أعاب مستشار الحكومة التونسية، مقداد يسعد، في حوار له مع ''الخبر''، توجه حكومة بلاده نحو دول مجلس التعاون الخليجي، وإهمالها علاقاتها مع الجزائر، ورأى في هذا التوجه أنه على حساب الجزائر، وهي الدولة الكبرى في منطقة المغرب العربي، ونبّه إلى أن العادة جرت أن تكون أول زيارة لكل رئيس حكومة جديد بعد تسلم مهامه مباشرة وفي كل تاريخ تونس المستقلة باتجاه الجزائر... إلا هذه المرة فقد شذ رئيس الحكومة الحالي حمادي الجبالي عن هذه القاعدة الدبلوماسية، وفضل على ما يبدو منطقة الخليج العربي على جارته القريبة الجزائر... ملاحظات هذا المستشار في محلها، وبعيدا عن منطق المفاضلة بين دولة عربية وأخرى، ومن منطلق مصلحي بحت، نقول إن الجغرافيا والتاريخ، يفرضان أن تكون علاقات تونس بالجزائر أو العكس، متميزة عن أي علاقات تربط تونس أو الجزائر بأي دولة أو دول أخرى.
منذ أيام تناقلت وسائل الإعلام أن مهمة إعداد وتكوين الشرطة الليبية تتم بالمملكة الأردنية، والمنطق والمعقول والضروري والمنتظر، يفرض أن تتكفل الجزائر بهذه المهمة بحكم عوامل مصلحية للجزائر وليبيا معا وليس لواحدة منهما دون الأخرى... يبدو أن الأمر لا يتعلق بتونس فقط، وإنما امتد للجارة الأخرى التي هي ليبيا التي كانت علاقاتها بالجزائر في عهد الملك السنوسي وفي عهد العقيد متميزة وقوية خاصة في بعدها السياسي، فما الذي حصل حتى يحدث كل هذا التحوّل؟
لقد أخطأت السلطة في الجزائر الحساب مع الشعب الليبي أيام ثورته ضد استبداد نظام العقيد، لكن منطق ثقافة الدولة ومصالح الجزائر ومصالح المنطقة ككل يفترض أن تفرض على الجزائر ضرورة إعادة النظر في هذا التوجه منذ أن كذبت الأحداث ما ذهب إليه مراد مدلسي في أحد تصريحاته من أن المجلس الانتقالي لن يصل أبدا إلى حكم ليبيا.
ليس سرا أن علاقاتنا مع الجارة المغرب ظلت على مدار سنوات الاستقلال غير طبيعية، ولو أردنا الدقة لقلنا بأنها كانت متوترة جدا في مناسبات معينة مثلما كانت عليه الأحوال مطلع ستينات القرن الماضي، ومتوترة خلال عشرية السبعينات وهادئة أو شبه عادية خلال عشرية الثمانينات، ثم مائعة خلال العشرية الأخيرة... ومقابل هذا أو بالموازاة له، ظلت علاقات الجزائر عادية بمعظم دول العالم والمنطقة بما فيها تلك التي كنا نختلف معها في الخطوط العامة للسياسات الخارجية والخلفيات التي تبنى عليها هذه الخطوط... فما الذي حدث حتى تخسر الجزائر علاقاتها الطيبة جدا جدا مع تونس، وتخسر علاقاتها التحالفية مع ليبيا، وتتوتر العلاقات مع موريتانيا بعد انقلاب الرئيس الموريتاني الحالي على سلفه، وتصبح علاقاتها ضبابية وغير واضحة مع السينغال ومالي... يبدو أن هناك خللا فادحا في بنية التصور في سياستنا الخارجية، وليست في سياسات غيرنا... نعم الخلل فينا وليس في غيرنا.
[email protected]
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 06/07/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : العربي زواق
المصدر : www.elkhabar.com