الجزائر

الدعم المالي والمعنوي في الجزائر مازال موجها للأغنية على حساب المديح الديني المنشد سمير بن هلال، رئيس فرقة الأقصى للإنشاد، ل"الفجر"



الدعم المالي والمعنوي في الجزائر مازال موجها للأغنية على حساب المديح الديني                                    المنشد سمير بن هلال، رئيس فرقة الأقصى للإنشاد، ل
يتحدث رئيس فرقة الأقصى للإنشاد، في هذا الحوار الذي أجرته معه “الفجر” مؤخرا، على هامش حفل ديني بقاعة الأطلس في العاصمة، عن جملة من العوامل التي ساهمت في تطور الأنشودة الجزائرية، غير مستثن المشاكل التي تتخبط فيها وعلى رأسها افتقارها لقانون يحمي حقوق المنشد ويعتمد الفرق، ودعا القائمين على الشأن الفني إلى مراجعة الحسابات في كيفية التعامل مع المنشد، حيث اعتبرها تخدم مصالح المطربين فقط.
هل لنا بإطلالة قصيرة على فرقة الأقصى؟
تأسست فرقة الأقصى سنة 1989 ولها 13 إصدارا فنيا، و مساهمات وطنية ودولية مثلت على إثرها الجزائر في مختلف بقاع العالم.. نذكر منها المغرب، موريطانيا، مصر، فلسطين وبالتحديد بغزة، أين أحيت حفلات دعما للمقاومة والشعب الفلسطيني، الذي كان تتمة لما جاء به موقف الشعب الجزائري.. نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة. الفرقة التي تتكون من 8 أفراد كلهم من خريجي الجامعة الجزائرية، حيث لم تمنعهم دراستهم أو عملهم من مواصلة الإنشاد الذي حققوا بفضله نجاح مميز، لأنهم أدوا رسالة تحمل القيم الجميلة والأخلاق الحميدة التي كانت لنا بديلا عما نطرق به أبواب الجزائريين ويسمعنا الأب مع ابنه.
لماذا تسمية الأقصى وليس اسم آخر؟
أجل فهذه التسمية تعود إلى سببين اثنين، هما مباركة المولى عزَ وجل لهذا المكان، والجميع يعرف الآية التي تتحدث عن مسجد الأقصى، بالإضافة إلى موقف الجزائر التاريخي من القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني انطلاقا من مقولة الراحل هواري بومدين.. نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وبالتالي جاءت هذه التسمية من أجل إحياء القضية الفلسطينية في مختلف المناسبات والظروف حتى تسجل حضورها مثل الثورة الجزائرية التي لا تغيب عنا في أيَ مناسبة.
على ضوء مشاركاتكم الوطنية والدولية، كيف تقيم هذه التجربة وهل أحرزتم تقدما في هذا اللون الفني؟
قبل التقييم يجب أن نراعي الحالة الفنية لدينا، أي يجب تقييم الفرقة ومدى تطورها هل من الحسن إلى الأحسن والعكس صحيح، ولن أخفي عليكم أنَ الفرقة في بداية مشوارها كانت تقلد بعض المنشدين من المشرق العربي الذين لهم الفضل والسبق في الإنشاد، وما كان هواية صار اليوم احترافا، ونحن نعمل على قدم وساق من أجل توسيع قدراتنا وتطوير موهبتنا في الإنشاد الديني. ولما تعتمد الفرقة على اللَحن الذي تنتجه وهو علمي مائة بالمائة لأنه قائم على دراسة المقامات والموسيقى، كما أن الكتابة تقوم على إنتاجها كذلك، حيث يراعى فيها الوزن وتوزيع الأصوات وانسجامها، وكلها تصب في الأداء المميز لفرقتنا، وهو ما أعتبره مسيرة إيجابية.
