الجزائر

الحكومة بين "كوليرا" ارتفاع الأسعار و"طاعون" الاحتجاجات



الحكومة بين
تشهد الوضعية الاجتماعية في الجزائر حالة من الغليان غير المعلن، بسبب التهديدات المستمرة بالإضرابات والاحتجاجات التي تقودها النقابات العمالية التي فتحت خلال الفترة الأخيرة جبهة جديدة، وموجة الاحتجاجات المتوقع تفاقمها خلال المرحلة المقبلة، بسبب التهديد بالتصعيد الذي لجأت إليه مختلف النقابات والأسلاك والقطاعات كرد على التعنت الحكومي وتأخره في الرد على مطالب هذه الأخيرة.ويرى المراقبون أن الجزائر تعاني أزمة غير معلنة وانسدادا غير مصرح به، فالجميع دخل منذ أشهر مرحلة انتظار شيء ما ، وهي مرحلة أدخلت البلاد في نوع من الجمود والشلل، بدليل أن الأحداث تتسارع وتتشابه، والوقت يسير في غير صالح كل الأطراف، سواء الحكومية أو الاجتماعية على حد سواء، فالأولى تعمل منذ انخفاض أسعار النفط على إبقاء التوازن وتجنب أي تخفيض في أجور العمال يؤدي بالبلاد إلى الانزلاق في احتجاجات عمالية لا تحمد عقباها عن طريق تقليص نفقات التجهيز والتسيير بأكبر شكل ممكن، في محاولة منها لإبقاء ما يعرف بالسلم الاجتماعي على حساب المشاريع العامة. اما الثانية فتحاول استغلال الوضعية الحالية التي تمر بها الحكومة لتجنب الغضب الشعبي لتحقيق اكبر سقف من مطالبها.وتزيد الوضعية الاقتصادية للبلاد والأزمة التي تمر بها الجزائر من سوء وضعية الحكومة، فانخفاض أسعار النفط حاليا أدى إلى تراجع مداخيل البلاد بأكثر من النصف، فضلا عن أن تراجع الإنتاج في وقت سابق، أفقد الحكومة ورقة مهمة وهي المناورة عن طريق ما أصبح يسمى شراء السلم الاجتماعي، فالسلطة التي كانت حريصة سنة 2005، على نوع من التقشف في التسيير وفي الإنفاق، شرعت ابتداء من سنة 2006 في سياسة زيادات متكررة في الأجور، كانت أغلبيتها تحت ضغط الاحتجاجات، إلى درجة أن كتلة الأجور بالنسبة للقطاع العام والتوظيف العمومي تضخمت بشكل أصبح معه سعر برميل النفط الواحد فوق ال100 دولار هو الكفيل فقط بتسديدها، فضلا عن تضخم فاتورة الاستيراد (أكثر من 60 مليار دولار سنويا).وتضيف الاحتجاجات والمطالب المتزايدة للجبهة الاجتماعية المزيد من المخلفات المالية للحكومة التي يرتقب أن ترفع خلال الفترة المقبلة من قيمة الميزانية المخصصة للجبهة الاجتماعية والتي تقدر عادة بحوالي 30 بالمائة من قيمة الميزانية العامة، فعلى الرغم من إلغائها للمادة 87 مكرر التي كانت تعد أولى مطالب القطاع الاجتماعي والشريحة العمالية، والتي تعني أن الحكومة ستضطر إلى تخصيص ما يقارب 500 مليار دينار عبارة عن زيادات في الرواتب ومنح العمال، في وقت تشهد فيه مداخيل الجزائر وعائدات البترول تراجعا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، إضافة إلى انخفاض أسعار المحروقات إلى أقل من 80 دولارا كأدنى سعر له منذ حوالي سنة 2008، بعد آخر أزمة مالية مر بها الاقتصاد العالمي، ما يعني أن الأزمة الاقتصادية باتت واقعا معاشا، فالبلاد وبعد أكثر من 15 سنة من الرخاء المالي، لم تحدث التنمية المطلوبة، ولا الإقلاع الاقتصادي المنشود، بدليل زيادة الارتباط بالريع النفطي.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)