الجزائر

"الدراز".. خلطات سحرية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية



تأتي السنة الأمازيغية هذا العام على غير عادتها، فبعد ترسيم 12 جانفي المصادف لحلول السنة، يوم عطلة وطنية، حلت الفرحة في قلوب شريحة واسعة من الجزائريين، ومما يجعل إحياء "يناير" أكثر تفاعلا وأهمية من سنوات مضت.غير أن ما قد ينغص فرحة هذه السنة الأمازيغية، دخول قانون المالية 2018 حيز التنفيذ، وما تبعه من منع لاستيراد الكثير من المواد الغذائية ذات الصلة بما يسمى ب"الدراز" ويقصد بها الخلطة التي يشتريها الجزائريون عشية حلول "يناير"، والمكونة في الغالب من الحلوى والمكسرات وأنواع الشكولاطة، حلوى "النوقة" و"الشامية" و"الترك".
وقبل أيام من حلول المناسبة، تزينت محلات بيع "الدراز" بحلة وديكور جميلين جذابين لاستقطاب الزبائن، وامتلأت بأنواع مختلفة من الحلوى والشوكولاطة والمكسرات، ولعل مدينة القليعة بتيبازة، واحدة من المدن الجزائرية الجميلة التي تجذب حوانيتها المزينة والمضيئة بألوانها الملونة والمكدسة بسلع"الدراز"، حيث قامت الشروق باستطلاع حول مظاهر الاستعداد ل"يناير"، في المنطقة.

أسعار ملتهبة وندرة في السلع
أينما تولي وجهك، في أحياء وشوارع مدينة القليعة، يشد انتباهك محلات بيع "الدراز"، وتجلبك بألوانها وأنواعها، الحلوى المغلفة وغير المغلفة وأشكال الشكولاطة المعلقة حيوانات وطيور ودمى، والمكسرات المقشرة المعبأة في علب زجاجية شفافة، تشكل في مجموعها صورة فسيفسائية جميلة تعبق برائحة طيبة.
الإقبال بدا واضحا قبل أسبوع من حلول مناسبة "يناير" وهي بداية السنة الأمازيغية، ولكن الأسعار تصدم كل من يدخل هذه المحلات، الكيلوغرام من الحلوى المغلفة يتجاوز ال1400دج، وعلب الشكولاطة الصغيرة مثل "مليكا" وصل سعرها إلى 270 دج، وحلوى الشامية تتراوح حسب أنواعها وحجم علبها حوالي 2500 دج.
وتعدت المكسرات المقشرة كالجوز والفستق سعر 3800 دج للكيلوغرام، بينما وصل سعر الكيلوغرام من اللوز المقشر إلى 2500 دج، والقسطل إلى 700 دج، والفول السوداني المحلي بين 600 و700دج للكيلوغرام.
وعبر أحد بائعي "الدراز" في القليعة الذي زاول هذه التجارة منذ سنوات متخذا محلا في سوق المدينة الشعبي، لاستقطاب الزبائن، عن استيائه لمنع بعض المواد الغذائية وقال إن السلعة غير كافية لتغطية الطلبات وهو مضطر لرفع الأسعار، مشيرا أن حلويات وشكولاطة ومكسرات تركيا تشهد ندرة عبر تجار "الدراز".
وأكد صاحب محل آخر غير بعيد عنه، أن الفول السوداني الصيني سيئ وغير صحي، وأن كميات الفول السوداني لمدينتي واد سوف وغرداية، هي المتوفر في السوق. واشتكى من نقص السلع مشيرا أن الحلوى المتوفرة هي نفس الأنواع المتواجدة عبر الكثير من تجار "الدراز".
وفيما يخص أنواع المكسرات، أوضح، أن الكميات المتواجدة في محله، قد تنفد أياما قبل حلول السنة الأمازيغية، وهي غير كافية لتغطية الطلب بعد منع استيراد بعضها وزيادة الضريبة.
وتعتبر المكسرات والحلوى والشكولاطة المستوردة من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وتركيا أعلى ثمنا، وهي محل اهتمام ميسوري الحال، كما أنها متوفرة بكميات قليلة وهي مستوردة قبل دخول قانون المالية 2018 حيز التنفيذ.
وقال لنا، أحد تجار "الدراز"، وهو شاب قدم من عين الدفلى، واستأجر محلا في القليعة هذه الأيام، إن الفول السوداني المحلي من أجود الأنواع ولكن بعد منع استيراده من دول أجنبية، قد يؤدي إلى ندرة وبالتالي إلى رفع أسعاره الأيام القادمة.

اختفاء أنواع كثيرة من الحلوى وخلطات المكسرات
وعلى خلاف سنوات مضت، فإن أي زبون يجوب محلات بيع "الدراز"، يلاحظ أن الكثير من أنواع الحلوى وخلطات المكسرات، غير موجودة، مثل تلك الحلوى المصنوعة بالتمور، والحلوى السوداء الأشبه بالمطاط، والمكسرات الممزوجة بحلوى أو محشوة داخل الشكولاطة، وهي التي تستورد من فرنسا ودول أوروبية، حيث أدى انخفاض سعر الدينار وارتفاع قيمة العملة الصعبة إلى الاستغناء عن استيراد هذه المغذيات التي يراها المستوردون غير ضرورية، وهذا قبل دخول قانون المالية الذي يمنع استيراد الكثير منها، حيز التنفيذ.

إقبال واسع على الحلوى والشكولاطة المستوردة قبل نفادها
رغم الأسعار الملتهبة للمكسرات والشكولاطة والحلوى، إلا أن فرحة الجزائريين بالسنة الأمازيغية ورغبتهم الجامحة في تذوق هذه المغذيات الحلوة، خاصة المستوردة منها، جعلتهم يقبلون على شراء ما يمكن شراؤه من "الدراز"، ويدفعون ولو على حساب ضروريات أخرى، مبالغ تعدت عند البعض المليوني سنتيم.
إحدى السيدات القليعيات، وهي تنحدر في الأصل من ولاية تيزي وزو، قالت لجريدة الشروق، إن أبناءها تعودوا على إحياء مناسبة السنة الأمازيغية ب"الدراز"، ولكنها بعد أن تفاجأت بزيادة فاضحة في الأسعار، قالت إنها مضطرة لأن تستغني على بعض أنواع المكسرات كالفستق والجوز، والحلوى المستوردة.
وعكس ذلك، أكد أحد زبائن محلات بيع "الدراز" في القليعة، أن هذه السنة يختلف الأمر، كان من قبل ينظر إلى عشية يوم"يناير" ويذهب لشراء "الدراز"، حيث يجد أن الأسعار انخفضت، ولكن خوفه هذا المرة من نفاد السلع المستوردة جعله يبكر في شراء ما يرغب فيه، خاصة من الشكولاطة والمكسرات.
ورأت سيدة شابة، أن الحل للاحتفال بالسنة الأمازيغية دون خسائر مالية، هو العودة إلى البساطة من خلال تحضير الحلويات والأطباق التقليدية في المنزل.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)