الجزائر

''الخبر'' تقتحم إمبراطورية ''الماروتي'' بباش جراح ولافلاسيار وحي الجبل بالعاصمة رجال شرطة في النهار و''كلونديستان'' في الليل



''الخبر'' تقتحم إمبراطورية ''الماروتي'' بباش جراح ولافلاسيار وحي الجبل بالعاصمة                                    رجال شرطة في النهار و''كلونديستان'' في الليل
لا يمكنك أن تمرّ عبر الطريق الرابط بين باش جراح والحراش أو باش جراح ولافلاسيار بالعاصمة، دون أن يلفت انتباهك العدد الهائل لسيارات ''الماروتي'' المنتشرة عبر الطريق، حتى تظن لوهلة أنك في أحد طرقات بومباي بالهند. لكن بمجرد وصولك إلى محطة البريد بباش جراح، تجد نفسك أمام إمبراطورية ''الكلونديستان''.
''أيا الحراش بقات بلاصة''، ''خو تروح لافلاسيار''.. هذا ما يترامي إلى مسامعك وأنت تمرّ بمحطة البريد بباش جراح، أو ما يعرف بإمبراطورية ''الماروتي''. ف''الكلونديستان'' الناشطون بالمحطة يفوق تعدادهم، ربما، تعداد عدد سائقي سيارات الأجرة في العاصمة، وهو ما وقفت عليه ''الخبر'' في زيارة قادتها إلى المنطقة.
لم يكن صعبا الحديث إلى ''الكلونديستان''، خصوصا أن معظمهم شباب لا يتجاوزون العقد الثالث من العمر.
التقينا بحسين، 23 سنة، ينحدر من حي بيلام، يملك سيارة ''ماروتي'' ويشتغل بها بين باش جراح والحراش. وبمجرد أن كشفنا له عن هويتنا، أبدى استعدادا كبيرا للتعاون معنا. يقول حسين: ''منذ 3 سنوات وأنا أشتغل رفقة العشرات من شباب الأحياء المجاورة، عبر خط باش جراح الحراش، خصوصا أن المدخول لا بأس به، حيث يتراوح ما بين 3000 و6000 دج لليوم الواحد، ليتضاعف بعدها تعدادنا حتى أصبحنا أكثر من 150 كلونديستان. ورغم قيام مصالح الأمن بحجز مئات السيارات في المحاشر، إلا أن ذلك لم يمنع زيادة عدد الكلونديستان الذين تجاوزوا 200 شخص''.
يحمون القانون في النهار ويخرقونه في الليل
وحسبما يتردّد بين أبناء الحي، فإن العديد من سيارات ''الكلونديستان'' التي تشتغل على خط باش جراح والحراش أصحابها من الشرطة، أغرتهم المداخيل الكبيرة التي يجنيها ''الكلونديستان'' للدخول على الخط.
