أثنى الرئيس التونسي، السيد محمد منصف المرزوقي، أمس، على الدور الذي لعبته الصحافة الجزائرية خلال الثورة التونسية، مؤكدا أن هذه الصحافة التي وقفت مع تونس في أحلك الظروف التي مرت بها هذه الأخيرة أعطت دعما كبيرا لنضال التونسيين من أجل الكرامة والحرية والعدالة.
وأشار السيد المرزوقي، خلال الحفل التكريمي الذي نظم على شرفه من قبل جريدة ''الشروق اليومي'' بمقر دار الصحافة عبد القادر سفير بالقبة، إلى أنه مدين شخصيا إلى الصحافة الجزائرية التي كانت - على حد تعبيره - الصحافة الوحيدة التي كسرت قيد البوليس السياسي التونسي، وتمكنت من كشف الواقع الأليم الذي كان عليه التونسيون إبان حقبة دكتاتورية بن علي، مضيفا - في الوقت ذاته - أنه مدين أيضا في فكره النضالي للكاتب الجزائري الراحل مالك بن نبي، الذي اعتبره ''أبا من آباء الثورات العربية بكلماته التي كانت كالرصاص في جسد الطغيان''، قبل أن يسترسل بقوله إن الثورة التونسية في حد ذاتها مدينة للثورة الجزائرية التي علمت العالم العربي أجمع والشعب التونسي بشكل خاص معنى الكرامة، ودفعته إلى حفظ النشيد الجزائري عن ظهر قلب والاعتزاز بترديده دون ملل.
وأكد ضيف الجزائر - في سياق متصل - أن نضال التونسيين خلال ثورة الياسمين استمد قواه وصبره من الثورتين الجزائرية والفلسطينية، متعهدا برفع التحديات التي تنتظر تونس الجديدة، لا سيما من خلال التمسك بالقيم التي رفعتها الثورة والمتمثلة أساسا في الكرامة والحرية والعدالة.
كما تعهد السيد المرزوقي في رده على بعض الانشغالات التي طرحت في الكلمات الترحيبية التي وجهها له ممثلو الأسرتين الثقافية والإعلامية في الجزائر، بالعمل على ترقية الروابط بين الشعبين الجزائري والتونسي بشكل خاص، وبين كل الشعوب المغاربية عامة، مذكرا - في هذا الصدد - بأن المثقفين التونسيين موجودون اليوم في السلطة الجديدة في تونس ويدركون تمام الإدراك المسؤولية الواقعة على عاتقهم، وحجم التحدي الذي يفرض عليهم كسب ثقة كل التونسيين.
وبعد أن جدد إلتزامه بالمضي قدما في تجسيد أحلام الشعب التونسي في الحرية والعدالة والكرامة، أكد الرئيس التونسي بأنه سيبقى وحكومته على نفس المبادئ التي قامت عليها ثورة الياسمين، وعلى رأسها ''القضاء على القبح الذي خلفته الديكتاتورية وإعادة الجمال إلى تونس''.
وقد تميز الحفل التكريمي الذي خص به الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي وحضره وزير الاتصال ناصر مهل إلى جانب عدة وجوه سياسية وثقافية وإعلامية وحقوقيين، بعرض شريط مصور اختصر المسيرة النضالية للرجل المعروف بدفاعه عن حقوق الإنسان، ومقاومته الشرسة للنظم الديكتاتورية ومنها نظام بورقيبة وبن علي، حيث لم يسلم من قمعهما البوليسي.
وعرفانا بمساره البطولي الكبير؛ فقد استلم الرئيس المناضل من يد مدير ''جريدة الشروق اليومي'' هدايا رمزية شملت ''برنوسا'' مغاربيا، وسيفا أصيلا يعود إلى حقبة المقاومة الجزائرية إضافة إلى درع الجريدة.
أكد الرئيس التونسي المؤقت، السيد محمد منصف المرزوقي، أن مبدأ عقد قمة مغاربية في زمن قريب أصبح محل توافق القادة المغاربة، مبديا أمله في عقد القمة خلال السنة الجارية بتونس بعد دراسة كافة الملفات حتى تكون لها قيمة فعالة تتجسد من خلالها البرامج المشتركة وتستجيب لتطلعات الشعوب.
