الجزائر

الديمقراطية السعدية!‬



سعيد سعدي خائف من صعود الإسلاميين في تونس، وقلقٌ من تداعيات زيارة الشيخ راشد الغنوشي للجزائر بدعوة من صديقه الرئيس بوتفليقة، مثلما وصفه مؤسس النهضة، علما أن زعيم الأرسيدي الخالد لم يقل لنا إن كان ذات الخوف يساوره بشأن صعود الإسلاميين في ليبيا الجديدة، أم أنّ حضور ماما فرنسا وبابا ساركوزي كفيل بتبديد تلك المخاوف؟!‬* سعدي ذاته حارب الإسلاميين لسنوات، وتوعد وهدد علي بلحاج يوما، مقسما بأغلظ الإيمان، وهو الذي لا يفعل ذلك إلا نادرا، أن الإسلاميين لن يصلوا للسلطة حتى وإن فازوا بالانتخابات، لكنه لم يقل لنا رأيه في بلحاج الليبي القادم من أفغانستان، حيث حارب الناتو قبل التحالف معهم لإسقاط الطاغية في ليبيا، والمرشح أن يكون وزيرا للدفاع أو حتى رئيسا في المستقبل، من يعلم؟!‬
* زعيم الأرسيدي يتهم الصحافة بأنها تهاجمه وتتحرش بشعبيته، في الوقت الذي كال الاتهامات ذاتها للسلطة يوما، بالقول إنها تمنعه من السير في الشوارع رفقة الجماهير العريضة التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وهي السلطة نفسها التي وفرت له الأمن والحرس الخاص، ولا تمل من الإنفاق على نشاطات حزبه، كما اتهم الشعب الذي لم يختره في الانتخابات أنهم مجرد "غاشي" لا يفقهون في الديمقراطية السعدية شيئا، ولا يقرؤون التاريخ بعيون صديقه آيت حمودة، المرتبط بالثورة بيولوجيا ليس إلا؟!
* لكن هل أتاكم حديث الديمقراطية السعدية، والتي تجعل من بلحاج الليبي المقرب من ساركوزي حليفا محتملا، في حين أن بلحاج الجزائري، وربما حتى أبو جرة سلطاني المقرّب من السلطة، أشياء مضرّة بالصحة السياسية والحزبية في البلاد؟
* الديمقراطية السعدية تؤمن بانتخابات الناتو التي تُصفّي خصومها بالطائرات، وتقتلهم سياسيا ولو جاؤوها من رحم الصناديق أحياء يرزقون، وتُعبِّد الطريق نحو السلطة بملايين الجثث، وتسعى لاستبدال الطواغيت بآخرين جدد، وتعيّن من الأحزاب شبيهها، كما تغتال من الأفكار نقيضها، تتحالف مع الشيطان لتحقيق مصالحها، لكنها سرعان ما ترتد عليه عندما تكتشف فجأة أنها أكثر أبلسة من الشيطان ذاته.‬
* لا يجد سعيد سعدي ضررا من إبراز دوره المشبوه في استعانة الغرب الأوروبي والأمريكي به من أجل شرح ما يحدث في الجزائر من إصلاحات وتطورات، وكأنه يتوق بفارغ الصبر لأن يتقمص دور أحمد جلبي العراقي، رغم أن سعدي في حد ذاته، يحتاج إلى من يشرح له سبب ابتعاد الشعب عنه كل تلك السنين، وتطليقه لأفكاره منذ بداية زمن التعددية، وهو بحاجة ماسة أيضا، لمن يجيبه: لماذا يراهن على الجهوية المقيتة من أجل الوصول إلى مكاسب سياسية ضيقة، حتى لا نقول، لمن يشرح له ما معنى أن يولد الحزب في أحضان المخابرات ثم ينقلب عليها، بل ما مفهوم الديمقراطية أصلا؟!‬
* قديما، اختار عدد من المصريين الذين انشقوا عن حزب الوفد، أن يتخذوا من اسم مؤسسه سعد زغلول لقبا جديدا لهم، فأطلقوا على أنفسهم جماعة السعديين، ولا ريب، أن الأرسيدي مرشح في المدى القريب لأن يصفّي بعض ما تبقى له من حراك سياسي، ويلتف حول زعيمه وأن أخطأ، فيتشكل لنا سعديون جدد، نسبة إلى سعدي، لكن مع وجود فارق كبير بين السعديين الذين انفصلوا عن الوفد لمقارعة الاستعمار البريطاني في مصر، والسعديون الذين التفوا حول سعدي من أجل السفر نحو باريس وبروكسل، وواشنطن أكثر من التوجه لوهران وقسنطينة وأدرار.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)