قبيل لقاء الجلفة بوقت قليل للحركة التصحيحية، جرى همس هنا وغمز هناك.. بل إن معلومات جرى تداولها على نطاق واسع من أن وزير الخارجية وقتها عبد العزيز بلخادم سيلتحق بلقاء الجلفة ليكون منسقا للحركة وأنه سيكون نجم الحركة في سماء الجلفة الصافي بعد أن انطفأ سياسيا لسنوات منذ 1996، وإن كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد بوأه رئاسة الدبلوماسية في حكومة السيد أحمد بن بيتور في جانفي 2000.
وما زلت أذكر إلى اليوم كيف كان بلخادم منزويا وحده لا يكلمه أحد خلال الحفل التكريمي الذي أقامه الرئيس بوتفليقة في أعقاب انتخابه في 1999، وقد أخذته من يده ورحت أطوف به بعض أرجاء القصر والرجل شارد كأنه يفكر في شيء لم أكن أعرف كنهه..
..في الجلفة دخل الرجل القاعة فعلا من الباب الخلفي وجيء به للمنصة بعد بدء اللقاء في قاعة كانت مليئة بمناضلي الحركة وكان بعضهم الآخر في تلك القاعة وقوف لم يجدوا لهم مكانا للجلوس، بينما ظل آخرون خارج القاعة بعد امتلاء المكان..
وفجأة وباعتلاء بلخادم للمنصة تكهرب الجو، فعمار تو أحد أقطاب الحركة التصحيحية استشاط غضبا ونزل من المنصة واتجه نحو القاعة ليجلس بين المناضلين بعد أن عرف أن قيادة الحركة ستنتزع منه وأن هناك من يدعم هذا الوافد الجديد الغريب على الحركة مفروضا فيما كان يبدو من طرف أناس بعضهم انتقل الآن إلى دار البقاء..
ثم جرت محاولات مضنية لإعادة عمار تو الذي كان غضبه باديا للعيان إلى المنصة من جديد، فقد كان تو واحدا من أبرز مهندسي تلك الحركة، حيث كانت لقاءاتنا معه تتم على امتداد النهار للتنسيق مع المناضلين في مختلف جهات الوطن، بينما نلتئم ليلا في بيت حجار إلى الساعات الأولى من كل صباح..
كان حجار الذي كنا نجتمع معه في بيته ببوزريعة كل ليلة آنذاك هو ومجموعة من المناضلين قد أسرّ لي قبل ذلك بأنني سأكون من ضمن 22 مناضلا آخر أعضاء في المكتب السياسي للحركة..
وعندما قرئ البيان الختامي للقاء الجلفة لم يكن اسمي ضمن قائمة أعضاء المكتب، فقد وقع الاتفاق بعد التحاق بلخادم المفترض أنه من نفس ولاية الأغواط التي أنتمي إليها أن يكون هو الشخص الذي يعوضني، وإن كانت بعض الولايات قد ضمت اسمين اثنين لأعضاء مكتب الحركة كما كان الأمر بالنسبة لبسكرة التي ضمت كلا من دعدوعة وبركات..
وتحدث إليّ حجار بعد نهاية لقاء الجلفة يعتذر عن عدم إدراج اسمي ضمن قائمة المكتب السياسي للحركة التصحيحية بعد انضمام بلخادم.. كان ردي أنه ما دام قد جرى تعويضي ببلخادم فإن المهم بالنسبة لي أن ننجح في مسعانا لتقويم مسار الحزب.
