ماذا يريد منا الليبيون؟ الاعتراف واعترفنا بهم دولة ذات سيادة.. طلبوا منا مساعدة لحماية الحدود وتدريب شرطتهم وجيشهم ووافقنا.. ما هذا الابتزاز الذي لا يرقى إلى مستوى ما قدموه من تضحيات من أجل نيل الحرية من أنياب القذافي وعائلته؟!
لا شك أن وجود عائشة القذافي ووالدتها وشقيقيها في بلادنا يؤرق الليبيين وحتى غير الليبيين. والصراحة يجب أن تقال، وجود بقايا عائلة القذافي شيء مقلق جدا لنظام ليبيا الجديدة. وصحيح أيضا، أن في جعبة أبناء القذافي أسرارا كثيرة تتعلق بأموال واستثمارات النظام السابق. وصحيح كذلك أن مجرد اقتيادهم إلى المحكمة قد ينهي حالة عدم الاستقرار في البلد، ويخمد فتيل الانفصال والفرقة بين القبائل الليبية التي اجتمعت على إسقاط القذافي، وباعدت بينها غنائم الحرب. وصحيح كذلك أن مجرد التلويح بورقة بقايا العائلة اللاجئة في النيجر والجزائر، يعني إطالة عمر بقاء من يحاول إسكات الأصوات المتطرفة في ليبيا الجريحة.
على الجيران في ليبيا الانتباه إلى ما يعيشونه من انقسامات، بدل البحث عن شماعة يعلقون عليها مآسيهم. وربما يجدر بهم الانحناء مئات المرات إجلالا وإكبارا للشعب الجزائري على صبره طيلة سنوات على وجود النظام السابق، الذي كان مصدر قلق دائم له، قبل الشعب الليبي نفسه.
وما يثير العجب، أن الجزائر قدمت عدة تنازلات مقابل رضا السلطات الليبية الجديدة. تنازلات مؤلمة جدا بالنسبة للجزائريين، اللهم إلا إذا كان أشقاء الشرق يريدون تغيير النظام عندنا بالقوة، مثلما يعتقدون أنهم نجحوا فيه في ليبيا.
إن الثورة نقطة تحول نوعي في تاريخ أي شعب، لكن ما يحدث في ليبيا لا يعدو أن يكون بداية لأزمة، الله وحده يعلم نهايتها، بسبب اتساع رقعة الرافضين لطريقة إدارة شؤون البلد.. وبسبب سياسة كسب العداوة مع الجميع.. على قادة ليبيا الجدد إدراك أن ما مرت به الجزائر طيلة عقد من الزمن يعتبر بمثابة تحصين وخط أحمر، لن يفكر أحد من الجزائريين اجتيازه.
أمنيتي ألا تخضع دبلوماسيتنا لأي ابتزاز قادم من ليبيا أو من غيرها، لأنه يضر بمعنوياتنا المنهارة، وإلا فإن الشعب هو من سيرد على الكيب وأمثاله من الذين يخلطون بين الحياء والخوف.
jalal.bouati@gmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : جلال بوعاتي
المصدر : www.elkhabar.com