الرقمنة.. حرب لا تهدأ ضدّ البيروقراطية

تقديم خدمات عمومية رقمية نوعية مؤمنة سريعة وبأقل تكلفة هي بمثابة معركة بلا رحمة أعلنها الرئيس على كلّ أشكال البيروقراطية، بهدف الوصول إلى رقمنة شاملة لكلّ خدمات الدولة وتحقيق حكامة الاقتصاد، ما من شأنه ترشيد نفقاتها وتدعيم أسس الحوكمة الإلكترونية وتجسيد مبدأ السيادة الوطنية الرقمية، وهذا لن يكون إلا بالتأسيس لأرضية رقمية، وتحسين الاتصال وتعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وهو ما التزم به رئيس الجمهورية في للالتزام ال 25.عرفت مختلف مؤسسات وهياكل الدولة بعدّة قطاعات تطوير ووضع حيز الخدمة العديد من التطبيقات والمنصات أهمها إطلاق البوابة الحكومية للمرافق العمومية التي تضم في الوقت الحاضر 352 خدمة الكترونية، وفي قطاع العدالة وضع قيد الخدمة الشباك الالكتروني الوطني على مستوى الجهات القضائية العادية والإدارية إضافة إلى 25 تطبيقا الكترونيا آخر.
تعزيز التحوّل الرقمي للإدارة العمومية من أجل إلغاء الطابع المادي للإجراءات الإدارية ورقمنة مختلف الخدمات ضمانا للمزيد من الشفافية والسرعة في معالجة الملفات وتحسين نوعية الخدمة العمومية رهان تم كسبه، فيما ينتظر أن يساهم تعميم استعمال الرقم التعريفي الوطني الوحيد في تسهيل كلّ الإجراءات الإدارية والمعاملات التي تقوم بها الهيئات العمومية.
إنجازات كبيرة
وفي قطاع الداخلية تم وضع حيز الخدمة 5 منصات رقمية تربط 58 مركز تنسيق عملياتي بالمركز الوطني للتنسيق تعنى بتسيير الكوارث المتعلقة بالتغيرات الجوية والمناخية وحرائق الغابات وكذا وضع منصة رقمية تشمل نظام معلوماتي وطني للاحتياطات الاستراتيجية.
في المقابل، قطعت قطاعات التربية والتعليم العالي أشواطا معتبرة في مجال الرقمنة عبر تطوير ووضع حيز الخدمة عدة تطبيقات منها النظام الرقمي الوطني لتوظيف الأساتذة عن طريق التعاقد، وكذا رقمنة عملية حركة التنقلات السنوية للأساتذة.
كما تم وضع بوابة افتراضية تضمّ الوثائق وجميع المنصّات الموجّهة للحاصلين على البكالوريا الجدد للقيام بكلّ عمليات التسجيل عبر الانترنت وكذا اعتماد بطاقة الطالب الواحدة ومتعدّدة الخدمات، زيادة على البطاقة الإلكترونية، والذي يسمح بالحصول على مختلف الأداءات البيداغوجية والخدمات الجامعية، أما في قطاع التكوين المهني فقد تم تطوير عدّة منصّات رقمية وتطبيقات على الهاتف النقال على غرار "مهاراتي" و«ابتكاراتي" و«مهنتي".
وإلى ذلك، تم إعداد تطبيقات ومنصّات من شأنها تسهيل عملية الحصول على المعلومات المتعلقة بالنقل وكذا حجز سندات السفر، أما في قطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي تطوير بوابة تضم 102 خدمة الكترونية وكذا منصات مخصّصة لتسيير منحة البطالة وأخرى مخصّصة لانتساب الجالية الوطنية المقيمة في الخارج إلى النظام الوطني للتقاعد.
وعلى غرار قطاع النقل، تم وضع تطبيقات مخصّصة لمعالجة طلبات اعتماد المهندسين، والأعوان العقاريين، والمرقين، والدفع الإلكتروني للإيجار في قطاع السكن، كما تم وضع منصّة رقمية مخصّصة لطلب إعانة السكن الريفي، أما في قطاع الصيد البحري فلقد تم إعداد المخطط التوجيهي لنظم معلومات القطاع، وإعداد العديد من التطبيقات والمنصات الرقمية لمتابعة البحّارة، ومتابعة الصادرات والواردات من المنتجات الصيدية، وكذا أسعار المنتجات الصيدية.
