الجزائر

الحملة الانتخابية تزيد جفاء الجزائريين لليتيمة



الحملة الانتخابية تزيد جفاء الجزائريين لليتيمة
لم تعد العائلات الجزائرية تكتفي بجهاز تلفزيون واحد في البيت، بعد أن اختلفت أذواق أفرادها وميولاتهم، وكان دعمهم في ذلك توفر المحطات الفضائية بالكم الهائل وبالتنوع المطلوب، لدرجة أن كل فرد في العائلة أصبح يتمنى أن يحتكر التلفاز لمتابعة برامج ترضي ذوقه ولا توافق في الغالب أذواق باقي أفراد العائلة. وبين هذا وذاك تصنع الحملة الانتخابية بعض الاستثناء.
تشتتت عائلاتنا وضاع أفرادها في زخم الفضائيات التي لم تترك مجالا من مجالات اهتمام الفرد إلا دخلته وأرضت أذواقه، فالمسلسلات الدرامية تستقطب الجمهور النسوي بشكل واسع وتشغل في الغالب كل أمسياتهن. أما أكثر الشبان فيتجهون إلى القنوات الرياضية بحثا عن مباريات كرة القدم الحصرية التي تبثها بعض القنوات، في حين يفضل رب الأسرة متابعة أحداث الساعة من خلال التنقل بين المحطات الإخبارية العربية والأجنبية. أما الأطفال فقد وجدوا لأنفسهم مكانا بين هؤلاء مطالبين بدورهم بمتابعة أفلام “الكارتون”.
“اليتيمة” معزوف عنها إلى حين نهاية الحملة الانتخابية
وتبقى القناة الأرضية ملاذ العائلات التي لاتزال تعتبرها الوحيدة التي تحافظ على خصوصية العائلة الجزائرية، باختيارها لنوعية البرامج المقدمة، بغض النظر عن جملة الطعون والانتقادات التي توجه لها. فإطلالة المرشحين مؤخرا عبر هذه القناة تسببت في عزوف العديد من مشاهديها غير المهتمين بهذه الحملة الانتخابية، الأمر الذي لمسناه لدى أغلب ممن قابلناهم، على غرار عمر، الذي قال إنه سيعتزل اليتيمة إلى حين نهاية التشريعيات، مشيرا إلى أن المرشحين وبرامجهم لا يدخلون في إطار اهتماماته، بالرغم من الارتياح الذي لمسناه لدى عدد كبير ممن التقينا بهم يشير أن القناة الأرضية تكاد تكون الوحيدة التي تلم شمل العائلة حول برامجها، لاسيما إذا تعلق الأمر بعرض الأفلام الجزائرية القديمة التي لا يمل الجزائري من مشاهدتها..
وفي السياق يقول خالد، رب عائلة، إن جميع أفراد أسرته يجتمعون أمام شاشة التلفاز إذا كان في البرنامج أحد الحصص المهمة أو أحد الأفلام القديمة، على غرار أفلام المفتش الطاهر ورويشد وغيرهما، مؤكدا أن من أهم مميزات هذه البرامج أنها لا تخدش حياء المشاهد ولا تحرجه أمام العائلة، منوها كذلك أن هذه القناة لم تعد تشغلهم طالما أن أغلب برامجها تخص الحملة الانتخابية في الوقت الحالي.
المحطات الإخبارية وجهة المهتمين بالسياسة
لعل شغف المرأة بالدراما وعدم اهتمامها بالسياسة، جعلها تمل في الغالب من متابعة الفقرات الإخبارية والرياضية، فالمشهد المتكرر لدى الكثير من العائلات هو دخول رب الأسرة أو أحد الرجال فيها وتغييره المحطة مباشرة بحثا عن قناة إخبارية يستقي منها المستجدات اليومية وأخبار الساعة، لاسيما مع انطلاق الحملة الانتخابية التي أيقظت فضول البعض للتعرف على المرشحين وبرامجهم. وفي ذات السياق يقول مصطفى:”أتوجه لهذه المحطات الإخبارية لمعرفة برامج ومخططات المرشحين حتى تكون لدي دراية بمن يستحق صوتي”. ومن جهته اعتبر فريد، أن متابعته لهذه البرامج لا