قضت نصف حياتها في قاعات الولادة
هي أول يد تستقبل المولود الجديد للحياة وأول صورة يلمحها سخّرت حياتها من أجل راحة الغير متخلية من أجل هذا العمل النبيل عن الكثير من أحلامها وأمنياتها كامرأة، مواجهة بإرادتها تلك السمعة السيئة والنظرة الفوقية التي حاكها من حولها المجتمع.
نتحدث عن واحدة من أعمدة مهنة القابلات في ولاية بومرداس، المرأة العلم التي وهبت حياتها في سبيل إسعاد الناس، إنها الخالة أنيسة التي تجاوز سنها الستين عاما والتي وهبت اثنين وثلاثين سنة من عمرها لمهنتها متخلية بذلك عن حلم الزواج والأمومة، معتبرة كل ولد تخرجه من بطن أمه بمثابة ابن لها.
كسبت حب واحترام وود كل من عرفها أو تعرّف عليها، فهي أم الجميع، فكل شباب وبنات المنطقة يكنّون لها الكثير من الاحترام والاعتراف بالجميل فهم بذلك يخففون عنها شعور الوحدة التي أصبحت تطبع يومياتها بعدما احيلت على التقاعد.
تحملت الخالة أنيسة الكثير من النظرات المجحفة في حقها وهي تعود إلى المنزل في الصباح الباكر، وهو ما جعل أهلها يعارضون بشدة هذا العمل فالكثير من الجاهلين طعنوها في شرفها واتهموها بأسوأ التهم، فقط لأنها رفضت التخلي عن حلمها في مساعدة النساء أثناء الولادة، حملت في قلبها كل الإهانات واكتفت برؤية الفرحة في عيون أم تستقبل مولودها واتخذت من الدعوات التي تتلقاها زادا وسلاحا يقيها من ظلم البشر.
وعن أسباب عدم زواجها تقول "بدأت هذه المهنة في زمن كان يُنظر فيه للمرأة العاملة على أنها غير ملتزمة وغير مؤهّلة لتكوين أسرة، خاصة جزئية العمل ليلا والتي منعت الخاطبين من طرق بابي فلا أحد في تلك الفترة كان يقبل الزواج من امرأة تعمل ليلا، وكل من تنازل لخطبتي كان يشترط عليّ التوقف عن العمل وهو ما استبعدته تماما بعدما أحببت هذا العمل خاصة مع رؤية نظرة الامتنان في عيني كل امرأة كانت تلد على يدي"، وهكذا توالت الأعوام والسنوات دون أن تحظى بشريك حياة يتفهّمها ويقدّر هذا العمل النبيل، لتبق أنيسة تعول على الكلمات الجميلة ممن كان لها الفضل الكبير في قدومهم إلى الحياة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/07/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الفجر
المصدر : www.al-fadjr.com