الجزائر

''الرجلة صعيبة..''


حين تدقّ ساعة الحقيقة تسقط كل الأقنعة ويواجه المرء مصيره، وحين يصل موعد الامتحان يكرم المرء أو يهان..
هكذا هي القاعدة، لا تقبل الاستثناء في أي مجال كان، حتى في كرة القدم، فبين القول والفعل فرق شاسع، لأن الميدان هو في آخر المطاف الفاصل في حرب الكلام والتصريحات والوعود التي يتقاذفها اللاعبون والمدربّون قبل أي موعد كروي رسمي.
المتأمّل في التصريحات الأخيرة لوحيد حاليلوزيتش، مدرّب المنتخب الوطني، يدرك بأن المحارب البوسني بصدد تحضير رايته البيضاء لرفعها قبل اندلاع المعركة ، أو لنقل أن خبرته وتمرّسه كمدرّب و محارب أيضا، جعلته يدرك مسبقا بأن الخيبة آتية لا محالة، فما قاله منذ جويلية من العام الماضي عن رهاناته مع الخضر ، تختلف تماما عمّا أدلى به من أقوال اليوم، وكأنّه يحضّرنا معنويا إلى خيبة جديدة.
لقد قال البوسني بأنه اكتشف أخيرا، بعد تقاضيه لسبعة رواتب شهرية بالعملة الصعبة، منتخبا جزائريا ضعيفا يملك لاعبين منهكين بدنيا، وبأن الأرقام تشير إلى تحقيقه لانتصار واحد فقط من أصل عشرين مباراة خارج القواعد في السنوات الخمس الأخيرة.
اقتراب شهور العسل والفسحة مدفوعة الأجر، وبداية العدّ التنازلي لمعركة غامبيا في بانجول، أسقطت القناع عمّن صوّرته لنا الاتحادية على أنه شيخ المدرّبين وبأنه المدرّب الذي يملك العصا السحرية التي سيعيد بها المنتخب إلى منزلة سبق وأن بلغها مع مدرّب محلّي اسمه الشيخ رابح سعدان ولم يغادرها سوى برحيله.
حين تحدّث المدرّب المحلي قبله بسنوات عن واقع المنتخب الجزائري وعن اللاّعبين المحليين، وحين أسقط من أجندته البضاعة المحلية وراح يستنجد بما كوّنته المدارس الأوروبية من لاعبين، وحين حقّق ما حقّقه في ظرف ثلاث سنوات، قاريا ودوليا، لم يلق سوى الجحود والنكران لصنيعه.
واليوم، لم يلق البوسني نفس المصير من الاتحادية ولا من المدرّبين ورؤساء الأندية الجزائريين، وهو الذي ألصق بهم كل العيوب، وحضّرهم مسبقا لتحميلهم مسؤولية فشله، ولم يقل له أحد منهم بأنك تضحك على أذقان الجزائريين، وبأنك تستنزف منّا الأموال لتبلغنا، بعد أكثـر من نصف عام، بحقيقة حفظناها عن ظهر قلب.
لقد انتقد سعدان المونديالي لكشفه عورات المنتخب وانتقدت نزعته الهجومية، ودفعت الفرحة بالتواجد مع الكبار هؤلاء إلى حد الحجر رياضيا على الشيخ والقول بأنه أضحى أصغر من منتخب صنعه أصلا من العدم، وبأن الرجل أصيب بالهذيان بتقزيمه لشأن الخضرا ، رغم أن كل ما طلبه هو الوقت والصّبر والاقتناع بأننا لم نصل، واختصر تفاؤله في عبارة فيها خير إن شاء الله .
ما حدث يا سادة بعد عهد سعدان، هو نفسه الذي ميّز مشوار الخضر قبل سعدان أيضا، ومن تولّى قبله وبعده تدريب الخضر وتملّكته الرجلة بالتفوّق على الشيخ الحكيم ، لم يحصد سوى شوك الخزي، سواء كان محليا أو أجنبيا، فرباعية مراكش لم تكن معيارا لتفوّق أسود الأطلس علينا بعد خروجهم المبكّر من الكان ، وربّما ما فهمه المحارب اليوم، بأن مسرحية البطولة الوهمية قد انتهت، وبأن موعد غامبيا سيكون موعد الفضائح، وقد قالها المفتّش الطّاهر وصدق في قوله.. الرّجلة صعيبة .

rafeec2005@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)