يخرج عن إطار الفضول ليس إلا، في حين يتجه الشبان إلى محطاتهم الرياضية التي وضعوها في قوائم البرامج المفضلة والتي أصبح لا غنى لهم عنها، لاسيما أن القناة الأرضية لا تبث مباريات المستطيل الأخضر الأوروبية والعربية كذلك. ومن جهتهم اعتبر الشبان أن ذلك هو السبب الرئيسي وراء لجوئهم إلى القنوات الفضائية، لاسيما أن العديد من نجوم الكرة العالمية من أصول جزائرية. وفي ذات السياق يقول بوعلام، 29 سنة، إنه رغبة في متابعة كل المباريات المثيرة قام بشراء جهاز تلفزيون خاص به لكي لا يتعرض لإزعاج أخواته اللاتي لا تتنازلن عن مشاهدة المسلسلات”، ويضيف والد بوعلام قائلا:”أقاسم ابني تلفازه لأننا نتشارك الاهتمامات، فنظل نقلب المحطات بين الإخبارية والرياضية خاصة في الآونة الأخيرة التي يعرض فيها المرشحون برامجها على التلفزيون”.
المسلسلات التركية تأسر النساء..
رغم تسجيل ميل بعض الذكور للمسلسلات التركية مؤخرا، إلا أن أغلب الفتيات والنساء اللاتي التقينا بهن يؤكدن أنهن تتجنبن متابعة هذا النوع من الدراما مع العائلة، فالمشاهد واللقطات الرومانسية التي تتخلل هذه المسلسلات تتسبب في إحراج الكثير من أفراد العائلة. وفي هذا الصدد تقول منية، التي تعتبر نفسها مدمنة على مشاهدة الدراما التركية:”أحتكر يوميا مشاهدة التلفزيون كل أمسية، لكن بمجرد دخول إخوتي الذكور إلى البيت أترك لهم المجال لتغيير القناة، فمضامين هذه المسلسلات لا تتناسب وعقلية العائلة الجزائرية”. ومن جهتها ترجع سامية تجنبها متابعة هذه المسلسلات مع العائلة إلى التقاليد الجزائرية التي لم يتعود أفرادها على الجلوس مع بعضهم لمشاهدة أفلام رومانسية”. وخلال بحثنا عن رأي ذكوري، التقينا مع سعيد، 26 سنة، الذي لم ينف شغفه هو الآخر ببعض المسلسلات التركية، غير أنه لا يشاهدها رفقة أخواته احتراما لهن، فمن وجهة نظره المشاركة في متابعة مثل هذه المضامين تزعزع علاقة الاحترام بينه وبين أخواته.
وإن كان البعض قد وجد الحل في تلفاز آخر، يبقى الوضع على ما هو عليه من توتر لدى الكثير من العائلات التي لاتزال الفتيات تعانين من احتكار الذكور للتلفاز، والحرمان من مشاهدة البرامج التي تلائم أذواقهن.
الأطفال يفرضون احتكارا من نوع آخر
حتى الأطفال الصغار لم يعد بالإمكان إجبارهم أو حتى إقناعهم بتغيير القناة التي يتابعونها، فأفلام الكارتون التي تعرض في أكثر من 10 قنوات عربية بتنوع يناسب مختلف الأعمار وبدون توقف، أصبحت تأسر هؤلاء الصغار وتشغل معظم وقتهم، لدرجة أن الجدال أصبح غير مجدي معهم، فاحتلالهم لأكبر مساحة من ساعات المشاهدة أصبح أمر يضايق الأولياء بشدة. وفي ذات السياق تقول سعاد، إنها لا تستطيع منع ابنها من مشاهدة القنوات الخاصة بالأطفال، لما قد يحدثه من توتر في البيت بسبب البكاء والصراخ طيلة الوقت، مضيفة:”بغض النظر عن إهماله للفروض والواجبات المدرسية يجبر كل العائلة على مشاهدة الرسوم المتحركة التي أصبح الجميع يمل منها”. ومن جهتها تضيف عبلة إن احتكار ابنتيها للتلفاز وحرمان الآخرين من المشاهدة، دفعها لاقتناء جهاز آخر لترضي الجميع..




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)