الجزائر

الحجاج في شعر الأمير عبد القادر الجزائري



ينطلق الخطاب الشعري الرفيع دائما من قيم انسانية رفيعة ويحاول الشعراء من خلال رؤاهم الفنية ترسيخ هذه القيم في مجتمعاتهم أو الثورة عليها ليستبدلوا بالقيم القديمة قيما جديدة يقتضها العصر والظروف الجديدة أو ترسيخ بعض هذه القيم لمواءمتها للعصر الجديد واستبدال بعضها الآخر تبعا لمعطياتها الجديدة، والحقيقة أن المجتمعات تحاول دائما المحافظة على القيم المتوارثة والدفاع عنها وابعاد كل من تسول له نفسه المساس بها لأن مصلحتها تكمن في بقاءها واستمرارها، ولذلك يختلف الشعراء بين ملتزم بهذه القيم وثائر عليها سواء كانت هذه القيم في المضمون أم الشكل، فالشعر الاحيائي اعتمد القديم المقدس شكلا ومضمونا نتيجة لمعطيات العصر، من احتلال وتخريب وغزو حضاري، فكان التمسك بالأصول والعودة إليها دليلا على ما في هذه الأمة من مواطن القوة والحضارة والتمسك بالهوية من جهة والرفض من كل ما هو غريب من جهة ثانية. ولعل الأمير عبد القادر رائد هذا الاتجاه في المغرب العربي عموما وفي الجزائر خصوصا فقد ظل متصلا بالتراث الأدبي عموما والشعري خصوصا في عصوره الزاهية يستوحيه في الانشاد مع روح تجديدية فكرة وشعورا وطريقة، لقد رجع الأمير عبد القادر بالشعر إلى صياغته الطبيعية التي تستمد جمالها من جزالة الاسلوب ورصانته لذا اصبح موئل الدراسين ومهوى أفئدتهم وكثافة معانيه، فهو يكتنز بالوطنية التعبيرية التي تفصح عن الانفعالات والعواطف والأحاسيس وتقوى على اثارة المشاعر لدى المتلقي، ولما كانت طبيعة البحث تفرض علينا تناول الخطاب الشعري من الوجهة البلاغية باعتبارها أداة الفهم والافهام والتأثير والاستمالة وباعتبار الشعر "كلام موزون مقفى من شأنه أن يحبب إلى النفس ما قُصد تحبيبه إليها ويكره إليها ما قصد تكريهه" (1)، وارتأينا أن نؤكد على الطرح القرطاجي وهو أن الشعر يؤدي إلى تسليم الغير بما يقول وبالتالي فهو يلحق بمعنى الخطابة التي تشمل طريقته الإلقائية الاقناع والاستمالة فهي نمط ليساني يعتمد على الحجاج طلبا للإقناع.

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)