الجزائر

"الخطاب غير الواقعي والانغلاق وراء تراجع الإسلاميين في الانتخابات "


أبو جرة سلطاني ، رئيس حركة مجتمع السلم، سابقا، ل " الجزائر الجديدة ""الخطاب غير الواقعي والانغلاق وراء تراجع الإسلاميين في الانتخابات "
حاوره : فؤاد ق
قال رئيس حركة مجتمع السلم،سابقا، أبو جرة سلطاني، في إن الحركة لم تسجل تراجعا في الانتخابات المحلية التي جرت الخميس الماضي بل بالعكس حققت نتائج جد ايجابية مقارنة بمحليات 2018، مشيرا في هذا الحوار المقتضب مع "الجزائر الجديدة" ، إلى أن التيار الإسلامي هو الذي سجل تراجعا لثلاث أسباب رئيسية هي " التشتت " و " الانغلاق " و الخطاب المنتهج من قبل قادة هذا التيار. وبخصوص ملف رئاسيات 2019، الذي كثر الحديث عنه خلال الحملة الانتخابية الماضية ، قال سلطاني أن الغموض يكتنف هذا الملف في الظرف الراهن بسبب عدم وجود تسريبات تتحدث عن إمكانية ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة من عدمه، مرجحا أن يكون صيف 2018 " ساخنا " فصناع القرار على حد قوله سيفتحون هذا الملف خلال هذه الفترة.
حافظ كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي على الصدارة في المجالس البلدية والولائية في المحليات ، في حين تحصل كل من الأفافاس وجبهة المستقبل على نتائج جيدة، بينما تراجعت الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي، ما قراءتكم في هذه النتائج ؟
الانتخابات المحلية لها خصوصية مقارنة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية فاللذين يصوتون هم أبناء البلدية والولاية، وإذا نجحت أي تشكيلة سياسية في ضبط القوائم الانتخابية من أبناء البلدية والولاية الذين لهم شبكة علاقات واسعة فحظوظ النجاح ستكون أوفر، ثم إن صورة الحزب لدى الرأي العام تحشد له مزيدا من الأصوات، مثلا الافلان نجح في كسب الأصوات في بعض المناطق كونه معروف لدى الرأي العام بأنه حزب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الوضع ذاته ينطبق على حزب التجمع الوطني الديمقراطي فالأمين العام للتشكيلة السياسية أحمد أويحي تحدث خلال الحملة الانتخابية بقبعة الوزير الأول، فعرج للحديث عن مشروع قانون المالية لسنة 2018، ودافع بشدة عن الزيادات التي أقرتها الحكومة في أسعار الوقود وبعض المواد ذات الاستهلاك الواسع كما تطرق للحديث عن المشاريع التي ستطلقها الحكومة في بعض الولايات خلال 2018، فالمحليات قد أبانت من جهة أخرى عن الصراع القائم بين حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحزب الحكومة، وانتهت بفوز كلاهما بثلثي المقاعد في المجالس البلدية وبأكثر من الثلث في المجالس الشعبية الولائية.
وبخصوص جبهة القوى الاشتراكية وجبهة المستقبل التي صنعت الحدث رغم أنها حزب " فتى " ؟
أعتقد أن جبهة القوى الاشتراكية تمكنت من الخروج من الجهوية إلى الانتشار الوطني، أما جبهة المستقبل فهي حزب كما قلتم " فتي "ّ لم يمض على نشأته سوى فترة قصيرة، فلم يسبق له وأن تورط في التسيير المحلي، فخاض الانتخابات المحلية لأول مرة وهو الأمر الذي جعله يتبوأ موقعا مريحا في الساحة السياسية، أما بالنسبة لتراجع حركة مجتمع السلم، بسبب احتلالها المرتبة السادسة، فالشيء الذي يجب تأكيده هو أن التشكيلة السياسية لم تتراجع، بل حققت نتائج ايجابية مقارنة بالانتخابات المحلية التي جرت عام 2012، حيث حافظت على وعائها الانتخابي التقليدي وأضافت إليه بلديات جديدة، كبلدية حمام اولاد صالح في لاية الطارف فحمس انتزعت الأغلبية من أحزاب السلطة في هذه المنطقة في وقت لم يكن لديها منتخب واحد فيها وأيضا بلدية شيغارة بولاية ميلة التي فازت فيها إمرأة عن حمس لأول مرة، فالتراجع حصل للتيار الإسلامي جملة.
ما هي أسباب تراجع التيار الإسلامي ؟
التراجع في اعتقادي يعود لعدة أسباب، أبرزها التشتت فالأحزاب المحسوبة على التيار دخلت الانتخابات المحلية متفرقة، أما السباب الثاني يعود إلى الخطاب المنتهج من قبل قادة وزعماء هذا التيار فهم مازالوا يخاطبون المجتمع بخطاب المسجد التقليدي الذي لا يلامس الواقع ولا معيشة المواطنين ولا يتطرق للحلول التي يتطلع إليها المواطن، أما السبب الثالث فراجع إلى الانغلاق الذي لازال يعاني منه هذا التيار، فلا يسمح بالترشح إلا في هوامش ضيقة ويعطي الأفضلية والأولوية لمناضلين ومناضلاته، وهذه المعايير تجاوزها الزمن فيجب أن تكون الأحزاب السياسية أحزاب وطنية لا نخبوية تنفتح على كل فئات المجتمع ولا تكتفي بالنخب فقط.
هناك إجماع في الساحة على أن الانتخابات المحلية كانت بطعم رئاسيات 2019، ما قولكم في هذا ؟
أغلب زعماء الأحزاب السياسية خاضوا الحملة الانتخابية بقبعة مرشحين محتملين للرئاسيات المزمع تنظيمها في ربيع 2019، بدليل الخطاب الذي تبناه معظمهم، خاصة المحسوبين على جناح السلطة في البلاد، لكن ورغم هذا فالرئاسيات لها خصوصية واضحة وهي السباق لاحتلال كرسي واحد في الدولة لا ينافسه ثاني وبالتالي فإنه وفي حالة ما إذا ترشح الرئيس الحالي لعهدة خامسة سيكون اللعب مغلقا تماما ولن يجرأ أحد على منافسته، أما اذا لم يترشح، فإن اللعبة ستكون مفتوحة والعديد من الوجوه الحالية ستترشح. وبخصوص إمكانية ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عدمه لعهدة خامسة فهذا الأمر لا يمكن لأحد التنبؤ به، فالمشهد القادم مسكوت عنه ولا وجود لأي تسريبات يمكن الاعتماد عليها في الظرف الراهن، وأتوقع أن يفتح هذا الملف في صيف 2018، فصناع القرار سيثيرون هذا الموضوع خلال هذه الفترة. أما عن تصريحات الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس المتعلقة بمعرفته بهوية الرئيس القادم للجزائر، سأؤكد أمرا مهما للغاية هو أنه : لا أحد يملك معطيات حول هذا الموضوع ، فصناع القرار لم يقولوا كلمتهم بعد بخصوص هذا الموضوع، ويبدو أن تصريحات ولد عباس وغيره عن العهدة الخامسة كانت بمثابة رد على دعاة المادة 102 من الدستور وأيضا الشخصيات الثلاثة التي أعلنت عن رفضها لترشح القاضي الأول للبلاد مجددا .