الجزائر

«الذكاء الطاقوي» في خدمة الاقتصاد الجديد



وقف استيراد الوقود وتحسين مردودية معامل التكرير
يشهد قطاع الطاقة الجزائري نموا متسارعا ونسبة ارتفاع في الإنتاج بلغت 13,9٪ عام 2021 مقارنة بالسنة التي قبلها، بحسب آخر الإحصائيات المقدمة من طرف الوصاية، في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على الطاقة الجزائرية في السوق المحلية والدولية، خصوصا مع تسارع الأحداث الجيو- سياسية في أسواق الطاقة الأوروبية.
لا يختلف إثنان على أنّ قطاع الطاقة في الجزائر يعرف تحركات وتطورات متسارعة خلال السنوات الأخيرة، تستهدف زيادة الإنتاج من أجل تأمين الطلب المحلي المتنامي وزيادة الصادرات. وبعد عودة الحياة الاقتصادية الى سابق عهدها وانجلاء القيود المفروضة على اقتصادات الدول بسبب تداعيات الأزمة الطبية، تعزّزت مكانة الجزائر بين الدول المصدرّة للطاقة، حيث ارتفعت صادرات الجزائر من الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المميع بنسبة 40٪، بدافع الطلب "القوي" من زبائن أجانب.
وأشارت حصيلة لوزارة الطاقة والمناجم عن إنتاج 164.4 مليون طن يعادل بترول سنة 2021، مقابل إنتاج 144.4 مليون طن مكافئ بترول سنة 2020، ما يعني زيادة قدرها 13,9٪، وهي الزيادة التي ساهمت في نمو الناتج الداخلي الخام بنسبة 3,5٪ في سنة 2021 مقابل تراجع بنسبة (-5,1) سنة 2020.
وأفاد نفس المصدر، أنّ إنتاج الغاز الطبيعي تصدّر جدول الإنتاج الطاقوي بالجزائر بنسبة 60٪، يأتي بعده إنتاج البترول بنسبة 29٪، فيما جاء إنتاج غاز البترول المميع في الحقول بنسبة 5,6٪، تليه المكثفات بنسبة 5,3٪.
ويرى العديد من الخبراء والمهتمين بالشأن الطاقوي في الجزائر، أن استحواذ إنتاج الغاز على هيكلية إنتاج الطاقة بالجزائر أمر منطقي، مردّه الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية من قبل السوق المحلية والخارجية، بالإضافة الى أن إنتاج النفط مقترن بسقف مبيعات الجزائر المحدّد من طرف هيئتي "أوبك" و«أوبك+".
ويرجع بعض المختصين تسجيل نسب متدنية في إنتاج الطاقات المتجدّدة، بالرغم من التطور المسجل فيها خلال السنوات الأخيرة، الى الصعوبات الاقتصادية التي طرأت في السنوات الأخيرة مع انخفاض أسعار النفط والغاز، وهو ما تسبب في بعض التأخر في تطوير مشروعات الطاقات المتجددة، لكن مع انخفاض الأسعار في بعض المصادر المتعلقة بالطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ينادي هؤلاء بتسريع وتيرة المشاريع، خاصة مع الإرادة الكبيرة التي تحذو القيادة العليا للبلاد لتطوير هذه الطاقة البديلة.
وكشف نفس التقرير الصادر عن الوصاية، عن تسجيل ارتفاع في مجال تكرير البترول الخام بنسبة 2,2٪ خلال عام 2021، مسجّلا في نفس الوقت انخفاضا كبيرا للواردات بنسبة بلغت -31,8٪ مقارنة بسنة 2020، ويعود الفضل في ذلك الى القرارات المتخذة بشأن وقف استيراد البنزين والمازوت وتحسين مردودية معامل التكرير.