وراهن الرئيس التونسي الذي يقوم بزيارة للجزائر في إطار جولة مغاربية شملت كلا من المغرب وموريتانيا، على الاتحاد المغاربي من أجل حل المشاكل التي تمر بها دول هذا الإقليم، موكلا المهمة للجان الخاصة لإعداد طرح جدي للمشاكل العالقة، لاسيما على ضوء الظروف التي تمر بها تونس وليبيا نتيجة التطورات التي عرفتاها مؤخرا، مشيرا في ندوة صحافية عقدها أمس بإقامة الميثاق إلى أنه يأمل في إعادة بعث الحياة في هياكل الاتحاد للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
كما أقر السيد المرزوقي بأن نزاع الصحراء الغربية يبقى السبب الذي يعطل بناء الاتحاد المغاربي، مؤكدا على ضرورة حل هذه القضية لخلق ديناميكية جديدة يتم على ضوئها ''تطويق الحاجز الذي لا يمكننا تسلقه'' مضيفا أن فتح الحدود بين الجزائر والمغرب وحل كافة المشاكل من شأنه إيجاد مناخ نفساني جديد لحفظ مصالح الجميع.
وأكد السيد المرزوقي أن تونس تنتظر الكثير من الجزائر في مواجهة الصعوبات الاقتصادية لا سيما على مستوى المناطق الجنوبية لبلده والتي تعاني الفقر والتهميش ونفس الشيئ مع ليبيا التي يرى ضرورة في أن يعاد إليها الأمن والاستقرار رغم إقراره بمساعي الليبيببن لإيجاد التوازن داخل بلدهم، مضيفا بأن تحسن الظروف في هذا البلد يشكل عاملا مساعدا لتونس لخدمة تنميتها في مجال العمالة وتطوير السياحة.
أما فيما يتعلق بالعلاقات الجزائرية-التونسية فقد أوضح الرئيس المرزوقي أن هناك الكثير من الاتفاقيات التي لم تفعل لغياب الإرادة السياسية من الجانب التونسي في فترة النظام السابق، مشيرا إلى أن القضايا انحصرت بالخصوص في الجانب الأمني، حيث كان هناك سوء معاملة للمواطنين الجزائريين في تونس على ضوء ''النظام الديكتاتوري'' كما أضاف. في حين راهن على أن تشهد العلاقات الثنائية منحى إيجابيا على ضوء تونس الثورة والديمقراطية.
ولم يخف السيد المرزوقي في رده على أسئلة الصحافيين رغبته في أن تسلم المملكة العربية السعودية الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لتونس من أجل محاكمته، رافضا أن يكون هذا الأمر شرطا أساسيا يحكم العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن مطالبته باسترداد الأموال المنهوبة من طرف النظام السابق الذي ارتكب كافة التجاوزات يدخل في اطار الدفاع عن حق الشعب التونسي.
أما بخصوص موقف تونس من مطالبة أعضاء المجلس الانتقالي الليبي تسليمهم رئيس الحكومة الليبي السابق محمودي البغدادي الذي يتواجد في السجن بتونس، فقد أشار الرئيس المرزوقي إلى أن بلاده من حقها أخلاقيا وقانونيا أن تسلم هذا الشخص إلى طرابلس في حال ما إذا توفرت الشروط القانونية هناك لضمان محاكمة عادلة في حقه.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، أوضح الرئيس التونسي أنه يتطابق مع الموقف الجزائري بخصوص التعاطف مع الشعب السوري ورفض التدخل العسكري، كما دافع عن موقف بلاده بخصوص طرد السفير السوري من تونس بالقول إنه ''يفترض أن تكون وظيفة الدولة حماية مواطنيها ولهذا رفضنا أن نعترف بشرعية نظام فقد شرعيته''.
وصرح خلال ندوة صحفية عقدت عقب لقاء بين منظمته والكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل أنه ''من الممكن خلق حركية اقتصادية بين البلدين، نريد أن نشيد سويا اقتصادا متينا''.
وأوضح رئيس أرباب العمل التونسيين أن هذا الفضاء الاقتصادي يتمحور حول مشاريع ملموسة، مؤكدا ضرورة مراجعة القوانين المسيرة للمبادرات التجارية والاستثمار في البلدين من أجل تشجيع التعاون الجزائري - التونسي.
