الجزائر

الحرب فرضت عليهم تعويض العمال الأجانب الليبيون بين لهيب الأسعار ونار الناتو قبيل رمضان


من السيارات الفارهة إلى الدرّاجات النارية  يعترف الليبيون في طرابلس أن حرب الناتو عليهم فرضت عليهم واقعا جديدا فاجأهم نوعا ما، فقد أجبروا مثـلا على استعمال الدرّاجات النارية في بداية أيام الأزمة لقلة البنزين، رغم أنهم معروفون بامتلاك السيارات الفاخرة. كما أدت حالة الإرباك الشديدة في الأيام الأولى للأزمة وفي وقت لاحق للقصف، إلى خروج أزيد من مليون عامل أجنبي من البلاد. هذه اليد العاملة، خصوصا غير المؤهلة، كانت تشتغل في مهن لها علاقة بالحاجات اليومية للمواطن الليبي. وأدى رحيل العمال الأجانب إلى توقف عدد كبير من المشاريع والخدمات بسبب مغادرة القائمين عليها. فقد توقف بناء أحياء بكاملها، وتوقف مشروع القطار السريع الرابط بين تونس غربا ومصر شرقا، وغادرت شركات الاتصال البلد. ولهذا، أجبر الليبيون مثـلا على العمل في المخابز لتأمين الخبز لسكان طرابلس، بعدما كانت هذه المهمة موكلة لعمالة أجنبية أغلبها قادمة من مصر.
وخلال جولة قادتنا إلى عدة أحياء وشوارع في العاصمة الليبية، وقفنا على آثـار الحرب في يوميات الليبيين. ومن الناحية الأمنية، فهناك حضور أمني بارز في مختلف مداخل ومفاصل العاصمة طرابلس، وتنتشر حواجز التفتيش بين طريق وطريق، وبين حي وحي آخر. لكن، لا توجد مشاحنات في الشارع أو أعمال تفتيش استعراضية لأعوان الأمن. والملفت أن الشباب الليبي في العاصمة هم من يتولى زمام الأمن في الشارع. ففيما يخص عموم الشعب، الحركة تبدأ بطيئة في الصباح وتستمر حتى المساء، وهو الوقت المفضل لليبيين للخروج من المنازل. وبسبب الحرب، تحول مقر باب العزيزية والساحة الخضراء إلى مكانين لتجمع الناس.
ومن حيث المؤونة، وبالنسبة لأسعار المواد الأساسية، فهناك زيادة ملحوظة، أقلها نصف دينار ليبي في الحاجة الواحدة. لكن، هناك مواد استهلاكية لم يترفع سعرها، كالخبز مثـلا، الذي استقر في 25 قرشا لكل 10 خبزات، وهو نفس السعر المطبق قبل الحرب.
دخلنا محلا لبيع المواد الغذائية في سوق الحوت بشارع الرشيد بوسط طرابلس، وسألنا صاحب المحل عن تأثـير الحرب في أسعار المواد الاستهلاكية، فأشار إلى أن السلع المستوردة هي التي ارتفع ثـمنها، بحكم منطق الحرب والمضاربة. وكان يقصد المضاربين على الطرف التونسي الليبي في راس الجدير، لأنه المعبر الوحيد المفتوح والقريب من طرابلس. أما بالنسبة لسعر اللتر الواحد من الزيت، فبعدما كان يبلغ قبل الحرب 5,2 دينار، أصبح بعدها 3 دينارات. وفيما يخص سعر الكيلوغرام الواحد من السكر، فقد ارتفع إلى دينارين للكيلو بعدما دينارا ونصف. وفي العجائن، لا يبدو أن هناك تغييرا في الأسعار، حيث بقي سعر المعكرونة مستقرا في سقف 75 قرشا للعلبة.
 المحلات والمقاهي مفتوحة
هناك ارتفاع محسوس في سعر المياه المعدنية، وهو ما عبّر عنه مواطن ليبي دخل لتوّه إلى المحل الذي كنا فيه، فبادرناه بالسؤال إن كان يستطيع تلبية حاجاته في ظل أجواء الحرب هذه؟ فأجاب بالنفي تماما. وأشار إلى عبوة ماء صغيرة وأخرى كبيرة قائلا ''قبل الحرب، كانت هذه العبوة بسعة لتر أشتريها بخمسين قرشا، اليوم أصبحت بدينار، والخمسين قرشا لم تعد تشتري سوى عبوة الماء الصغيرة''.
وغير بعيد في سوق الحوت بشارع الرشيد، وجدنا من يبيع الخضر والفواكه، واقتربنا من البائع على أساس أنها زبائن وليس صحفيين. سألته كم سعر كيلو البطاطا والطماطم، فأجابني بأن البطاطا بـ50 قرشا للكيلو والطماطم بدينارين، مع التنبيه إلى أن سعر الطماطم ارتفع 100 بالمائة.
غيّرنا المكان وقصدنا محلا لبيع البيتزا. وهنا، أوضح صاحب المحل أن ''الإقبال لم يتوقف على أكل البيتزا، ولكن المشكلة في ارتفاع سعر الوجبة التي أصبحت بثـلاثـة دينارات بعدما كانت 5,2 دينار''. ويرى صاحب محل البيتزا أن ''الأمر له علاقة بالمضاربين الأحرار، فقنينة فانتا المستوردة أصبحت تباع بدينار بعدما كان ثـمنها 50 قرشا قبل الحرب، والجبن التهب سعره ووصل حتى 15 دينارا للكيلوغرام، بعدما كان بـ6 دينارات فقط''. 
وطبعا، يتبادر إلى الذهن سؤال: كيف تواجه الحكومة الليبية هذه الأوضاع، خصوصا إذا طال أمد الحرب والجميع مقبل على شهر رمضان؟ وعندما سألنا، اكتشفنا أن هناك هيئات تحمل اسم الجمعيات الاستهلاكية، توجد لديها مخازن المواد الاستهلاكية الأساسية (دقيق وسكر ورز وزيت مثـلا). وتقوم هذه الجمعيات بتوزيع المؤونة على المواطنين شهريا، مقابل إظهار وصل يمنح لكل عائلة عليه بيانات عدد أفراد العائلة. وفي هذه الحالة، إذا عجز المواطن الليبي عن شراء مواد من السوق، سيجد ما يفتقده لدى هذه الجمعيات. وتحصل هذه الجمعيات الاستهلاكية على التموين بالسلع من الحكومة طبعا، وقيل لي إن فكرة هذه الجمعيات قائمة على مواجهة جشع التجار في شهر رمضان مثـلا أو في حالة الأزمات. وعدا هذا الهاجس، قد ينسى المرء لبعض الوقت أن طرابلس تحت حصار جوي وقصف بالليل، حيث يعيش الناس بشكل عادي، فالمحلات مفتوحة، حتى وإن قلت حركة البيع والشراء، والمقاهي مفتوحة أيضا، مع تسجيل ملاحظة، أن الناس تخرج في الليل بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)