الجزائر

الحكومة العراقية إذ تتهم الشعب بالخيانة



الحكومة العراقية إذ تتهم الشعب بالخيانة
للمرة الأولى في تاريخ السياسة تتهم الحكومة شعبها بالخيانة لأنه تظاهر في الشوارع مطالباً الحكومة بتحسين الخدمات. جدران الخوف التي بناها الديكتاتور العراقي السابق صدام حسين في نفوس العراقيين تحطمت اليوم في ساحة التحرير. هذه هي المرة الثالثة التي يخرج فيها العراقيون خلال ربع قرن: المرة الأولى خلال الانتفاضة ضد الديكتاتورية والحروب الخاسرة حيث سقطت 16 محافظة، لكن الديكتاتور استعاد سيطرته بتعاون الاميركيين وجارات العراق اللدودات. سحق الديكتاتور الميت المنتفضين بطريقة غير مسبوقة، رماهم من الطائرات ودفنهم احياء وفجرهم جماعات وأفراداً. المرة الثانية كانت بعد الاحتلال الاميركي، وبالتحديد عام 2011، والذي جاء بحكومات المحاصصة والطائفية، وقام جيش المالكي بسحق الانتفاضة بالسكاكين والهراوات. الثالثة انطلقت بداية تموز (يوليو) الماضي بعد سنة من تسلم العبادي السلطة المتعثرة، وما زالت الانتفاضة قائمة كل يوم جمعة حتى تحقيق المطالب المشروعة لجمهور عاش الحرب لأكثر من خمسة أجيال، حيث لم يبقَ بيت في العراق لم يفقد شخصاً او اكثر.ليس هذا المهم. المهم قدرة الحكومة العراقية المذهلة على اتهام شعب كامل بالخيانة، وهي الغارقة بالخيانة حتى اذنيها للولي الفقيه، فضلاً عن الطريقة المبتكرة في تهديد المتظاهرين من طريق الهاتف النقال. بالأمس القريب كان رجال مخابرات الديكتاتور الفاشي المعدوم يتسلقون السطوح وينتزعون المعارضين من أسرتهم الى الزنازين المظلمة او أقبية التعذيب. اليوم يندس رجال السلطة الطائفية بين المتظاهرين العزل ويطعنونهم بسكاكين صغيرة ولكنها جارحة جداً. ما يثير السخط ان رجال الدين الذين في السلطة، وأغلبهم من المعممين بالعمائم السود والبيض على حد سواء، يصرحون تصريحات أقل ما يقال عنها انها مخزية، إذ يطعنون بشرف من انتخبوهم او يشهرون بهم بوصفهم ضد الدين وانهم يسعون لإسقاط الحكم الإسلامي المقدس، حتى أن احدهم تجاوز على النبي محمد (صلّى الله عليه وسلم) حين قارن المالكي به وبنزاهته.ناشطات مدنيات خرجن الى التظاهرة اسوة بالعراقيين الباقين، تلقّين تهديدات مرعبة من قبل اشخاص مجهولين تابعين لميليشيات رؤساء الكتل السياسية. نشطاء آخرون اغراهم بعض السياسيين بمبالغ كبيرة لإفشال التظاهرات، ومنهم من استجاب بحجة الديموقراطية وحق التظاهر. لكن أبشع التهديدات وأكثرها خساسة التهديد ب ”داعش”، والأبشع ان يقوم من ادخل ”داعش” لاحتلال المدن العراقية بإطلاق هذا التهديد.اما الاصلاحات فمن المضحكات المبكيات، لأن حجم الفساد الهائل في الدولة سيظل يطل برأسه من كل مكان، ولا يمكن محو آثاره بسهولة إلا بحل الحكومة والبرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. لا العبادي ولا غيره يستطيع ان يحل هذه المعضلة الجبارة قبل ان ينتهي الصراع الخفي بين النجف وقم، وعلى المتظاهرين في ساحة التحرير معرفة هذه الحقيقة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)