الجزائر

"الربيع العربي" لن يصل إلى الجزائر




* احتجاجات اجتماعية لم ترق إلى سياسية وقوة الجيش والهاجس الأمني أبعدا الشبحتؤكد تحليلات المركز المستقل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال الأخيرة، عندما أكد على أن الربيع العربي ”لا نعرفه ولن يعرف طريقه إلى الجزائر”، حيث تشير العوامل المذكورة في التقرير إلى أن الجزائر ”محصنة” من ذلك الربيع مهما اختلفت الأسباب التي أدخلت دولا شقيقة وجارة في متاهات أمنية وسياسية غير معروفة العواقب ولا تزال تداعياتها السلبية تضرب أعماق تلك الدول. رصد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي تطورات المشهد الاجتماعي بالجزائر، وقال إنه ورغم تصاعد مؤشرات التوتر الاجتماعي في الجزائر خلال الأيام الأولى من عام 2017، إلا أنها فشلت في أن تتحول إلى ثورة أو انتفاضة شعبية لاعتبارات تتعلق بالاعتياد على مواجهة تكرارية حدوث الانتفاضات الشعبية، وإرث ما يسمى ب”العشرية السوداء”، وغياب المصداقية لدى الأحزاب الإسلامية، ودور المؤسسة العسكرية المواجه للفوضى الداخلية، و”متاهات” حصلت لدول الثورات العربية، والتخوف من عدوى الصراعات الداخلية العربية المسلحة والتجند التام لحماية الجزائر خارجيا وداخليا.وشدد التقرير على أن ”التطورات الثورية التي اجتاحت المنطقة العربية خلال الأعوام الست الماضية لم تطل الجزائر وإن اقتصرت على تحرك احتجاجي محدود متعلق بمطالب اجتماعية فقط و ليست سياسية”.وأرجع المصدر ذاته العوامل التي تفسر نجاح الجزائر في النجاة من موجة الحراك الثوري العربي، إلى أنها مرت بتجارب قاسية وإن لم تصل إلى ثورة حيث سبقت بقية الدول العربية مثل ”الربيع القبائلي” ذات المطلب الثقافي في عام 1980، التي قادها شباب الجامعات المنضوي تحت الحركة الثقافية البربرية، كما شهدت البلاد أيضًا انتفاضة سكان قسنطينة في عام 1986، ثم انتفاضة شباب أكتوبر في عام 1988، ثم انتفاضة 2001، فضلا عن حركة 5 جانفي التي تزامنت مع الحراك في المنطقة في عام 2011 وكلها وئدت في مهدها.مجهولون افتراضيون يقفون وراء احتجاجات اجتماعية لا ترقى إلى سياسيةكما أن فشل الاحتجاجات في الجزائر يعود - حسب المصدر - إلى ”عدم وضوح هوية الأطراف المحتجة، حيث تشير بعض الكتابات إلى أن المشكلة الأساسية في تلك الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر خلال السنوات الماضية تتمثل في عدم معرفة هوية الأطراف الداعية لها، فهي مجهولة المصدر وتختفي وراء شبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن أن مطالب المحتجين ركزت على المطالب الاجتماعية وتجاهلت الأبعاد السياسية، وخاصة منذ العهدة الثانية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة”، وهو ما يفسر تحذير وزير الداخلية نور الدين بدوي مؤخرا من أن هناك أطرافا تحاول تهديد استقرار الجزائر.استجابة الحكومة لمطالب الشعبيشير التقرير إلى أنه وفي أعقاب اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية يتم اتخاذ خطوات محددة لمواجهتها، على نحو ما تم التعامل معه في جانفي 2011، بإعلان الحكومة تخفيض أسعار المواد الغذائية وتحديدًا الزيت والسكر، حفاظًا على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما ساعد على إدارة واستيعاب الغضب الشعبي.الاحتجاجات تقودها عصابات ومجرمينوقال التقرير ذاته إن الاحتجاجات لا تعدو أن تكون سوى احتجاجات شبابية وهي القوى التي خرجت في احتجاجات داخلية، والتي أصبحت من الناحية التنظيمية خارج أطر الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية، بعد أن فقدت الأخيرة القدرة على استقطاب هذه الشريحة المجتمعية المتطلعة للحرية السياسية والعدالة الاجتماعية. وحتى الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية التي اتسمت بقدرتها على التجنيد السياسي لقطاعات عريضة من المجتمع الجزائري في عقد التسعينيات دخلت هي الأخرى في مأزق داخلي، وتحول البعض منها إلى أحزاب صغيرة وكيانات مجهرية، نتيجة ضعف خطابها وعدم واقعية أفكارها، فضلا عن صراعاتها الداخلية، وفقا للوثيقة ذاتها. كما أن هذه القوى الشبابية الجديدة غير منظمة ومتعددة المطالب، حيث تضم تركيبات فئوية مختلفة مثل الشباب العاطل عن العمل، وطلاب الجامعات، وسكان الأحياء الشعبية الفقيرة، فضلا عن أن هذه القوى الشبابية لا تملك الاستمرارية الاحتجاجية، كما تبدو أحيانًا أحادية المطلب (البطالة والسكن والأجور)، بل إنها تتحول إلى أعمال سرقة وسلب بواسطة العصابات الإجرامية.قوة المؤسسة العسكريةيقول التقرير إن الدور الرئيسي للمؤسسة العسكرية والتي تحولت في حالتي مصر وتونس إلى حراسة الثورات الشعبية، إلا أنا هذا لم يحدث في الجزائر، فدورها الأساسي هو مواجهة أية تهديدات من الخارج أو الداخل.الهاجس الأمني والعشرية الحمراءويشير التقرير إلى أن الهاجس الأمني وهو أحد المخاوف الرئيسية للجزائريين من تحول الاحتجاجات إلى ثورة شعبية غير محمودة العواقب بعد اللتجربة المريرة للجزائر مع العشرية السوداء، وذلك ”خلال فترة التسعينيات وما أعقبها من تداعيات سلبية وحرب أهلية راح ضحيتها نحو 200 ألف جزائري خلال الفترة من عام 1992 وحتى عام 2002، بخلاف المفقودين والنازحين. ومن هنا ساد تخوف لدى المواطن من العودة إلى حالة العنف والعنف المضاد التي تصدرت المشهد الجزائري في عقد التسعينيات من القرن الماضي، والتي استمرت لعقدين من الزمن”. ورغم أن التقرير كان واضحا في فصوله إلا أن أبواقا إعلامية غربية لا تزال تريد النفخ من أجل إثارة العنف والفوضى في الجزائر، التي بقت متمسكة موحدة وما الاحتجاجات الأخيرة التي تركزت بولاية بجاية إلا خير دليل على تمسك الجزائريين بوطنيتهم ووقوفهم صفا واحدا ضد كل من يريد زرع الفتنة بالبلاد من الداخل أو الخارج.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)