من المفروض أن يعي قادة الحزب الذي حكم الجزائر منذ استقلالها -المتحكمون في زمامه والمعارضون لهم على حد سواء- أنه صار يشكل خطرا ليس على مناضليه وطموحاتهم الشخصية أو هياكله وممتلاكته. وإنما أخطاره قد تلحق أضرارا لا أحد يقدر عواقبها على البلاد جمعاء.
لم يستطع هذا الحزب، منذ أن أصابته الانشقاقات، طيلة عشرية كاملة أن يستجمع قواه ويكون حزبا بالمعنى المتعارف عليه: قاعدة-هياكل-قيادة-برنامج سياسي، ويحفظ ''الرمز'' الذي تحمله تسميته من ''التدنيس'' الذي ألحقته به ممارسات قياداته وقواعده المتطاحنة في مشهد بائس يتكرر على مدار السنة.
لا يجهل عبد العزيز بلخادم ومعارضوه في الحزب، الذي لم يتزحزح عن السلطة منذ استقلال الجزائر، أن الشعوب التي ثارت في الدول العربية، أول ما استهدفته وطالبت برحيله هو الأحزاب التي تشبه الحزب الذي يرأسه هذا السيد، والتي مارست في بلدانها مثل الذي يمارسه حزبه عندنا. من المفروض، إن كان بلخادم ومعارضوه، يحبون الجزائر فعلا، أن يتوقفوا عن دفعها إلى ''الخراب''. بن علي هرب، وتحطم بعده الحزب الواحد الذي أسسه وحكم به. مبارك لا يزال مسجونا، ومحا المصريون آثار الحزب الذي تسلط به وأبناؤه على رقاب المصريين. في سوريا لا يزال المواطنون باختلاف أعراقهم ومعتقداتهم يحتلون الشوارع ويهبون الدماء والأرواح لإنهاء تسلط حزب البعث الأوحد أيضا.
وعندنا في سنة 2011 ، وبعد كل الذي عاشه الجزائريون وما يحدث حولهم في العالم، يجند بلخادم ''كل الذين لا يرفضون أن ينقلوا عبر حافلات لا يعرفون من أجّرها لملء قاعة كبيرة في العاصمة'' ليوهم بأن وراءه جماهير عريضة تطالبه بأن يبقى على رأس ذلك الحزب، الذي لو قدم وزير البوليس ولد قابلية الإحصاءات التي من المفروض أنه يملكها، لاكتشف الجزائريون أن ''عددا كبيرا'' وربما ''مرعبا'' من مناضليه وإطاراته أيضا، ومنهم الوزراء، من المفروض أن يكونوا تحت حراسة زميلهم في الحزب الطيب بلعيز في السجون.
لماذا لا ينتبه أحد في هذا الحزب، ولماذا لا يلعنون الشيطان ويعودوا إلى رشدهم، ويعتبروا بما حدث لأمثال حزبهم في تونس ومصر وسوريا. لماذا لا يلعنون الشيطان ويتوقفوا عن بهدلة ''الرمز'' الذي ورثوه عن غير جدارة ولا استحقاق. أم أنه مع معارضيه ما زالوا لا يعرفون أن القذافي وأبناءه هم الذين استقدموا الناتو إلى بلادهم بتماديهم في طغيانهم وعماهم.
اقتربت الانتخابات ولا يوجد مؤشر واحد يفيد بأن ''الحرب'' لن تقوم في حزب عبد العزيز بلخادم. وإذا قامت فيه الحرب، فإنها لن تدمره وحده. إنه صار كائنا مخيفا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : لحسن بوربيع
المصدر : www.elkhabar.com