إلى جانب مساندتكم للقضية الفلسطينية هل تساندون قضايا التحرر الأخرى في العالم؟
نحن كفرقة نساند كل القضايا العادلة التي منبعها الإنسانية وحرية المعتقد وحرية التدبَر في شؤونها، لذلك نرى أن جوهر القضايا هي “القضية الفلسطينية”، لأن تلك الأرض ليست مجرد أرض وطين بل هي عقيدة ودين، وتبقى كل القضايا والأحداث الخارجية لها الحق من التناول مثله الحال في قضية الصحراء الغربية، حيث أثبتت الجزائر وقوفها الدائم والعادل مع الشعوب المظلومة ومختلف الفئات التي تتعرض إلى انتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي إذا غنيت لقضية ما فإنك بالضرورة تغني لنصرة العدالة واسترجاع الحق المهضوم. وببساطة أقدَم لك مثالا: الإنشاد لفلسطين يقابله بركان يثور في سوريا ومصر ومالي، لذا وجب على المنشد أن لا ينسى باقي الأحداث التي بجواره وتحيط به.
هل أديتم أناشيد حول الربيع العربي، وكيف تنظرون الى هذه الاحداث؟
هذا السؤال سياسي أكثر منه فني، لكن في اعتقادي ومادام واجبنا تكميليا لم ننشد للربيع العربي وإنما أنشدنا للإنسانية حتى تقرر مصيرها من خلال رسائل تحمل أجمل وأسمى المعاني، على غرار السلم والأمان. وأتذكر أننا أحْييْنا حفلا بموريتانيا حضره سفير الجمهورية العربية الصحراوية يحمل عنوان “دمعات العيون”، أي دمعات عاصمة الصحراء الغربية، فقال والله أدمعتم العيون قبل العيون.
هل تعرضتم لانتقادات من خلال غنائكم للصحراء الغربية من قبل هيئات أو منظمات تساند الاحتلال؟
لا أذكر أننا تلقينا انتقادات في هذا الشأن عدا بعض التصريحات، وحسب اعتقادي هذا راجع إلى وعي الشعوب مهما اختلفت أطيافها في المجتمع، وبالتالي فإنها لا تختلف عن مثل هذه الأمور التي تدعو إلى السلم والأمان في العالم بأسره و ليس في الصحراء الغربية فحسب، أما التصريحات والأقوال التي تصدر من هنا وهناك تظل شيئا عاديا لا يؤثر في مسيرتنا وتوجهنا الفني.. لأنَ الذي جمعنا هو الفن الهادف وكانت إبانها فرقة الإنشاد المغربية الهدى حاضرة رغم اختلافنا في رؤية القضية لأن الفن يجمعنا إلى أبعد الحدود.
على صعيد التبادل الفني هل هناك تعاون بينكم وبين منشدين عرب أو أجانب؟
أكيد، وهو ما يتلخص في مشاركات الفرقة التي أنشدت مع المنشد أبو الجود من سوريا ومواطنه بوخضرة، وكذا رشيد غلام المغربي الذي يخالفنا الرأي في كثير من الأمور، ثم أنشدنا مع أيمن المنشدين الفلسطينيين أيمن الحلاق ورمضان الشيخ، كما التقينا مع المنشد أبو راتب من موريتانيا وقمنا بإنتاج عمل ثنائي اختير له عنوان “لبَيْك”، بالإضافة إلى أنَ المنشد أيمن الحلاق أهدانا نشيد “ياذاك المليون” وتبادلنا معه في أعمال أخرى في المستوى.
كيف كان هذا التعامل بينكم؟
بشكل عام يكون التعامل عن طريق تبادل الأصوات التي تنسجم مع أدائنا والطبع الذي نؤديه، حيث تستقطب الأصوات التي تحل بالجزائر اهتمامنا وميولنا، لاسيما إذا توافقت في اللون الفني الخاص بنا أو العكس يحدث لنا بالخارج، وأشير فقط إلى توفر الجزائر على أصوات عذبة وجميلة.. انطلاقا من مجموعة الفرق الإنشادية التي تتنوع أصواتها من فرقة لأخرى، فعلى سبيل المثال فرقة الأشواق تتباين مع فرقتنا وغيرها، هذه الأخيرة تستقطب اهتمام الطرف الثاني الذي يريد التعامل معك في الطابع الذي تنشده ومنها الطابع الثوري أو المديح الديني أو الأندلسي، إلى جانب التراث، أي هناك نقاطا توافق والتقاء تساعد على اندماج سريع بين الفرقتين.