قطاع المالية بدوره لم يتخلف عن الموعد، فقد قام هو الآخر بتحسين خدماته من خلال نشر النظام المعلوماتي "جبايتك" على مستوى 38 مركزا للضرائب و17مركزا جواريا للضرائب، وذلك موازاة مع مواصلة تطوير بوابة "مساهمتك" ونشرها تدريجيا لتغطي حاليا 225 موقع موزع على 28 مديرية ولائية للضرائب.
وعلاوة على ذلك، تم تطوير برامج معلوماتية لجميع أنشطة مسح الأراضي والحفظ العقاري وأملاك الدولة، وذلك عبر إعداد تطبيقين لمتابعة عمليات مسح الأراضي وتحيينها وهما قيد التجريب على مستوى المصالح النموذجية في انتظار تعميمهما.
ومكّنت إدارة الجمارك المسافرين من الحصول على سند العبور الجمركي عبر الخطم ما ساهم في تسريع الاجراءات الجمركية عند الحدود البرية وكذلك الأمر بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين بخصوص الحصول على استشارات حول إجراءات جمركة بضائعهم.
شبكة الألياف البصرية
وفي إطار تطوير الهياكل الأساسية لدعم تكنولوجيات الإعلام والاتصال وتجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية، سجّلت بلادنا قفزة نوعية وكميّة فيما يتعلق الربط بالأنترنت الثابت ذي التدفق العالي جدّا، من خلال إعطاء الأولوية لتقنية الألياف البصرية إلى غاية المنز، بحيث عرف عدد مشتركي تكنولوجيا الألياف البصرية نموا متسارعا، إذ قفز من 53.000 مشترك في بداية سنة 2020 إلى مليون مشترك بداية شهر نوفمبر 2023.
ورافق تطور الأسر المشتركة في هذه التكنولوجيا تحسّنا معتبرا لسرعة التدفق المقدّمة للمشتركين، حيث يمكن أن تصل إلى 300 ميغا/ثا حسب الطلب مع خفض أسعار التدفقات العالية، وبغرض تشجيع انخراط الأسر في العروض الجديدة لاتصالات الجزائر وتسهيل اعتماد هذه التكنولوجيا المتقدّمة، تم بذل مجهود اتصالي معتبر في الميدان عبر حملات جوارية، لاسيما باتجاه ساكنة الأقطاب الحضرية الجديدة.
من جهة أخرى، عملت الحكومة على تكييف عرض النطاق الدولي مع الاحتياجات المتزايدة لمستعملي الانترنيت في الجزائر، حيث تم رفعه بشكل محسوس من 2,8 تيرابيت في الثانية سنة 2022 إلى 7,8 تيرابيت سنة 2023، ناهيك عن مضاعفة الحجم المستهلك من بيانات الأنترنيت بواسطة الهاتف النقال بنسبة 140% مع تسريع من وتيرة نشر شبكة الجيل الرابع التي بلغت 85%.
من جهة أخرى، تم تقليص معتبر لتكلفة الاشتراك الشهرية غير المحدودة في الأنترنيت الثابت، انتقل سعر اشتراك 100 ميغابيت من 10 آلاف دج في سنة 2020 إلى 3000 دج في سنة 2023 أيّ بتقليص 7000 دج.
استراتيجية الوطنية
لعلّ ما ميّز العام 2023 مبادرة الرئيس تبّون باستحداث المحافظة السامية للرقمنة، أوكلت لها مهمة التكفل بمتابعة الاستراتيجية الوطنية للرقمنة وتنفيذها، والسهر على توافق مخططات القطاعات المعنية مع هذه الاستراتيجية، وتقييم إنجازات كلّ قطاع واقتراح التصحيحات اللازمة، ناهيك عن تحديد المشاريع ذات الأولوية والاستثمارات الاستراتيجية وكيفيات تعبئة المورد البشري وأدوات التمويل الخاصة بها واقتراح الأدوات التنظيمية القانونية والحلول التقنية لضمان الفعالية والتحسين المستمر لمحاور التحول الرقمي واقتراح كلّ تدبير من شأنه تعزيز السيادة الرقمية وتطوير المنتوج الوطني.