وفي المؤتمر المرحلي للحركة بالأوراسي الذي انتخبنا فيه بلخادم منسقا للحركة، كنت مقررا لبيان اللائحة السياسية ضمن اللجنة السياسية التي ترأسها حجار وكان من بين أعضائها محمود خوذري.. ومثلما كنت أحد المؤطرين الأساسيين للحملة الانتخابية لرئاسيات 1999 التي قادت المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة لقصر المرادية، حيث كلفني مدير الحملة وقتها علي بن فليس بكل ما يتعلق بالسمعي-البصري لتلك الحملة إلى جانب المرحوم أحمد حري، فقد قمت كذلك بالإشراف على عدة مهرجانات في سطيف وتيبازة والأغواط، وهي نفس المهمة التي قمت بها في رئاسيات 2004 بأربع ولايات من الوطن، وفي 2009 حيث كنت مكلفا بتنشيط الحملة في ولاية الأغواط من طرف أحزاب التحالف الرئاسي وقتها، ثم كانت الأقدار والتوازنات هي التي قادت بلخادم لقيادة الحزب عندما عقدنا المؤتمر الجامع في نهاية ديسمبر 2004 وبداية جانفي 2005 بالقاعة البيضاوية، حيث جرى انتخاب الهيئة التنفيذية التي عوّضت تسمية اللجنة المركزية والتي ضمت ما يزيد عن 120 عضوا كنت أحد أعضائها.
ومن تلك الهيئة جرى انتخاب بلخادم أمينا للهيئة التنفيذية ثم جرى انتخاب أمانة الهيئة المشكلة من بوحجة وتو وسعداني وقوجيل وعبادة وبونكراف. ومن بين هؤلاء جميعا فقد استقال عبد القادر بونكراف الذي عوّض بالمدني برادعي. كانت الاستقالة احتجاجا من بونكراف على الخط السياسي الجديد للحزب الذي راح ينتهجه بلخادم وما لاحظه البعض من تخلي الأمين العام الجديد من حدوث انحراف في أدبيات الحزب العتيد وتفرد بلخادم ببعض القرارات ومن بينها استقباله لمدني مزراق الأمير الوطني لما كان يطلق عليه بالجيش الإسلامي للإنقاذ بمقر حزب جبهة التحرير الوطني. فقد رفض بونكراف أن يُستقبل زعيم هذا التنظيم المسلح السابق بمقر الحزب، وطلب بونكراف صراحة من بلخادم استقباله إن أراد في بيته أو في أي مكان آخر غير مقر الحزب العتيد، ولكن بلخادم استمر في ضرب كل مناوئيه بمختلف الوسائل وخاصة بعد انعقاد المؤتمر التاسع الذي عاد لتبني التنظيم السابق للحزب بانتخاب بلخادم أمينا عاما للحزب وبعضوية 351 في اللجنة المركزية و16 عضوا في المكتب السياسي في المؤتمر التاسع للحزب في 2010..
وقد جرى تغيير معظم أعضاء المكتب السياسي، حيث تمت إزاحة كل من بوحجة وقوجيل وعبادة، وتم استبدالهم بمحسوبين على جناح بن فليس من بينهم بلعياط وزحالي وعدد من التصحيحيين من بينهم تو ولوح.
وانظم للفريق رشيد حراوبية الذي كان مديرا لحملة السيد مولود حمروش في رئاسيات 1999، وكان سبق لي أن عرفت رشيد عندما كنت صحفيا في القسم السياسي بالقناة الأولى للإذاعة الوطنية في بداية السبعينات أثناء دراستي الجامعية بينما كان حراوبية صحفيا متعاونا يعمل بالقطعة أي الكاشي في القسم الرياضي بنفس القناة أثناء دراسته الجامعية هو الآخر قبل أن تتم تزكيته لإدارة جامعة باب الزوار ثم ينتخب نائبا عن ولاية سوق أهراس التي تمّ ترشيحه بها في العهدة الثالثة في 1987.
محمد بوعزارة
كاتب صحفي وعضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته
![if gt IE 6]
![endif]
Tweet
المفضلة
إرسال إلى صديق
المشاهدات: 7
إقرأ أيضا:
* الحقيقة.. والزيف والسراب.. 1 :. متسلق على أكتاف المناضلين
* الإعلام الجزائري من: قوبلز إلى الصحاف
* بين إقبال وبن نبي - التجديد بين النظرة الفلسفية الصوفية والتفسير العلمي (6)
* بين إقبال وبن نبي.. التجديد بين النظرة الفلسفية الصوفية والتفسير العلمي (5)
التعليقات (0)
إظهار/إخفاء التعليقات
إظهار/إخفاء صندوق مربع التعليقات
أضف تعليق
الإسم
البريد الإلكتروني
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/09/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : التعليق تصغير تكبير
المصدر : www.djazairnews.info