انطلاقا من هذه التجربة، كيف تقرأ حركية الإنشاد في الجزائر؟
دعني في البداية أحدثك عن واقعها وحركتها في العالم، حيث كان أحسن إصدار حقق مبيعات هائلة هو إصدار المنشد العالمي سامي يوسف والأرقام التجارية تثبت ذلك، لأنه استطاع أين يٌدخل الأنشودة في قالب موسيقي جمع بين مدرسة الغناء والإنشاد. كما أنَ هذا الإنجاز المحقق عاد بالإيجاب على العالم العربي والإسلامي وأضحى هناك اهتمام واسع بالأنشودة. في السياق نفسه يلحظ واقعها في الجزائر تطورا تدريجيا نتيجة الوسائل الإعلامية التي أتاحت فرصة البروز لها بقوة بخلاف ما كانت عليه سابقا أين اقتصر أداؤها على المساجد وفي إطار مناسبات دينية فقط، فالأنشودة اليوم تنوعت بين الكليب والأشرطة السمعية بمساعدة من قناة وإذاعة القران الكريم، ناهيك عن اهتمام باقي القنوات بها، حققت بواسطتها رواجا نسبي أعاد لها مكانتها الضائعة ونفض عنها الغبار الكثير الذي عهدته سابقا، كما مكَنَها هذا التقدم من فرض نفسها بنفسها في مختلف المهرجانات الوطنية الدينية أو غيرها دون استثناء.
مقابل هذا تظل بعض الأصوات تنادي بعدم اهتمام الإعلام بالأنشودة، ما رأيك؟
كلام صحيح، لكن في مرحلة معينة كان كما تقول، في وقتنا الراهن بات الاهتمام بها ليس من طرف الإعلام فقط بل من قبل منظمات إدارية وبمبادرات خاصة، والدليل ما يقوم به الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي خصَها ببرنامج ثري طيلة الشهر الكريم.
ماذا عن إقبال الجمهور الجزائري على سماع الأناشيد الدينية؟
يبقى الحكم على الإقبال من عدمه نسبيا، بالنظر إلى عدة عوامل أهمها التوقيت المناسب الذي يتيح للعائلات فرصة الحضور وعدم تفويت الموعد وكذا الإمكانيات المدروسة، على غرار توفير وسائل النقل وتسخير جهاز إعلامي يروج للحدث. ولا أنكر في السياق نفسه وجود فئة تهتم بالغناء، إلا أنه توجد شرائح بأعداد كبيرة تهتم بالنشيد باعتبار الإقبال الغفير على حفل سامي يوسف بالقاعة البيضاوية، وعماد رامي بمسرح الهواء الطلق، بغض النظر عن الاسم أو الشهرة.
هل من مشاريع تحضرون لها؟
بطبيعة الحال لدنيا اتصالات مع قناة “الصوفية” حول إنتاج كليب ديني سيعرض على شاشتها بعد الاتفاق معهم، وصورنا أيضا ثلة من الأناشيد في قصر رياس البحر، وسيتم عرضها إن شاء الله على إحدى القنوات الإيرانية.
هل تتلقون دعما من وزارة الثقافة في تمويل مشاريعكم؟
للأسف لم نتلق أي دعم لا من الوزارة ولا من أيَ جهة معنية منذ بداية مشوارنا الفني، رغم الطلبات الكثيرة التي أودعناها من أجل الاستفادة من غطاء مالي معين، إلا أنَ الرَد غائب دائما، وبالتالي ما نقوم به من إمكاناتنا الخاصة وبمجهوداتنا الشخصية، من خلال ما نحققه من مداخيل بواسطة الحفلات التي نحييها والأعراس وكذا المنتوجات التي نبيعها عن طريق وكالتنا الفنية. وبالمناسبة أنوه إلى نقطة مهمة أنَ الدعم المالي والفني يذهب إلى الغناء مباشرة دون الأنشودة.. فما يتحصل عليه المطرب يفوق بأضعاف أجر المنشد.
أين يكمن الخلل في رأيك؟
أعتقد أنَ الخلل يكمن في رد الاعتبار الذي أؤكد أنَه يكون بقرار من القائمين على الثقافة، حيث يتم اعتماد الفرق الإنشادية الجزائرية مثلما هو معمول به في باقي الدول العربية، وأخصَ بالذكر مصر وسوريا التي تمنح فيها وزارة الأوقاف اعتمادات لفرق الإنشاد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)