وقال - في هذا الصدد - ''تكاد المبادلات التجارية بين بلدينا، اليوم، تكون منعدمة، لا أحمل أي طرف كان المسؤولية، ولكن ترجع مسؤولية تحريك الأمور إلينا نحن كمتعاملين اقتصاديين، ولذلك نأمل في أن تبذل سلطات البلدين جهدا على الصعيد التشريعي من أجل دفع علاقاتنا الاقتصادية''.
واعتبر السيد طارق شريف أن الإرادة في إنشاء سوق مشتركة ''موجودة'' وأن العراقيل التي تحول دون بناء هذا الفضاء الاقتصادي ''محددة'' ومن ثم - كما قال- تتجلى ضرورة بروز حركيات جديدة.
وأشار إلى أنه ''سيتم قريبا إعداد وثيقة تتضمن العراقيل والحواجز التي تحول دون تطوير التعاون الاقتصادي لعرضها على حكومتينا من أجل إيلاء الاهتمام للقيود الواجب رفعها''.
وأكد رئيس كنفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية - من جهة أخرى - ضرورة بناء هذا الاتحاد الاقتصادي وإلا سيتم تضييع الوقت ''هباء''، الأمر الذي ''سيضر - كما قال - اقتصادي البلدين''، كما أردف السيد طارق شريف قائلا ''إذا ما لم ننشئ هذا الفضاء الآن فإننا سنخسر الكثير من الفرص''.
ويرى المسؤول الأول عن منظمة أرباب العمل التونسية أن إنشاء سوق مشتركة سيسمح بإنعاش الاستثمار بكلا البلدين وتطوير التبادلات التجارية.
كما أردف قائلا ''هناك تكامل كبير بين بلدينا، لاسيما في بعض القطاعات مثل قطاع الأدوية''، موضحا أن الجزائر تمثل أيضا بالنسبة للتونسيين ''فضاء مناسبا'' للاستثمار السياحي.
في هذا السياق؛ أكد نفس المسؤول أن ''تونس تملك بعض الخبرة في مجال السياحة يمكن للجزائر أن تستفيد منها ولا تكلفكم الكثير''، مضيفا أن ''القائمة الخاصة بالمشاريع التي يمكننا تجسيدها معا تعد طويلة''.
من جهته؛ أوضح رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل السيد بوعلام مراكش أن الاتصال هو''عامل هام'' من أجل تجاوز الصعوبات المواجهة، وحسب المسؤول الأول عن الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل؛ فإن الجلوس حول نفس الطاولة لمناقشة الآفاق يؤكد إدراك ضرورة تحسين التعاون الاقتصادي بين البلدين.
اقترح وزير الموارد المائية، السيد عبد المالك سلال، على الوزير الصربي للاقتصاد والتنمية الجهوية السيد نيبوجا سيريتش تعميم فكرة فتح شركات مختلطة جزائرية صربية للاستفادة من مختلف التحفيزات المخصصة للشركات الوطنية في قانون الصفقات العمومية، مشيرا إلى أن نجاح نشاط شركتين مختلطتين ساهم بشكل كبير في تفعيل العلاقات التجارية والاقتصادية ما بين البلدين، وبمناسبة الدورة الـ 19 للجنة المختلطة الجزائرية ـ الصربية للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني أبرز وزير الموارد المائية إرادة الجزائر في تنويع العلاقات الاقتصادية على أن يحدد الطرف الصربي المجالات الاقتصادية التي تهمه والتي يمكن من خلالها نقل الخبرة والتجربة للطرف الجزائري مع تحضير مجموعة من الاتفاقيات التي ستوقع خلال زيارة الرئيس الصربي للجزائر خلال الأشهر القليلة القادمة.
وقد أكد وزير الموارد المائية أن الجزائر لن تدخر أي جهد بغرض تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية ما بين بلدين تجمعهما صداقة قوية تعود لفترة الثورة التحريرية الكبرى وهذا لبلوغ تطلعات رئيسي البلدين، حيث تقرر منذ سنة 2011 إعادة تفعيل العلاقات بعد جمود طبعها سنوات التسعينات بسبب مختلف المتغيرات السياسية التي عرفها البلدان، وبعد تسجيل استقرار أمني وسياسي وحتى اقتصادي يرتقب أن تعرف المبادلات التجارية قفزة نوعية خاصة بعد تنظيم زيارات متبادلة لرجال الأعمال ما بين الجزائر وصربيا على خلفية قرارات دورة 2009 ببلغراد التي ساهمت بشكل كبير في استثمار العديد من المؤسسات الصربية بالجزائر وهاهي اليوم تنشئ شركات مختلطة وتشارك في العديد من المناقصات.
