الجزائر

الديمقراطية والمدنية بالمجتمعات العربية المسلمة ‏التغيير يبدأ على مستوى الأفراد




استضاف نادي الإعلام الثقافي في نشاطه الأسبوعي بقاعة ''الأطلس'' الروائية الجزائرية الواعدة هاجر قويدري بمناسبة حيازتها للجائزة الثانية لمسابقة الروائي السوداني الكبير ''جائزة الطيب صالح العالمية للابداع الكتابي، الرواية، القصة، الترجمة''، عن روايتها ''نورس باشا''، حيث حضر جمع من الصحفيين والمثقفين هذه المناسبة السارة.
ما تزال الأقلام الجزائرية تصنع الحدث وتفتك الجوائز العالمية والعربية والإقليمية وتفند كل الادعاءات المغرضة القائلة إن الجزائري لا يحسن الكتابة من اليمين ولا ينطق الضاد، وها هي الأقلام الجزائرية تقف بقوة وتتصدر الابداع العربي في الشعر والرواية من أحلام مستغانمي إلى الروائية هاجر قويدري التي أحرزت الجائزة الثانية في جائزة الروائي السوداني الطيب صالح.
لم تكن الفرحة موقوفة على الروائية هاجر وحدها، بل ظهرت على جميع المشاركين في هذا اللقاء، الذي تحدثت فيه هاجر عن تجربتها الروائية وإحرازها جائزة علي معاشي سنة ,2008 أما عن روايتها الجديدة التي عبرت بها الحدود والتي عادت من خلالها محملة بالجائزة الثانية فهي ''نورس باشا''.
تكلمت هاجر عن المكان والزمان الذي تجري فيه أحداث روايتها وهو الجزائر العاصمة في العهد العثماني بين 1800 و1804م وأنها - الروائية - توظف التاريخ وتحاول إزاحة الستار عن مرحلة من أهم المراحل التي عرفتها الجزائر في تاريخها وهي المرحلة العثمانية، حيث تجري أحداث روايتها، مؤكدة أنها من خلال هذه الرواية تحاول أن تنتقل إلى واقع افتراضي إلى العهد التركي مستخدمة أسماء جزائرية صرفة وعادات وتقاليد، لأن تراث العاصمة ليس ''البوقالة''، وتقول الروائية إن أحداث روايتها تدور حول سيدة جزائرية اسمها ''الضاوية'' تحاول من خلال السحر توقيف أو تحديد الولادة عند ابنتها.
وتضيف هاجر أن الجزائر في العهد العثماني كانت تعج بكثير من الأعراق من مالطيين وجنويين ورياس البحر، وأنها بهذا حاولت نقل الواقع، وروايتها هذه ليست حزينة؛ ففيها لحظات الفرح، وأن فيها علاقة حب بين الضاوية وباش كاتب، كما يوجد فيها الطرب والموسيقى، وأن البطلة يموت أبناؤها ولم يبق لها إلا بنت واحدة وهي ''زهور'' وهذا بسبب السحر.
أما عن تجربتها الكتابية؛ فتقول هاجر ''فعل الحب هو فعل الكتابة''، وأنها - هاجر - مختصة في الإعلام الإلكتروني كما أنها اشتغلت في التلفزيون والإذاعة، وهي تطمح لإحداث صحافة إلكترونية في الجزائر لأنها غير موجودة في بلد يعد 33 مليون مشترك في الهاتف النقال.
أما عن الكتابة بالعربية والفرنسية؛ فتقول هاجر ''قرأت الفرنسية، وأنا ''أعرفها ولا أعرفها''،  أنا أحب العربية وأحاسيسي ومشاعري بالعربية، وأنا أول ما كتبت الشعر ثم ذهبت إلى كتابة الرواية و''نورس باشا'' هي الرواية الثالثة وأريد أن أكتب عن خصوصيات جزائرية، أريد أن أكتب عن رؤساء البحر مثلا الرئيس حميدو الذي توفي سنة .''1815
أما عن الحقل الذي تعمل فيه؛ فقد أكدت الروائية هاجر قويدري أنها قدمت استقالتها للتلفزيون لأنها لم تستطع أن تقدم شيئا وهي الآن تدرس بالجامعة متعاقدة، وأنها تكتب في جريدة ''الفجر'' ولها عمود منذ ثلاث سنوات، وأنها لا تكتب على الورق.
أما عن كتابة السيناريوهات؛ فقالت الروائية إنها لم تكتب للسينما واشتركت في كتابة سيرة سيدي بومدين، وأن لها مشروع ''تيزي وزو .''1957
كما أكدت هاجر على فرحتها الكبيرة بروايتها ''نورس باشا'' لأنها قدمتها للعالم، وأنها تريد التفرغ للجامعة وكتابة الرواية، لأنها تريد أن تكتب عن الفترة العثمانية لأنها فترة مجهولة ومظلمة وحتى المؤرخون لم يكتبوا عنها، ولهذا لا تكتب على الراهن وتريد اقتحام الأزمنة الأخرى؛ فهي تريد أن تتناول الحياة الإنسانية وأن تكتب تاريخ وطنها.
أما عن الكتاب الذين أعجبت بهم؛ فقد أكدت الروائية هاجر قويدري أنها تحب مالك حداد، وأنها تطلب من الكاتب الجزائري أن يواصل الكتابة ولا يتوقف ويختفي، كما أكدت في نفس الوقت أنها لا تستطيع تقييم واقع الرواية الجزائرية لأن هذا الأمر من اختصاص النقاد، غير أن الجزائر فيها أقلام جديدة والمغرب العربي فيه أقلام وابداع، وله مميزات، وله إحساس رهيب، ومناخه يختلف عن مناخات الشرق، كما أن الكاتب المغاربي يكتب بعدة ألسنة خلافا للكاتب المشرقي الذي يكتب بلسان واحد.

