الجزائر

الحكومة تفشل في امتحان التحكم في الأسعار في رمضان شرعت في دراسة وتنظيم آليات السوق منذ أحداث الزيت والسكر في جانفي 2011



رغم مباشرتها لإصلاحات تنظيم السوق الوطنية، منذ ما عُرف بأحداث الزيت والسكر في جانفي 2011، رسبت الحكومة في أول امتحان لتجريب التدابير التشريعية والتنظيمية التي اتخذتها، بعدما ارتفعت الأسعار في شهر رمضان بشكل يوحي بأن الاحتكارات والبارونات لا تزال تتحكم بقبضتها في تحديد الأسعار وتوجهاتها.وضعت الحكومة ملف “تنظيم الأسواق وعقلنة الأسعار”، ضمن “أجندة” أولوياتها، بعدما كادت أحداث الشارع في 5 جانفي 2011 “المفاجأة” أن تعصف بأركان الدولة. ومنذ ذلك التاريخ عقدت العديد من الاجتماعات الحكومية المشتركة، ونظمت الندوات والملتقيات لتجنيد الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، حول ضرورة الوصول إلى تنظيم الأسواق الوطنية، وجعلها تخضع للمقاييس العملية وإبعادها من الفوضى التي كانت تعيشها.
وضمن هذا السياق، جنّدت وزارة الداخلية بمعية وزارة التجارة كل مصالحهما، من أجل إزالة ما سمي “الأسواق الفوضوية”، التي كانت تتخذ من الأرصفة مكانا لنشاطاتها. ورغم أن إزالة هذه الأسواق الفوضوية هو من صميم عمل البلديات والجماعات المحلية، غير أن الحكومة حاولت ترقيته إلى “برنامج حكومي”، بحيث عقدت صفقات ووضعت دراسات من أجل بناء أسواق جوارية وأخرى للجملة جديدة، تستجيب لمعايير السلامة والنظافة والأمن، لتعويض التجارة الموازية التي تقرر “محاربتها” على مستوى الباعة البسطاء، وليس على مستوى بارونات الاستيراد.
واشتغلت حكومة عبد المالك سلال، من خلال وزارتي الفلاحة والتجارة، بمعية الصناعة، وبالتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، طيلة ما يزيد عن سنة ونصف، من أجل التوصل إلى وصفة علاجية لبارومتر الأسعار في الأسواق الوطنية، التي تتأثر لأسباب مفهومة، على غرار سوء السلوك الاستهلاكي للجزائريين، وأخرى لا علاقة لها بقانون العرض والطلب. وضمن هذا السياق، تفاجأت الحكومة، قبل المواطنين، بلهيب الأسعار في بداية شهر رمضان الجاري، بعدما كانت ترى أن تطميناتها، وما اتخذته من تعليمات بشأن الوفرة وتزويد السوق بالمواد الاستهلاكية، كفيلة بمنع تكرار سيناريو جنون الأسعار. وكان أول المفاجئين بالفوضى في الأسعار وزير الفلاحة، رشيد بن عيسى، الذي اعترف، صراحة، بأنه “لم يفهم شيئا”، بعدما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء وغيرها في ظرف قياسي، بعدما ظلت لأشهر مستقرة.
وتدافع الحكومة بأن الأسعار لم ترتفع كثيرا، مقارنة مع رمضان الماضي، ولها نصيب من الصحة في ذلك، لكن كيف ترتفع الأسعار في زمن الوفرة بسبب الظروف المناخية وفي عزّ موسم الإنتاج ولمواد فلاحية فصلية؟ صحيح أن تغيّر سلوك الجزائريين في رمضان، و”اللهف” وراء كل شىء، قد جعل الأسعار تصاب ب”الجنون”، لكن لا يمكن أن يحدث هذا في كل مدن وولايات البلاد.
وتؤشر الاضطرابات في الأسعار الاستهلاكية، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، أن المنظومة التجارية بمسارها، الذي يبدأ من الفلاح ليصل إلى المستهلك، بحاجة إلى مزيد من “الشفافية”، لأنه مع استمرار الهيمنة الاحتكارية على السوق من قِبل متعاملين يعدّون على الأصابع، وأمام عدم الاحتكام إلى “المنافسة” التجارية النزيهة، فإنه من العبث حديث الحكومة عن “علاج” الأسعار أو تنظيم السوق.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)