بيع واستهلاك المخدرات، جنوح القُصّر، السرقة، الاعتداء بالسلاح الأبيض والتجارة العشوائية.. ذلك جانب من العاصمة ليلا، إذ يتغيّر وجه الأحياء والشوارع عما كان عليه في الصباح.
فبعد الخامسة مساء، تتحوّل الجزائر البيضاء إلى مدينة شبح.
كانت حديقة بواديكار بدالي إبراهيم أول نقطة توقفت عندها الخبر رفقة مصالح أمن المقاطعة الإدارية لدائرة الشرافة التي داهمت، نهاية الأسبوع، أوكار الجريمة ببلديات الشرافة، دالي إبراهيم وأولاد فايت بالعاصمة.
الساعة كانت تشير إلى السادسة مساء عندما وصلنا إلى غابة بواديكار ، الجو كان ربيعيا، ما جعل المكان قبلة للمواطنين، والشباب والقُصّر تحديدا. لحظات فقط بعد وصولنا إلى المكان، انطلقت عناصر الأمن بسرعة لتحاصر رجلا في عقده الرابع، كان متواجدا بالقرب من كشك في إحدى زوايا الحديقة، ابتلع قطعة من الكيف بمجرد أن لمح عناصر الأمن.
ورغم محاولة أفراد الأمن إخراج ما تبقى من المخدرات من فمه، إلا أنه كان أسرع منهم وتمكن من إخفاء دليل إدانته: فالأمر لم يعد كالسابق، مستهلكو المخدرات ومروّجوها أصبحوا أكثـر دراية بدلائل إدانتهم، فيحاولون طمسها وإخفاءها إذا شعروا بوجود الأمن ، يقول مرافقونا.
محاصرة الكشك من طرف عناصر الشرطة لم يمنع زبائنه من الاقتراب لشراء السجائر، فالأمر بالنسبة لنا لم يكن غريبا، لكن الشيء الذي شدّ انتباهنا هو أن معظم الفضوليين كانوا من القُصّر أعمارهم تتراوح بين 12 و16 سنة. اخترقوا الطوق الأمني المفروض على المحل، واقتربوا من صاحبه الذي بدا أنهم يعرفونه، محاولين أخذه بعيدا عن أنظار الأمن للحديث معه، لكن عناصر الشرطة أفشلت جميع محاولاتهم وقامت بصرفهم. تلك المداهمة لم تمنع العشرات من الشباب من فضّ اجتماعاتهم التي كانت تحتضنها زوايا الحديقة، ومن بعيد، كنا نراقب أحد الاجتماعات الذي جمع قرابة 8 شباب، من بينهم قُصّر كانوا يقفون بعيدا عن الأنظار، وبعد حديث مطول تفرّقت الشلة، منهم من فضل الخروج من البوّابة الرئيسية للحديقة وآخرين خرجوا من الباب الخلفي، في حين بقي اثنان منهم يترصدان المارة. وفي هذا الصدد، قال شرطي من الفرقة التي داهمت المكان: من هنا تنطلق الجريمة، حيث يجتمع أفراد العصابة بالحديقة للتخطيط لجرائمهم وتقسيم الأدوار، مع إعطاء التعليمات والوجهة المستهدفة .
بعد ساعة من تواجدنا في المكان، غادرنا الحديقة تاركين العشرات من السيارات مركونة هناك، حيث حوّلها أصحابها إلى حانة لشرب الخمر وتعاطي الممنوعات.
وفي طريقنا إلى مركز الأمن الحضري لبلدية أولاد فايت، جبنا أرجاء المقاطعة التي تحوّلت شوارعها إلى سوق سوداء، وما شدّ انتباهنا هو تخصيص مكان للسيارات الجديدة وعليها لافتات للبيع وأرقام الهواتف. وعند استفسارنا، قال أحد المرافقين أن هذه السيارات للبيع، واستغلّ أصحابها الظلام لتحويل المكان إلى سوق سوداء للسيارات.
مجرمون يفرضون حظر التجول
في الوقت الذي كنا نتجوّل فيه رفقة دورية الأمن، كان عناصر من الشرطة بمركز أمن دائرة الشرافة يستمعون إلى أحد الضحايا، إثـر تعرّض سيارته في حدود الساعة الخامسة مساء للكسر، بعد محاولة مجهولين سرقة ما بداخلها.
الساعة كانت مبكرة على عودة السكان إلى منازلهم، لكن أجواء الخوف التي فرضها المجرمون على المنطقة دفعت بالمارة للسير بخطى سريعة للالتحاق بمحطة الحافلات بالشرافة. وهناك، أوقفت عناصر الأمن شخصين كانا يحملان سلاحا أبيض، وهي مشاهد تتكرّر، حسب مرافقينا، فالعديد من الشباب يرون في حمل السلاح المحظور وسيلة للدفاع عن النفس.
وفي ختام جولتنا، عرّجنا على بلدية دالي ابراهيم، حيث التقينا رئيس أمن بلدية دالي إبراهيم، هذا الأخير أكد أن مصالحه قامت بغلق العشرات من المطاعم والمقاهي غير القانونية إثـر حملة تفتيش قاموا بها، بعد عدة شكاوى تقدم بها السكان ضد أصحاب تلك المحلات التي تقدم خدمات لزبائن من الطبقة الراقية في المساء، وتتواصل السهرة إلى غاية منتصف الليل، دون مراعاة حرمة تلك الأحياء.
وخلال المداهمة التي تدخل في إطار القضاء على أوكار الجريمة، تمكنت مصالح أمن المقاطعة الإدارية للشرافة من التعرّف على 80 شخصا خلال 3 ساعات بثلاث بلديات بالمقاطعة، وتم وضع 12 موقوفا تحت النظر، حيث أوقف خلال هذه العملية شخصان بتهمة حيازة سلاح أبيض، و8 آخرين متلبسين بتهمة ترويج المخدرات، والبقية بتهمة الهجرة السرية والسكر العلني.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/04/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: سميرة مواقي
المصدر : www.elkhabar.com