تناول محمد وهدان دكتور في الشريعة الإسلامية بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر، في مداخلته بملتقى الفكر الإسلامي الذي انعقد مؤخرا بدار الإمام، إشكالية الإسلام، الوطن ومفاهيم الديمقراطية الحديثة، حيث قال: ''إن المجتمعات المسلمة أحق الناس بمصطلحات المدنية والديمقراطية التي يجب أن نوظفها لصالحنا''.
يعتبر الدكتور محمد وهدان أنه لكثرة ما وقفت المجتمعات المسلمة عند مناقشتها لمصطلحات المدنية والديمقراطية، ابتعدت كثيرا عن حقائق وجواهر الأشياء، لقد قال: ''من المفروض أن المجتمعات العربية المسلمة أحق الناس بتوظيف هذه المصطلحات كيفما توفرت، وبالتالي ينبغي أن نطبقها لصالحنا في إطار تراثنا، بحكم أنها مصطلحات استمدت معانيها من القرآن والسنة ومن سيرة وتجارب السلف الصالح.
يكفي فقط أن تتوفر بالأمم الإرادة الصادقة، والجهود الإبداعية التي تحول هذه المصطلحات إلى واقع معيش مكرس بين الحاكم والمحكوم، لتدرك حقيقة هذه المفاهيم.
وحول الطريقة التي تم توظيف هذه المصطلحات بالمجتمعات العربية المسلمة، جاء على لسان الدكتور محمد وهدان بأن الديمقراطية والمدنية بمجتمعاتنا لم توظف كما ينبغي: ''لأننا ببساطة واقعون بين فريقين أعطيا لهذه المصلحات مفاهيم مختلفة، فهناك فريق قال إنه ينبغي أن نستفيد من جوهر هذه المصطلحات ومن طريقة تطبيقها عند أصحابها الذين مارسوها (أي المجتمعات الغربية)، بينما يعتقد الفريق الثاني أن مفاهيم الديمقراطية والمدنية مستمدة من أفكار المجتمعات الغربية، ينبغي الابتعاد عن هذه المصطلحات وتجنب اعتمادها حتى لا نعيش كما تعيش المجتمعات الغربية.
غير أن المنطق الذي يسير وفقه الدكتور محمد وهدان، يميل إلى الاعتماد على رأي الفريق الأول، حيث قال: ''من المفروض أن نحرص كمجتمعات عربية مسلمة على معاني الأمور لا على مبانيها، أي ما ينبغي أن يعنينا عند توظيف هذه المصطلحات؛ ما تحويه في جوهرها من مفاهيم وحقائق ونبتعد عن شكل الألفاظ وظواهرها''، وأردف يقول:''إن اهتمامنا بظواهر الأمور هو الذي جعلنا ندور في خندق الدفع والدفاع''.
وفي ذات السياق، شدد الدكتور محمد وهدان خلال مداخلته، على ضرورة تصحيح جملة من المعتقدات الخاطئة التي تفشت بالمجتمعات العربية المسلمة، حيث قال: ''المجتمعات العربية في وجدانها مجتمعات دينية، ولكن ما ينبغي معرفته أنّ الحكم الذي يراد له أن يحكم الناس ليس الحكم الديني كما يعتقد البعض، وإنما ينبغي أن يرأس الناس الحكم المدني الذي لا هو ديني ولا عسكري، ولكن هذا لا يعني الحكم المدني المحض، وإنما ذلك الذي يستمد المبادىء الكبرى من القرآن، السنة وتجارب السلف الصالح من الفقهاء.
وفي تقييمه للطريقة التي تسير عليها المجتمعات العربية المسلمة اليوم، قال الدكتور محمد وهدان: ''نحن جيل اليوم، مشكلتنا ليست فيما نسير عليه من نظريات، بل مازلنا نعاني من أننا لم نفلح في المساهمة بتقدم مجتمعاتنا خطوة للأمام، وهذا ما يدفعنا للقول بأنه إن لم تسعفنا هذه النظريات بالتقدم، فهذا يعني وجود خلل ما، لذا أعتقد أنه ينبغي اليوم التحرك على مستوى التدين الفردي، لأن التغيير ينبغي أن ينطلق على مستوى الأفراد أولا، وأن تتوفر فيهم الإرادة والرغبة في التغيير، دون أن ننسى الحديث عن التواصل بين الحاكم والمحكوم، والذي يعتبر الحلقة المفقودة في كثير من المجتمعات العربية-.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)