الجزائر

الرئيس مرسي يواجه أصعب امتحان منذ توليه السلطة المعارضة المصرية تستغل الأوضاع الأمنية لتمرير مطالبها



لم ينتظر ائتلاف المعارضة المصرية طويلا للرد "سلبا" على دعوة الرئيس محمد مرسي بالمشاركة في حوار لتفكيك فتيل الأزمة الأمنية المتواصلة في مصر منذ خمسة أيام. واعتبر محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي، الذين يشكلون أكبر ائتلاف معارض للرئيس المصري في موقف منتظر بعد اجتماع عقدوه، أمس، أن دعوة الرئيس المصري إلى حوار وطني تبقى دعوة تفتقد لأي معنى.
ورفض البرادعي الذي يقود جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم أحزابا مصرية معارضة في ندوة صحفية عقدها، أمس، المشاركة في حوار فقد معناه ويتعين قبل ذلك معالجة الوضع من جذوره على اعتبار أن الحل يجب أن يكون سياسيا وليس أمنيا.
وقال حمدين صباحي، الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إنه "يتعين على الرئيس مرسي أن يتحمل مسؤوليته في أعمال العنف التي خلفت 47 قتيلا وتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وحتى تؤكد إصرارها على موقفها الرافض دعت هذه الأحزاب كافة المصريين إلى مسيرة "مليونية" في مختلف محافظات البلاد الجمعة القادم لتحقيق أهداف الثورة والاحتجاج على مقتل عشرات المصريين في اليومين الأخيرين.
والمؤكد أن موقف المعارضة المصرية سيضع الرئيس مرسي في حرج كبير وهو الذي كان يأمل في إشراك هذه الأحزاب في تسيير الأزمة الأمنية التي يبدو أنه لم يكن ينتظر أن تصل إلى مثل هذه الدرجة من العنف. وهو ربما ما يفسر مصادقة الحكومة المصرية، أمس، على مشروع قانون يخول للرئيس مرسي اتخاذ قرار نشر قوات الجيش في الشارع لدعم قوات الأمن في عمليات المحافظة على النظام العام. وينتظر أن يطبق هذا القانون الذي يتعين أن يحظى بمصادقة نواب مجلس الشورى قبل سريان مفعوله إلى غاية تنظيم الانتخابات العامة المصرية المرتقبة في أفريل القادم ومتى رأى الرئيس مرسي ضرورة لذلك. ولجأ الرئيس المصري إلى تعزيز صلاحياته الدستورية بعد أن استفحل الوضع الأمني وأصبح خارج نطاق السيطرة، خاصة في محافظات السويس وبور سعيد والإسماعيلية على البحر المتوسط التي استدعى تسارع الأحداث فيها إلى إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال لشهر كامل بهدف إحكام سيطرة قوات الأمن عليها بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها، أول أمس، وخلفت مقتل 47 شخصا. ويبدو أن الرئيس المصري استشعر خطورة الموقف مما حتم عليه اللجوء إلى هذه الإجراءات الاستثنائية لمنع أي انفلات قادم في ظل القبضة التي تسعى المعارضة الليبرالية لإحكامها ضده من أجل مراجعة مواقفه بخصوص الكثير من القضايا، خاصة وثيقة الدستور وحكومة الانقاذ الوطني. ووجدت أحزاب المعارضة العلمانية المنضوية تحت لواء جبهة الإنقاذ الوطني التي يقودها المعارض محمد البرادعي في مناسبة إحياء الذكرى الثانية للاحتفالات بانتصار ثورة 25 جانفي الفرصة المواتية لتشديد ضغوطها في محاولة للي ذراع الرئيس المصري الذي اتهموه بالتراجع عن مكاسب ووعود ثورة الشباب المصري ضد النظام السابق.
لكن الرئيس مرسي تفطن لنوايا المعارضة وألقى بالكرة في معسكرها عندما اقترح عليها الشروع في محادثات لإطفاء نار الفتنة التي اشتعلت، لكنه ما لبث أن خاب ظنه عندما رفضت هذه الأحزاب دعوته وأعادت له كرته في موقف كان منتظرا، خاصة وأنها جاءت مباشرة بعد الصلاحيات الجديدة التي منحها لنفسه من خلال قانون استدعاء الجيش للتدخل وهي التي اتهمته بالاستحواذ على كل الصلاحيات التنفيذية أكثر من تلك التي منحها الرئيس مبارك لنفسه خلال الحكم العسكري المطاح به.
ولم يستطع الرئيس المصري كسب ود المصريين ثمانية أشهر منذ انتخابه، خاصة وأنه لم يتوان لحظة في استعمال القوة ضد المتظاهرين مما أعطى صورة عن انحراف الثورة المصرية عن أهدافها وأبقت ذلك العداء المترسب من العهد السابق تجاه الشرطة المصرية.
وهو ما تأكد خلال اليوم الأول من إحياء ذكرى ثورة يناير 2011 بمقتل تسعة أشخاص في مواجهات مع عناصر الأمن قبل سقوط أربعين آخرين في مواجهات مدينة بور سعيد على خلفية أحكام الإعدام التي صدرت في حق أنصار الفريق المحلي لكرة القدم.
كما يبدو أن الرئيس محمد مرسي لا يريد أن يبدو ضعيفا أمام أصعب امتحان يواجهه منذ توليه مقاليد السلطة فهو في الوقت الذي رفع فيه الجزرة في وجه المتظاهرين والأحزاب المناوئة لحكمه رفع أيضا العصا فوق رؤوس الجميع محذرا ومؤكدا أنه سيضطر إلى اتخاذ قرارات استثنائية أشد قسوة متى استدعت ضرورة الموقف ذلك.
ويبدو من خلال آخر تطورات الموقف في مدينة بور سعيد الساخط سكانها على الأحكام القضائية التي نطقت بها محكمة جناياتها ضد مناصري الفريق المحلي فقد تحدى المتظاهرون الذين دخلوا في لعبة القط والفأر قرار حظر التجوال وخرجوا إلى شوارع المدينة وهو ما ينذر بالأسوأ في انتظار مسيرة الجمعة القادم التي تشد أنفاس المصريين لما لها من مخاطر إن هي خرجت عن إطارها السلمي إلى مواجهات مفتوحة مع قوات الشرطة والجيش.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)