لقد وضعت السلطة الاستعمارية السكان الجزائريين داخل نظام إداري بلدي تعسفي ،وأطلقت يد شيوخ البلديات(المير) و الحكام الإداريين ومساعديهم من القياد والباشا أغوات على السكان الجزائريين تحت تسلط قانون الأهالي.
"البلدية"كانت تمثل الخلية الأساسية في إستراتيجية الاستعمار، فالمناطق التي يكثر فيها العنصر الأوروبي تحولت إلى بلديات ذات صلاحيات كاملة و تعد مدينة تلمسان والغزاوات وغيرها من المدن... التي أدمجت إليها بعض الدواوير للرفع من ميزانيتها من البلديات التي اعتمدنا عليها في هذه المداخلة نظرًا لتوفر الأرشيف المفتوح في فرنسا،خاصة الذي يتعلق ببلدية تلمسان ومشاركة حزب الشعبPPA وحركة UDMA .أما المناطق التي يقل فيها عددهم حوّلت إلى بلديات مختلطة،هذا ما يفسر وجود أربعة بلديات في منطقة تلمسان وهي: بلدية مغنية،سبدو،الرمشي وسبدو. فكيف كانت الحياة السياسية في بلدية تلمسان و خارجها (أي في البلديات المختلطة) ؟ أين كان للاستعمار حلفاء يمنح لهم الامتيازات مقابل خدماتهم،فهل كانت الحياة السياسية داخل البلدية ذات الضلاحيات الكاملة و البلدية المختلطة تعبر على هذه الحقيقة ؟
ظلت الإدارة استعمارية تفرض بطريقة إدارية قائمة المنتخبين و المنتخبين، حيث كانت شروط التسجيل في القائمة الانتخابية محدودة جدًا.فهي لم تمنح حق الانتخاب والترشح له،إلاّ لمن توفرت فيه شروط دقيقة ، غير أن المنتخبين الذين تتوفر فيهم الشروط، لم يكن كلهم يملكون حق الانتخاب ،سوف نتعرض إلى أهمها من خلال ما عثرنا عليه في دور الأرشيف أرشيف ماوراء البحار بأكس بروفنس بفرنسا. مسألة الانتخابات داخل البلديات تعد دليلا آخر على سياسة السيطرة والتفرقة التي كانت تعامل بها السلطات الاستعمارية السكان الجزائريين دون غيرهم وكذلك شاهد قوي على أساليب الحصار والعزلة التي كانت تفرضها عليهم لتبعدهم عن المناصب السياسية .وقد اتخذت هذه المأساة مظاهر متعددة تمثلت في حرمان الجزائريين الكامل من انتخاب من يمثلهم ، وفرض مقاييس استعمارية في كل المجالس (البلدية، المالية ، العامة ...). صحيح أن الانتخابات داخل البلدية المختلطة كانت أقل أهمية مقارنة فقط مع غيرها في البلديات ذات الصلاحيات الكاملة،لأن الأولى كانت تتمثل في انتخاب أعضاء مجلس"الجٌماعة" لكل دوار حيث يصبح رئيسها،عضوًا في اللجنة البلدية بينما في انتخابات البلدية ذات الصلاحيات الكاملة يصبح"المنتخب(بالفتحة)عضوًا في المجلس البلدي،الذي يملك فيه المستوطنون ثلاثة أخماس المقاعد،و رغم ذلك فإن الإدارة الاستعمارية وضعت شروطًا قاسية للترشح و المشاركة في الانتخابات المحلية.وهذا ما يفسر محاولة إبعاد العناصر الوطنية من هذه المجالس حتى لا يتحول وجودهم إلى خطر على الأقلية الأوروبية. ندرك هكذا من خلال دراستنا لنموذج الحياة السياسية في بلديات تلمسان ونواحيها،أن التنظيم البلدي هذا؛كان يعني الأوروبيين و لا يعني أبدًا الجزائريين .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/02/2011
مضاف من طرف : tlemcen2011
صاحب المقال : كريم ولد النبية / Dr Karim Ould Nebia - الجزائر
المصدر : الملتقى الدولي تاريخ حاضرة تلمسان ونواحيها جامعة تلمسان، أيام: 20-21 و 22 فيفري – شباط 2011 تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية