إعلامية، يأتي مرة واحدة ويترك ضحايا وخرابا لا تستفيد منه إلا جهات معيّنة، بل ذلك الذي ينشأ من عمق المجتمع وسط الطبقات البسيطة، ويأخذ وقتا طويلا . وأبرزت الروائية أن المرأة والشباب يقفون على الخط الأول للمواجهة، خاصة في المجتمع الإيراني، أين تحظى المرأة بتاريخ صنعته بطلات أسطوريات، مذكرّة بقصة قرة العين : ولذلك، حاولت في رواياتي إعادة تقديم التاريخ الحقيقي، وهو مغاير لما يروّجه الغرب عن إيران .
أحمدي نجاد متغيّر المواقف وخاتمي قناع للنظام
لم تستبعد الروائية الإيرانية، باهييي نخجفاني، إمكانية حدوث تغيير سياسي في النظام الإيراني، لكنها أضافت أن ذلك يستوجب تغيير الذهنيّات والأفكار أوّلا ، وهو ما يتطلّب وقتا طويلا، على حدّ تعبيرها.
وقالت نخجفاني إن الشعب الإيراني ليس متّفقا على طبيعة النظام السياسي الذي ينبغي تطبيقه في البلاد، حيث أن هناك من يدعو إلى تغيير جذري يزيح نظام الثـورة الإسلامية، القائم على ولاية الفقيه ، وهناك من يدعو إلى إحداث تغيير يحافظ على المنظومة الحالية، وأضافت: الاختلاف سيبقى موجودا في كلّ الأحوال ، دون أن تحدّد رأيها بشكل واضح حول هذا الموضوع.
لكن الروائيّة الإيرانية لم تتردّد في انتقاد الرئيس محمود أحمدي نجاد، حيث أعابت عليه عدم وضوح مواقفه، كما قالت إنه يتغيّر كثـيرا، مبرّرة ذلك برغبته في كسب ودّ النظام، كما انتقدت خاتمي والإصلاحيين، قائلة إنّهم مجرّد أقنعة يتنكّر بها النظام.
وفي ردّها عن سؤال حول ما إذا كانت إيران أفضل قبل الثـورة الإسلامية، قالت نخجفاني التي وُلدت بإيران عام 1948 (أي في عهد الشاه محمّد رضا بهلوي) إنها لا تستطيع أن تؤكّد إن كانت إيران ما قبل الثـورة أحسن أم أسوأ، مضيفة: في عهد الشاه، تمتّعت إيران بنوع من الحريّة والرفاهية، لكنّها كانت مقتصرة على الأثـرياء، بينما كانت الغالبية العظمى ترزح تحت الفقر، الجهل والأمية. كان هناك خلل واضح، وهذا ما أدّى إلى تبلور أفكار التغيير. لكن للأسف، لم يحدث التغيير بالشكل الذي تمناه الجميع، فالموالون كرّروا نفس الممارسات التي كانت موجودة في عهد الشاه .
باراك أوباما رجل صادق وذكي
قالت الكاتبة الإيرانية، باهييي نخجفاني، إن العالم يعلّق آمالا كبيرة على شخص الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وهذا غير منطقي، مضيفة: الرموز في زماننا، خاصة تلك التي يصنعها الإعلام، تتحمّل أعباء كثـيرة، لأننا ننسى أنهم بشر يخطئون ويتعرّضون للضغوط . كما اعترفت الروائية بأن الرئيس الأمريكي لا يمكن أن يتجاوز السياسة الأمريكية العامة، وما تحمله من ثـقل السنوات وتقاليد في السياسة الخارجية. ووصفت المتحدثـة أوباما بالصادق الذي يقدم خطابا ذكيا، مردفة: لا نستطيع أن نحكم عليه إن كان يدفع بالأمور إلى الأمام، في مختلف القضايا أو لا، لكننا سنشترك كلنا في حالة نجاحه أو فشله، لأننا معنيون جميعا بما يحدث في العالم .
لا أؤمن بالتغيير الذي تأتي به النخب المثـقفة
أوضحت باهييي نخجفاني أنها لا تؤمن بالتغيير الذي تأتي به النخب المثـقفة في أي بلد، ولا بالإصلاح الذي يأتي من الخارج، بقدر إيمانها بقدرة الشعوب على تحقيق التغيير غير المرئي، الذي يتم عبر مراحل ولا يخضع للراديكالية. وعن سؤال حول الثـورات الجديدة التي يشهدها العالم العربي حاليا، قالت إنه توجد عدة أسباب تاريخية وراء تحرك الشعوب العربية. واعتبرت أن هذه الأخيرة لم تفصل بعد في مسألة الصراع بين الحداثـة والتراث. موضحة أن سر اهتمامها بالقرن التاسع عشر، كفضاء تاريخي لأعمالها الروائية، يعود في الأصل إلى الصدام الذي عرفه العالم العربي الإسلامي، وهو يعيش لحظة اكتشاف الحداثـة والعصرنة، كما وفدت عليه من الغرب. وقالت نخجفاني: لم نستوعب بعد هذه التناقضات، ونحن بحاجة لمزيد من الوقت لكي ننهي صراعا ولده القرن التاسع عشر .
منع البرقع في أوروبا وجه آخر لعملة التعصب
وصفت ضيفة الخبر قانون منع البرقع في أوروبا، خاصة في فرنسا، بأنه الوجه الآخر لعملة التعصب الذي تحمل في وجهها الأول البرقع، وفي وجهها الثـاني قرار منعه، وقالت إنه تناقض كبير في المجتمعات الأوروبية، فـ البرقع تعصّب ومنعه تطرّف . وأضافت: لا أملك معلومات كثـيرة حول ما يحدث نتيجة هذا القانون، لكن سمعت الكثـير من القصص حول فتيات تتعرّضن لتعصّب اليمين المتطرف في فرنسا، خاصة في الشوارع، فالنظام التقليدي يخاف دائما من مواجهة الآخر .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/05/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: مسعودة. ب / الجزائر: الجزائر: حميد عبد القادر/ الجزائر: علاوة حاجي / أدارت الندوة: هيبة داودي
المصدر : www.elkhabar.com