يقول محدثنا: ''في النهار، يوقفوننا ويسحبون منا رخص السياقة، وفي المساء، يركنون سياراتهم بجانبنا''. ونحن نتجاذب أطراف الحديث، التحق بنا رابح، 32 سنة، هذا الاسم الذي اخترناه له. بادرنا بالتحية، عندها انفجر حسين ضاحكا وهو يغمز لي بالإشارة. لم أفهم في البداية، لكن اتضح بعدها أن رابح هو شرطي ويشتغل ''كلونديستان'' في آن واحد. واصلنا حديثنا دون أن يدري هذا الأخير بهويتنا. في البداية، تحفظ عن الحديث، ولكن بعد إصرار دخل معنا في النقاش قائلا: ''لا أدري لماذا تستغربون عندما يشتغل الشرطي ''كلونديستان''، الله غالب ما لحقناش''، مضيفا ''أترى سيارات الماروتي، نصفها يملكها أفراد الشرطة، فمنهم من يؤجرها بمبلغ 2000 دينار، ومنهم من يوظف شابا لسياقتها ويتقاسم معه المداخيل''. ولدى سؤالنا حول عدد السيارات التي يمتلكها، أجاب مبتسما: ''أنا زوالي، عندي ماروتي واحدة، المعاليم هما اللي دايرين حالة''، في إشارة واضحة إلى ضابط شرطة يشتغل بأحد مراكز الأمن في المنطقة، يتردّد بين السكان أنه يمتلك 5 سيارات ''ماروتي'' يؤجرها لشباب المنطقة. أما ربيع.ف، 28 سنة، ينحدر من حي لافلاسيار ويشتغل ''كلونديستان'' عبر خط باش جراح لافلاسيار، فإنه يعتبر كل ما يحدث ظلما في حقهم، لأنهم يتعرّضون لمضايقات شديدة من قبل رجال الأمن، في وقت ينعم ''الكلونديستان'' الذين يشتغلون لصالح أعوان الشرطة بالحماية، حتى أنهم يقودون بطريقة جنونية دون أن يردعهم أحد، ليضيف سائق آخر كان بجانبه قائلا: ''منذ أن صرف لهم اللواء الهامل ''الرابال''، بدأت المشاكل، إذ سارع معظمهم لاقتناء سيارات ''الماروتي'' ومزاحمتنا''. وللوقوف على مدى صحة الكلام المتداول بين السائقين، أرشدونا إلى لطفي، سائق الماروتي السوداء المملوكة لضابط الشرطة الذي أصبح حديث العام والخاص في المنطقة، صعدنا معه رفقة ثلاثة آخرين للتوجه إلى الحراش، اغتنمت الفرصة للركوب في المقعد الأمامي، وبمجرد قيامي بوضع حزام الأمن، فاجأني قائلا: ''ماكالاه ديرها''. وانطلق صاحبنا بسرعة على شاكلة سباقات الرالي، دون أن يعطي أي أهمية لحافلة الشرطة التي كانت مركونة في المحطة. وفي الطريق، اغتنمنا الفرصة لسؤاله: ألا تخشى أن تسحب منك رخصة السياقة؟ فردّ بابتسامة ماكرة، مردفا: ''أنا لا أملك حتى رخصة السياقة''. ولدى مرورنا أمام حواجز الأمن، كان يبادرهم بالتحية، عندها قطعنا الشك باليقين أن كل ما يتداول في أوساط الكلونديستان حقيقة، وليس مجرد كلام. ولا يختلف الوضع كثيرا بحي الجبل ببوروبة الذي يشهد هو الآخر انتشارا مذهلا ل''الكونديستان'' الذين يشتغلون عبر خط بوروبة الحراش، إذ أن المنطقة هي الأخرى تنام على شبكات منظمة لاستغلال غياب الرقابة، قصد فرض نفوذهم.
عقوبات إدارية في حال ثبوت تورط عناصر الشرطة
ولمعرفة رأي مصالح الأمن في الموضوع، تنقلت ''الخبر'' إلى مديرية الأمن العمومي التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، حيث استقبلنا المكلف بالإعلام على مستوى المديرية، الملازم الأول صداقي محمد، الذي قال إن مصالحهم تلقت شكاوى من طرف جمعيات الناقلين بخصوص نشاط ''الكلونديستان'' في المنطقة. أما بخصوص امتهان أعوان الأمن للنشاط، فأضاف نفس المتحدث أنه لم تصلهم شكوى بخصوص الموضوع. وأكد أنه سيتم إيفاد لجنة تحقيق، وفي حال ثبوت تورط أعوان الأمن ومحافظ الشرطة في ممارسة النشاط غير الشرعي، فإنه سيتم فتح تحقيق معهم، ومن ثمة إحالتهم على المجلس التأديبي، حيث سيتم اتخاذ عقوبات إدارية في حقهم، خصوصا أن القانون الداخلي للشرطة يمنع على المنتسبين للسلك ممارسة نشاط آخر، نفس الأمر بالنسبة للقانون الأساسي للوظيف العمومي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)