وبخصوص الدورة الـ 19 اشار السيد سلال أن اللقاء سيكون مناسبة للخروج بالعديد من التوصيات لبعث مجموعة من المشاريع للشراكة في العديد من القطاعات على غرار الموارد المائية، الفلاحة، تطوير الصناعات، الصحة والتبادل الثقافي، منوها بالمجهودات المبذولة من طرف عدد من الشركات الصربية في قطاع الموارد المائية والتي تكللت في الفترة الاخيرة بإنشاء شركة مختلطة بين المؤسسة الجزائرية ''ايدروتيكنيك'' ونظيرتها الصربية وهو ما يسمح للشركة الجديدة مستقبلا بالمشاركة في مناقصات إنجاز السدود من خلال نقل الخبرة الصربية للطرف الجزائري، وهي الشراكة التي تسمح بالاستفادة من مختلف التحفيزات المقترحة ضمن قانون الصفقات العمومية للمؤسسات الوطنية من خلال استفادتها من 25 نقطة إضافية خلال عملية دراسة المناقصات، وهو ما سيحل العديد من المشاكل المتعلقة بالبنوك بالنسبة للمؤسسات الأجنبية، داعيا باقي المؤسسات الصربية الناشطة بالجزائر إلى أخذ نفس التجربة.
من جهته، استحسن الوزير الصربي نوعية العلاقات التي تربط البلدين، مؤكدا أن رجال الأعمال الصرب الناشطين بالجزائر وعددهم 20 شركة مرتاحون واستطاعوا التأقلم مع مختلف القرارات الاقتصادية الجديدة والدليل على ذلك إنشاء شركتين مختلطتين الأولى في مجال قطاع الموارد المائية ''ايدروتكنيك'' والثانية في المجال الفلاحي بعد الشراكة التي وقعت بين مجمع تسيير المساهمات للإنتاج الحيواني ''برودا'' والشركة الصربية ''اي تي ان'' بغرض نقل الخبرة الصربية في مجال التجميد والتخزين للطرف الجزائري، مبديا أمله في إنشاء شركات مختلطة أخرى خلال المستقبل القريب.
ونظرا لأهمية اللقاء، أشار المتحدث إلى أنه تم جمع العديد من رجال الأعمال الصرب والإطارات للمشاركة في دورة الجزائر بغرض إعادة بعث العديد من المشاريع واقتراح شركات جديدة في القطاع الفلاحي، الصحة والصيدلة بالإضافة إلى التكنولوجيات الحديثة عبر مشروع لمعهد ''ميخائيل بوبن'' المختص في البحث العلمي والتكنولوجيات المتطورة الذي شارك في مناقصة لوزارة الدفاع الوطني بغرض توفير نظام إنذار للسدود، حيث ينتظر المعهد الرد من وزارة الموارد المائية، متعهدا بنقل الخبرة والتجربة للطرف الجزائري في مجالات التكنولوجيات المتطورة، بالاضافة إلى التكنولوجيات المتعلقة بقطاع النقل وتوزيع الكهرباء.
وبالمناسبة دعا الوزير الصربي رجال الأعمال الجزائريين إلى الاستثمار بصربيا، مؤكدا توفر كل الظروف التقنية والمالية لنجاح مشاريعهم، وأشار إلى أن رجال الأعمال الصرب سطروا مجموعة من المشاريع المقترحة على الطرف الجزائري للشراكة، على أن يتم في ختام الدورة التوقيع على اتفاقين الأول يخص اتفاق تفاهم ما بين الدولتين والثاني يخص اتفاق شراكة في العديد من المجالات، مقترحا خدمات الصرب في مجال الصناعات الثقيلة بغرض تقوية القطاع في الصناعي في الجزائر.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/02/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : نوال/ح
المصدر : www.el-massa.com