ويرى الخبير الاقتصادي أبوبكر سلاّمي، أنّ كل الإحصائيات والأرقام المقدمة في آخر حصيلة لوزارة الطاقة تحمل عنوانا واحدا، هو "الارتفاع أو المنحنى التصاعدي" لكل الأرقام المقدمة، باستثناء تلك المتعلقة بالواردات وهذا نتيجة استراتيجية منتهجة في ميدان الاستثمار في الغاز والبترول والكهرباء، ترجمتها أداءات الشركات العمومية الكبرى مثل "عملاق" النفط "سوناطراك" من خلال شراكات وربط علاقات استراتيجية بالدول الزبائن، خاصة الجانب الأوروبي، ممثلا في إيطاليا، وهي الاستثمارات التي سمحت للجزائر بتلبية جزء هام من الطلب العالمي في مادة الغاز خاصة.
وأضاف محدثنا، أن الأرقام والمؤشرات المقدمة تدل على أن الجزائر وسعّت دائرة الاستثمار والمبيعات الخاصة بالطاقة، كما أنها أصبحت شريكا استراتيجيا بالنسبة للكثير من دول العالم وأوروبا خاصة، وهذا مؤشر إيجابي جاء نتيجة انفراج الأزمة الصحية التي أدت الى ركود الاقتصاد العالمي وتسببت في تراجع كبير في أسواق الطاقة.
وأفاد محدثنا، أن إرهاصات الأزمة الروسية- الأوكرانية تجلت من خلال هذه الأرقام التي تعكس الطلب المتزايد في السوق الأجنبية على الإنتاج الطاقوي بالجزائر، التي لبت الكثير من الطلبات، خاصة مع الدول الصديقة بحكم العلاقات التي تربطها بها منذ عقود، مشيرا الى أن الجزائر تسير في الطريق الصحيح، بالرغم من أصوات بعض الملاحظين التي تفيد بتغير نمط الاستهلاك في العالم، وهو ما تراعيه الجزائر من خلال استعدادها لأي بديل في سوق الطاقة العالمي. والى ذلك الحين لا تزال الجزائر تحتل مكانة مرموقة في سوق الطاقة التقليدي.
وبحسب وزارة الطاقة والمناجم، فقد عرف استهلاك الغاز الطبيعي زيادة قدرت ب6,5٪ سنة 2021 نتيجة ارتفاع استهلاك الأسر 5,1٪، والزبائن الصناعيين 10,9٪، وهو ما يراه الخبراء دليلا على انتعاش في قطاع الصناعة الذي شهد هو الآخر عودة الحياة للعديد من المؤسسات العمومية والخاصة، بعد أن عرفت ركودا وتجميدا لنشاطها لأسباب بيروقراطية وأخرى تتعلق بتداعيات جائحة كوفيد-19.
من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي أن زيادة الاستهلاك الداخلي على الطاقة دليل على نسبة تغطية واسعة للمناطق الآهلة بالسكان عبر الوطن بالطاقة، ومن ناحية أخرى دليل على زيادة عدد المركبات التي تشتغل بالغاز المميع، ومن جهة أخرى قد يعكس الرقم إفراطا في استهلاك الطاقة وتبذيرا في هذه المادة الحيوية، وهذا عائد الى سياسة الدعم المعمم الذي يجعل المستهلك يفرط في الاستهلاك وهو ما يضرّ بالاقتصاد الوطني، ولكن السلطات العمومية عازمة على تغيير نهج التحويلات الاجتماعية والورشة فتحت منذ سنة.
وكشف نفس المصدر ارتفاعا في الاستهلاك الوطني النهائي للطاقة الكهربائية سنة 2021 بنسبة 8٪، بعد أن سجل انخفاضا بنسبة -9,6٪ سنة 2020، وعرف استهلاك الطاقة زيادة بنسبة 12,7٪، بانتقاله من 13.6 مليون طن مقابل بترول سنة 2020 الى 15.3 مليون طن معادل بترول سنة 2021، ويعود هذا الى نمو عدد زبائن سونلغاز بنسبة 4,7٪، ما يقارب 11 مليون مشترك.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)